قائمة الموقع

​عمو مهند.. مهرجٌ يعالج الأطفال بالضحك

2018-03-15T10:00:52+02:00

تلك الحركات العفوية والحيل البهلوانية التي أداها أمام إخوته الأصغر منه بلباس الصلاة وهو في عمر السابعة عشرة، كانت كفيلة بأن تضع النقاط على الحروف وتحدد ملامح موهبته في التهريج، كما أنها سرقت قلبه وعقله ولم يستطع أن يعزف عنها رغم دراسته لتخصصين أكاديميين، فحبه لشخصية المهرج جعله يسير خطوة تلحقها أخرى ليصل إلى ضحكة الأطفال وتعزيز سلوكياتهم الإيجابية بأسلوب تربوي وتوعوي وترفيهي علاجي، ومن ثم الوصول إلى العالمية رغم الاعتراضات التي شابت طريقه، وعدم تقبل البعض لمهنته واستخفافهم بها.

مهند محمود شريف (30 عامًا)، من مدينة رام الله، يحمل شهادة جامعية في الصحافة والإعلام، وأخرى في الخدمة الاجتماعية والأسرية من جامعة النجاح الوطنية، وحاز على لقب أفضل مهرج تربوي طبي في العالم العربي لعام 2015، وقبل ذلك بعامين كان قد حصل على أفضل مهرج في فلسطين.

علمٌ قائم

أيقن شريف أن التهريج ليس عملًا عشوائيا، بل هو علم قائم بذاته وله قواعد وأصول فالتحق بدورات ودروس في إيطاليا وإسبانية والإمارات العربية المتحدة من أجل تنمية مواهبه، وليمتلك القدرة على إسعاد الأطفال، كما كان يسعى جاهدًا ليزداد بالمعرفة ويبتكر أساليب جديدة يكون لها الأثر الفعال على الأطفال بطريقة جذابة وخيالية.

بداية طريقه في هذه المهنة، كانت اتخذت طابعًا فكاهيًا، خاصة أنه كان يهرب إليها بدلًا من أن يعكف على كتابه المدرسي لنيل شهادة الثانوية العامة في دولة الإمارات، فكان يخلق أجواء ترفيهية ليضيع وقته، ويرتدي لباس الصلاة ويقوم بحركات عفوية وتلقائية تضحك إخوته، وتبث الفرح في نفوسهم، حتى بدأ يندمج مع شخصية "المهرج"، وفي الوقت ذاته آمن بأن للشهادة العلمية أثر في دعم موهبته.

قال "عمو مهند" كما يناديه الأطفال الذين يسرق قلوبهم بحركاته وأسلوبه: "التحقت بتخصص الصحافة ثم سعيت جاهدًا للحصول على شهادة في الخدمة الاجتماعية والأسرية، وعملت في صحف محلية، ولكن مهنة المتاعب لم تحرفني عن طريق موهبتي، فعملت على تنمية مهاراتي وقدراتي من خلال الالتحاق بدورات تدريبية خارج الوطن".

وأضاف في حوار مع "فلسطين": "مهنة المهرج في الغرب عبارة عن تخصص يُدرس، ويحتاج إلى شخص يمتلك القدرة على التعامل مع الأطفال بشتى شرائحهم، وابتكار وسائل مؤثرة وجديدة في التعامل معهم للتأثير عليهم".

ومن خلال عمله في مجال الصحافة، تمكن من تسليط الضوء على مواهب الأطفال وعمل على تعزيز مهاراتهم السلوكية والإيجابية من خلال برامج تربوية وترفيهية، وبإمكانيات بسيطة يعمل على الوصول إلى هدفه الأسمى وهو كما قال: "أشوف الأطفال مبسوطين وبيضحكوا".

وأوضح شريف: "أصبحت على يقين بأن الطفل الفلسطيني بحاجة إلى المهرج التربوي والطبي أكثر من الصحفي".

في 2010 بدأت نشاطاته تظهر على الساحة، وبدأ بإحياء حفلات ضخمة بألعاب الخفية والخدع البصرية، وهو يرتدي زي المهرج بألوانه الزاهية.

عند "إيريز"

تنقل بين مختلف المناطق والمحافظات والقرى والمخيمات الفلسطينية، كما أنه تحدى الاحتلال وسعى للوصول إلى أطفال غزة قبل تسعة أعوام، وتوجه إلى حاجز "إيريز" بلباسه المبهج الذي يحمل الفرح ضمن مبادرة بعنوان "حلم مهرج ودعوة فرح"، إذ أراد أن يضحك الأطفال ويقدم لهم البلالين.

أدى شريف شخصية "الطبيب المهرج" في المستشفيات، ليخفف عن الأطفال المرضى، وخاصة مع ذوي الحالات المرضية الصعبة منهم، بالإضافة إلى الأطفال المتوجهين من القطاع للحصول على العلاج في مستشفيات الضفة، إثر إصابتهم بفعل اعتداءات الاحتلال، وقصص هؤلاء الأطفال تؤلمه بشدة، لكنه لم يكن يظهر ألمه لهم.

وقال: "عملي نابع من محبتي للأطفال، فأنا قادر على تملك قلوبهم لساعات طويلة، وبعض المرضى أبيت معها في المستشفى، وفي النهاية أنتصر بعلاجهم بالضحك".

وأضاف: "هذا ليس سهلًا، بل يحتاج إلى أفكار إبداعية وأسلوب فكاهي بسيط يؤثر في الأطفال ويساعدهم على تجاوز الحالة التي يمروا بها من خلال تعزيز قوتهم وإرادتهم على مقاومة المرض".

يساعد "عمو مهند" الأطباء في تخدير الأطفال، ويقوم بإطعام الأطفال بعد الإفاقة من تأثير البنج.

وبين أن عمله لا يقتصر على المستشفيات فقط، بل له نشاطات في المدارس والمناسبات الاجتماعية كحفلات الزفاف أعياد الميلاد، والمهرجانات.

ومن منطلق الواجب الوطني تجاه قضيته الفلسطينية وعلى رأسها القدس، خرج قليلا عن مساره في التهريج مع الأطفال، فغنى للقدس أغنية "صوت الغضب"، وقد أراد لها أن تكون رسالة للقدس وأهلها، ولاقت هذه الأغنية رواجًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد 48 ساعة من نشرها وصل عدد مشاهداتها لأكثر من مليون مشاهدة.

اخبار ذات صلة