فلسطين أون لاين

مسيحيو غزة.. أجواء احتفالٍ مُكدَّرة وفرحة سفرٍ "منقوصة"

...
صورة أرشيفية
غزة - نسمة حمتو


لم يخفِ جبر الجلدة سعادته، وهو يستعد وأبناءه الثلاثة وزوجته لزيارة كنيسة "بيت لحم"، للصلاة والاحتفال بعيد الميلاد المجيد، ورغم أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت أحد أبنائه من السفر إلى بيت لحم، إلا أنه يحاول قدر الإمكان عدم تعكير فرحة بقية أبنائه الذين حرموا من زيارة أعمامهم وخالاتهم مدة تزيد عن 16 عاما بسبب التشديدات الإسرائيلية على أعمار المسحيين الذين يغادرون القطاع كل عام.

راحة كبيرة

الجلدة والذي يعمل مديراً للعلاقات الدينية في كنيسة الروم الأرثوذكس، يشعر براحة كبيرة كل عام كون عمره الخمسيني يشفع له عند الإسرائيليين للدخول إلى أراضي الضفة الغربية.

وقال الجلدة لـ"فلسطين" عن أجواء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد هذا العام: "رغم أن قوات الاحتلال الإسرائيلي سمحت لي بزيارة مدينة بيت لحم برفقة أبنائي هذا العام إلا أن الفرحة لازالت منقوصة فكثير من الأقارب والأصدقاء كانوا يتمنون الاحتفال في مدينة بيت لحم ولكنهم منعوا بسبب التشديدات الإسرائيلية على معبر بيت حانون "إيرز".

وتحوِّل القيود الاسرائيلية على التنقل من وإلى قطاع غزة، عطلة عيد الميلاد إلى حزنٍ لمن بقي من المسيحيين في غزة، حيث لا يسمح لهم بالذهاب للصلاة في القدس أو بيت لحم ولا يستطيع أقاربهم زيارتهم في القطاع.

يشار إلى أن الكنيسة عكفت على تقديم 1140 طلبا للسفر إلى بيت لحم لم توافق قوات الاحتلال إلا على 686 تصريحا فقط.

وأضاف:" هناك أكثر من 300 اسم من الذين تمت الموافقة عليهم لن يستفيدوا من التصاريح كونها تشمل أبناء صغار دون عائلاتهم".

ورغم الموافقة التي حصل عليها الجلدة للسفر إلى بيت لحم والاحتفال بإضاءة الشجرة هناك إلا أنه يرى بأن الأجواء لازالت معكرة في قطاع غزة؛ وأن الاحتفال فيها محدود جداً يقتصر على بعض الصلوات وزيارة الأقارب فقط.

ويعود الجلدة بالزمن إلى 10 سنوات قبل فرض الحصار على قطاع غزة، حيث كان يحتفل مع عائلته وأقربائه بإضاءة شجرة عيد الميلاد في الجندي المجهول، ولكن بعد فرض الحصار على قطاع غزة بدت أجواء الاحتفال باهتة خالية من الفرحة، على حد قوله.

إعلام كاذب

ولم يختلف الحال كثيراً عند سامر ترزي الذي شعر بفرحة كبيرة عندما وافقت قوات الاحتلال على سفر أبنائه الثلاثة الذين لم يتجاوز عمر أكبرهم 8 سنوات للسفر إلى بيت لحم، ولكن هذه الفرحة سرعان ما زالت بعد علمه بأن قوات الاحتلال لم توافق على سفره وزوجته.

وعدّ ترزي والذي يعمل مديراً لشبكة الأرض المقدسة للإعلام، بأن التسهيلات التي تتحدث عنها إسرائيل للمسلمين والمسيحيين هي مجرد دعاية لا تتجزأ من الإعلام الإسرائيلي الكاذب؛ حسب قوله.

وأكد ترزي أنه من حق كل فلسطيني التنقل بين المدن الفلسطينية للاحتفال بالأعياد، لافتاً إلى أن أجواء الاحتفال في غزة مقتصرة فقط على الطقوس الدينية وزيارة الأهل والأقارب فقط.

ورغم التضييقات التي تفرض على الغزيين بسبب الحصار المشدد على قطاع غزة، إلا أن ترزي يأمل بأن تتحرر فلسطين ليستطيع السفر إلى الضفة دون أي قيود وليتمكن من الاحتفال وعائلته هناك.

أجواء جميلة

الوضع كان مختلفا قليلاً عند غادة أبو داود، التي غادرت قطاع غزة قبل أيام إلى مدينة بيت لحم لتحتفل بإضاءة شجرة عيد الميلاد هناك ككل عام، ولكن فرحتها كانت منقوصة بسبب عدم تمكن أصدقائها من القدوم إلى بيت لحم للتمتع بأجواء الاحتفال هناك.

أبو داود التي عبرت عن سعادتها البالغة كونها لم تُمنع من زيارة مدينة بيت لحم في هذا الوقت من العام، قالت: "مهد المسيح شيء رائع يتمنى الجميع الوصول إليه وكنت أتمنى أن يتمكن جميع مسيحيّي قطاع غزة من السفر إلى بيت لحم فالأجواء رائعة هنا".

وأجواء عيد الميلاد جميلة أينما كان مكانها سواء في قطاع غزة أو في بيت لحم فهي أجواء دينية تُشعر بالراحة، كما أشارت أبو داود.

وأبدت أبو داود أملها في أن يتمكن المسئولون من التدخل من أجل سفر المسيحيين الذين منعتهم قوات الاحتلال من السفر ليتمكنوا من زيارة أهلهم وأقاربهم الذين حرموا من رؤيتهم لسنوات طويلة.

تصاريح فارغة

من جانبه قال سهيل ترزي مدير مؤسسة بيلست للدراسات والنشر والإعلام، أن سلطات الاحتلال بالإضافة إلى أنها منحت الكثير من التصاريح لأطفال؛ فقد أصدرت أيضاً لكبار في السن ممن يحتاجون إلى مرافقين، وفي كثير من العائلات مُنحت التصاريح لفرد واحد من العائلة.

ترزي والذي كان يأمل هذا العام أن يتمكن من زيارة مدينة بيت لحم للاحتفال بعيد الميلاد المجيد، لم يحصل على تصريح من قوات الاحتلال، فقد وافقت على حصول عائلته على تصريح واحد فقط كان من نصيب زوجته، لذا ستحرم عائلته بأكملها من التمتع بأجواء عيد الميلاد هذا العام.

أما عن أجواء الاحتفال في قطاع غزة، أوضح بأنها تقتصر على الطقوس الدينية فقط، قائلاً: "الوضع الاقتصادي بسبب الحصار المفروض منذ سنوات جعل الاحتفال بعيد الميلاد بسيطا جداً، كذلك لا يوجد فرص عمل للشباب لا نستطيع وصف الوضع في غزة سوى بأنه مأساوي".

وطالب ترزي جميع الجهات المختصة بأن تدعم باتجاه فتح معبر رفح بشكلٍ دائم؛ لتسهيل عملية التنقل من غزة لمصر؛ حتى يتسنى لهم السفر للخارج ويحصلوا على فرص عمل أفضل.