صادقت لجنة الداخلية في الكنيست الإسرائيلي، أمس، على تعديل قانون يشرعن لشرطة الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثامين شهداء فلسطينيين، ووضع شروط أمام عائلاتهم في تنظيم الجنازات لهم.
ويأتي تعديل القانون، الذي بادر إليه وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال غلعاد إردان، في أعقاب قرار المحكمة العليا، في تموز/ يوليو الماضي، الذي ينص على أنه لا توجد صلاحية لدى شرطة الاحتلال في احتجاز جثامين شهداء نفذوا عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وينص تعديل القانون المشار إليه على أن شرطة الاحتلال تستطيع إصدار أمر بمنع تسليم جثمان شهيد إلى حين يتعهد منظمو الجنازة بتطبيق الشروط التي تضعها الشرطة.
كما تستطيع شرطة الاحتلال، بموجب التعديل، احتجاز الجثامين إذا كانت "تقديراتها تشير إلى أن تنظيم الجنازة قد ينطوي على مخاوف بالمس بأشخاص، أو التحريض على الإرهاب، أو إبداء تماثل مع الشهيد وما قام به".
وتخول شرطة الاحتلال صلاحية وضع شروط قبل الجنازة، تشمل تحديد عدد المشيعين، ومنع أشخاص معينين من المشاركة في التشييع، ووضع مسار للجنازة، وتحديد توقيتها.
وفي حالات معينة تخول شرطة الاحتلال بتحديد مكان الدفن، كما تستطيع فرض كفالة مالية لضمان تنفيذ الشروط.
وكانت المحكمة العليا قررت في تموز/ يوليو الماضي، أنه يجب على شرطة الاحتلال تسليم جثامين ثلاثة شهداء نفذوا عملية في الحرم المقدسي إلى عائلاتهم لدفنهم. وفي الوقت نفسه أشار قضاة المحكمة إلى أن "القرار لا ينتقص من صلاحية وواجب الشرطة في تفعيل مجمل صلاحياتها الأخرى ذات الصلة من أجل الحفاظ على القانون والنظام".
هروب قضائي
وقالت المتحدثة باسم الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، سلوى حماد، إن سلطات الاحتلال تسعى لتشريع احتجاز جثامين الشهداء بطريقة "ذكية"، تمنع إمكانية ملاحقتها أمام القضاء المحلّي أو الدولي.
وأضافت حماد، لـ"الأناضول"، أمس، إن التعديل الذي أجرته لجنة الداخلية الإسرائيلية، لم يصرح بأن (إسرائيل) ستقوم باحتجاز الجثامين، غير أنه أقرّ شروطا تسمح لها باحتجازها حتى تتم الاستجابة لتلك الشروط.
وتابعت: التوجّه لمؤسسات دولية لن يكون سهلا في قضية الجثامين، مشيرة إلى أن "الأمر بات معقدا حتى أمام المحاكم الإسرائيلية التي تماطل كثيرا في القضايا المرفوعة من طرفنا".
من جهته، قال عضو لجنة متابعة احتجاز جثامين الشهداء المحامي محمد عليان، إن إجراء التعديل يندرج في إطار العقوبات الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد أهالي الشهداء.
وأوضح عليان لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يهدف من خلال هذه التشريعات، شرعنة إجراءات شرطته ضد أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم، وحمايتها من أي اعتراض أمام المحكمة، ومنع العائلة من التوجه للمحكمة أيضا.
وبيّن أن هذه الشروط كانت مفعلة في السابق، لكن الاحتلال أراد شرعتنها عبر سن قوانين من الكنيست وإعطاء صلاحية لشرطته للتصرف كيفما تشاء، من أجل حمايتها قانونياً أمام المحكمة العليا.
وعّد سن هذه القوانين بمثابة "مصادرة لحق العائلة في دفن ابنها الشهيد"، مشدداً على أنها مخالفة للقوانين الدولية والشرائع السماوية التي تحترم حقوق وكرامة الإنسان.
وأكد عليان أن هذه القوانين تؤثر سلباً على أهالي الشهداء، وتزيدهم ألماً فوق ألمهم، لافتاً إلى أن العائلات تخوض معركة مقاومة إجراءات حكومة الاحتلال لوحدها.
واستغرب عليان، صمت السلطة الفلسطينية وضعف الحراك في الشارع الفلسطيني، إزاء الإجراءات التي تتخذها سلطات الاحتلال ضد أهالي الشهداء، مطالباً بتغيير الاستراتيجية المُتبعة في نشر الرواية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال.
وشدد عليان على ضرورة الضغط على الاحتلال من خلال وسائل عدة، أبرزها اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية، ومخاطبة الأمم المتحدة، في ظل ادعاءات الاحتلال بمواجهة "الارهاب وهي تمارس الارهاب الحقيقي ضد الفلسطينيين".
وبحسب عليان، فإن الاحتلال لا يزال يحتجز جثامين 18 شهيدا ارتقوا منذ انتفاضة القدس مطلع أكتوبر/ تشرين أول 2015م، 6 من قطاع غزة بينهم الصياد إسماعيل أبو ريالة، و12 شهيداً من الضفة، و2 آخرين من القدس.