"معركة الفرقان"، تلك المعركة التي دامت 23 يوما، واستطاعت خلالها المقاومة الفلسطينية إفشال أهداف الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه، والتي كان أبرزها: استعادة الجندي الإسرائيلي الأسير لدى كتائب القسام، آنذاك، جلعاد شاليط، وإنهاء حكم حركة "حماس" أو إرضاخها للقبول بشروط الرباعية الدولية.
وبدأت شرارة عدوان 2008 على قطاع غزة، يوم 27 ديسمبر 2008 حتى 18 يناير 2009، أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية "معركة الفرقان"، في حين أطلق عليها الاحتلال عملية "الرصاص المصبوب"، انتهت بفشل أهدافه المعلنة، أمام صمودٍ أسطوري للمقاومة والتفاف الجماهير الفلسطينية حولها، وفق مراقبين.
"نعم تمكنت المقاومة من إفشال أهداف الاحتلال من خلال الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني والتفافه حول المقاومة، وصمود المقاومة في وجه الاحتلال على مدى 22 يوما من العدوان"، والقول للمحلل السياسي مصطفى الصواف.
وتابع الصواف في حديثه لصحيفة "فلسطين": "فشاليط بقي في الأسر والمقاومة بقيت وتطورت، وحماس تمسكت أكثر بثوابتها"، لافتا إلى أن معركة الفرقان كانت بداية هزيمة (إسرائيل) وإفشال أهدافها.
وأضاف: "كانت مؤشرا على أن المقاومة كانت تعد نفسها وتطور أداءها"، مشيرا إلى أنها سجلت نقطة انطلاق نحو التمكين والقدرة على صد أي عدوان، و"كان ذلك واضحا في معركتي حجارة السجيل (عدوان 2012)، والعصف المأكول (عدوان 2014)، واللتين أفشلتا كل أهداف العدو، كما استطاعت المقاومة نقل المعركة إلى عمق الاحتلال".
ولعل من أهم التكتيكات التي استخدمتها المقاومة في صد العدوان، تفخيخ الجدران والمنازل، ومواجهة جنود الاحتلال من نقطة الصفر، ومواصلة الاشتباك في الميدان رغم ضعف إمكانات المقاومة آنذاك إلى جانب استخدام قذائف الهاون وتفجير العبوات الناسفة عن بعد، وفق الصواف.
وأكد أن "معركة الفرقان بددت وهم الجيش الذي لا يقهر وكسرت شوكته، وأكدت أن جيش الاحتلال يمكن هزيمته".
معركة إرادة
من جهته، قال الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور محمود العجرمي، إن "حروب ومعارك الشعوب مع محتليها معارك إرادات .. لذلك نجحت المقاومة المدعومة بالإرادة الشعبية في حرب استمرت 22 يوما بإفشال أهداف الاحتلال السياسية والعسكرية".
وأضاف العجرمي لصحيفة "فلسطين": "المعركة فرضت تآكلا جديدا في قدرة ردع الاحتلال، الذي شن عدوانه من أجل إسقاط حكومة حماس وإنهاء المقاومة وعمودها الفقري حركة حماس، واستعادة الجندي الأسير لدى حماس جلعاد شاليط، إلى جانب تسليم إدارة قطاع غزة للسلطة في رام الله"، مشيرا إلى أن تلك الأهداف فشلت تحت رماية المقاومة وصمودها الأسطوري.
ولفت العجرمي إلى أن الفشل كان حليف الاحتلال رغم استخدام كامل طاقته العسكرية ونخب وحداته العسكرية التي غرقت في رمال غزة المتحركة، قائلا: "المقاومة اعتمدت على حرب المجموعات بعيدا عن المركزية، وهي مجموعات تقاتل وفق خطط عامة، ولها اتصالات سلكية مباشرة".
ورأى أن "شبكات الأنفاق في ذلك الوقت وإن كانت قليلة، فرضت على العدو قتالا أعمى، فلم يصب أهدافا استراتيجية حقيقية خلال العدوان، إلى جانب التمويه والإخفاء وهما جنديان فعالان، كما أن إرادة القتال والإيمان بعدالة القضية، جميعها عوامل ساهمت في صمود المقاومين على المستوى العسكرية والمعنوي".
وأوضح أن جوهر المعركة، الإرادة التي كانت تملكها المقاومة، "فشعب فيتنام قاتل أمريكا وانتصر عليها بأسلحة خفيفة وبمجموعات لا يمكن مقارنتها بالقوة التي تملكها أمريكا، لذلك لا يمكن مقارنة الأمور من زاوية القوة، بين شعب واحتلال، فالمعارك هي معارك إرادات وليس أسلحة".
واستعرض العجرمي تطور صواريخ المقاومة والتي كانت في معركة الفرقان ذات مدى قريب، في حين، أصبحت اليوم صواريخ مؤثرة في المدى والدقة والرأس التدميري، مشيرا إلى أن معركة الفرقان تعد محطة انطلاق قوية نحو التطوير وتعزيز القوة.
ويحيي الفلسطينيون الذكرى الثامنة لمعركة الفرقان، اليوم، والتي راح ضحيتها نحو 1450 شهيدا، وأطلقت خلالها المقاومة الفلسطينية نحو 980 صاروخًا وقذيفة على البلدات المحتلة المحاذية لقطاع غزة.
ويذكر أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" نجحت في عقد صفقة وفاء الأحرار عام 2011، أفرجت بموجبها عن الأسير شاليط، مقابل إفراج الاحتلال عن 1027 أسيرا وأسيرة، عدد كبير منهم من أصحاب الأحكام العالية.