كشفت مركبة الفضاء "جونو" التابعة لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) عن تفاصيل غير مسبوقة لتكوين المشتري الداخلي، التي تبين أنها غريبة ومضطربة مثل سطح الكوكب.
فرغم الدراسات المكثفة لسطح المشتري، بما في ذلك الأحزمة الداكنة بشكل مميز التي تحيط به وبقعته الحمراء العظيمة الشهيرة، فإنه لم يكن معروفا سوى القليل عما يقع في المناطق الداخلية لأكبر كوكب بالنظام الشمسي.
وتبين النتائج الجديدة -التي تستند إلى قياسات جاذبية عالية الدقة- أن أحزمة المشتري المقلمة ناجمة عن رياح قوية جدا تمتد إلى عمق ثلاثة آلاف كيلومتر تحت السطح.
كما وفرت مهمة "جونو" أيضا إجابة جزئية عما إذا كان لدى الكوكب مركز، حيث أظهرت أن 96% من داخله يدور "كجسم صلب" رغم أنه من الناحية الفنية يتألف من مزيج كثيف للغاية من غاز الهيدروجين والهيليوم.
وتصف النتائج -التي نشرت في أربع ورقات منفصلة في مجلة "نيتشر"- مجال الجاذبية للكوكب (الذي هو غير متناظر بشكل مدهش) والتدفقات الجوية، والتكوين الداخلي والأعاصير القطبية.
وقال جوناثان فورتني، وهو عالم فلك في جامعة كاليفورنيا سانتا كروز كتب تحليلا للنتائج، إن "الأمر المهم أن هذا يخبرنا كيف يعمل داخل المشتري. فقد كان الناس يتقاتلون حول هذا الموضوع منذ ولادتي".
وكان السؤال المهم هو ما إذا كانت أحزمة المشتري -الناجمة عن التيارات الجوية التي هي أقوى بخمسة أضعاف من أقوى الأعاصير على الأرض- هي ظاهرة "طقس" مماثلة لتدفقات الهواء الأرضية، أو أنها جزء من نظام حمل حراري متأصل.
وتشير آخر أرصاد "جونو" إلى النقطة الأخيرة، حيث تظهر أن التدفقات استمرت إلى نحو ثلاثة آلاف كيلومتر تحت السطح، وهو عمق يكفي ليسبب التموجات وعدم التماثل في مجال جاذبية الكوكب والتي كانت ملحوظة لمجسات الكشف في المركبة الفضائية.
وعلى الأرض، فإن الغلاف الجوي يمثل حوالي واحد بالمليون من كتلة الكوكب بأكمله، في حين أن نتائج "جونو" تشير إلى أن هذا الرقم أقرب إلى 1% بالنسبة المشتري.
ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت هذه النتائج تنطبق على "البقعة الحمراء العظيمة" -وهي عاصفة تم رصدها على سطح المشتري منذ قرون- ومن المتوقع أن تقوم البعثة بمزيد من الرصد هذا العام والذي قد يكشف عن عمق جذور هذه البقعة.
المصدر : غارديان