فلسطين أون لاين

عائلةٌ أقصى أحلامها بيتٌ يدفئ أطراف صغارها في البرد

...
غزة - نسمة حمتو


بعض أرغفة الخبز الصغيرة وإناءٌ به طعام بائت، وأنبوبة غازٍ صدئة؛ وصحنٌ به عددٌ قليل من حبات الزيتون الأخضر، فيما الابن الأصغر يرتدي بنطالاً قصيراً؛ و"كَنزة" بالية بها قبعة من الخلف وضعها على رأسه ليقاوم البرد.

في الغرفة الأولى تبيت الأم وبناتها؛ وفي الغرفة الثانية ينام الأولاد الأربعة إلى جانب بعضهم كي يشعروا بالدفء، وبين شخيرِ هذا وحركة ذاك يكون النوم صعبا للغاية، هذا المشهد تحديداً تعيشه عائلة "م.ع" يومياً في ظل ظروف صعبة تعيشها بعد توقف رب الأسرة عن العمل.

أوضاع صعبة

في أزقة شوارع مدينة دير البلح تعيش هذه العائلة في أوضاعٍ اقتصادية صعبة للغاية منذ ما يزيد عن عشر سنوات، تحديداً بعدما توقف الأب عن العمل داخل الخط الأخضر كغيره من مئات الفلسطينيين الذين كانوا يحصلون على تصاريح عمل لتوفير لقمة العيش لأبنائهم.

سنواتٌ طويلة و "م.ع" يحاول البحث عن عملٍ آخر يستطيع أن يدفع من خلاله ثمن إيجار المنزل والذي يتجاوز 500 شيكل شهرياً.

هذه العائلة كانت تعيش قبل 20 عاما في بيت العائلة؛ ولكن نتيجة لبعض الخلافات اضطرت للانتقال للعيش في بيت بالإيجار ومن يومها وضعها يزداد سوءا لعدم وجود دخلٍ ثابت تستطيع العائلة أن تنفق منه على أبنائها الخمسة.

تقول الأم التي كانت ترتدي عباءة سوداء وتضع على كتفها شالا صوفيا:" نعيش في بيتٍ لا يصلح للسكن أبداً فهو مفتوح من كل الجهات في الشتاء تدخل المياه علينا من كل الجهات ولا نملك وسائل تدفئة لنحمي أنفسنا من هذا البرد سوى بإشعال النيران من الكرتون فقط".

مساعدة عاجلة

وتضيف الأم التي أتعبها الفقر :"زوجي يعمل على بند البطالة؛ أي أنه ربما يحصل على عمل هذا الشهر وباقي الأشهر يجلس في المنزل دون عمل، لدي ابنٌ في الجامعة كان في السنة الثانية ولكنه اضطر لتأجيل دراسته لمساعدة والده في البحث عن عمل وتوفير لقمة العيش لنا".

في البيت لا يوجد سوى دورة مياه صغيرة معطلة غير صالحة للاستخدام ومطبخ خالٍ تماماً من الأدوات المنزلية، فيضطر الأبناء لاستخدام المطبخ بدلاً من دورة المياه أو الذهاب إلى المسجد لقضاء حاجتهم.

وتكمل قولها:" غالباً ما نضطر لتسخين المياه على الغاز للاستحمام فلا يوجد لدينا حمام شمسي، ويضطر أبنائي للاستحمام في المطبخ فلا يوجد دورة مياه جيدة ولا نستطيع إصلاحها فهي تحتاج إلى مبلغ كبير".

قبل سنوات حصلت الأم على ميراث صغير من عائلتها اشترت به قطعة أرض صغيرة لا تتجاوز الثمانين مترا كي تبني بيتا لها ولعائلتها فيه, ولكنها لم تستطع حتى الآن سوى بناء "الأساسات" بسبب الظروف المالية الصعبة التي تعيشها وهي تتمنى أن تجد من أهل الخير من يستطيع مساعدتها لإكمال بنائها.

وتقول الأم عن وضع أبنائها:" لدي ابنة تعاني من زيادة الكهرباء اضطررت لمنعها من الذهاب للمدرسة بسبب نوبات زيادة الكهرباء التي تحصل لها في الشارع ولا نملك الأموال الكافية لعلاجها، ولدي ابنة أخرى حصلت على معدل 87% العام الماضي في الثانوية العامة؛ ولكنني لم أستطع تسجيلها في الجامعة وهي تبكي ليل نهار تريد إكمال دراستها ولكنني لا أستطيع فعل شيء لها".

بيتٌ جديد

تحاول هذه العائلة الاعتماد قدر الإمكان على المساعدات التي تحصل عليها من أهل الخير في بعض الأحيان لتوفير الطعام، فالثلاجة التي حصلت عليها كمساعدة فارغة تماماً لا يوجد بها طعام كما أنها لا تعمل على حفظ الطعام بسبب رداءتها.

وتضيف الأم عن حالتهم في الشتاء:" هذه الأيام تتجمد أطرافنا وتصبح داكنة لأن المنزل مكشوف وليس مُغطى من الجوانب ولا نستطيع تحمل البرد، كما أن الغرف ضيقة جداً لا تتسع أبنائي؛ وتنام بناتي معي بالغرفة وأبنائي بالكاد تكفيهم الغرفة".

كل ما تريده هذه العائلة أن تجد من يساعدها في بناء بيتها كي تستطيع أن تحمي نفسها في هذا البرد القارس، فهي لا تحتاج سوى سقف وجدران تحتمي بهم من برودة الشتاء القاتلة.