تأتي زيارة الوفد الأمني المصري لغزة بعد مرور كافة استحقاقات اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي فتح وحماس في 12 أكتوبر/ تشرين أول الماضي والتي لم تقم الحكومة حسب مراقبين بتنفيذ أي منها خاصة فيما يتعلق بحل مشكلة موظفي غزة وصرف رواتبهم، رغم تسلم كافة الوزارات والمعابر.
زيارة الوفد المصري حسبما يرى محللان فلسطينيان لصحيفة "فلسطين" تعني أننا أمام فرصة جديدة لاستعادة المصالحة وأن مصر لم تصل لنقطة النهاية لتحديد الطرف المسؤول عن تعطيل المصالحة، وأن هذه الزيارة إما أن تفضي لتحريك المصالحة، أو قد تتصرف مصر بشكل احادي الجانب بأن تتخذ اجراءات لتخفيف المعاناة عن غزة.
لكن تحريك المصالحة، وفق ذات المحللين، يتعلق بمدى الضغوط التي سيمارسها الوفد لاستعادة الوحدة وإزالة كافة الملفات العالقة، معتقدين أن الوفد سيتصرف مع الحكومة وحركة فتح في ضوء الشروحات التي قدمتها حماس، وستكون أمامه معضلات أهمها ملف موظفي غزة، وتنصل الحكومة من مسؤولياتها.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن زيارة الوفد الأمني المصري لغزة تأكيد على أن مصر تتصرف بمسؤولية وجدية تجاه المصالحة.
وقال عوكل: "إن الزيارة يعني أننا أمام فرصة جديدة لاستعادة المصالحة، واستبعد أن تكون هذه الزيارة لتجريب اللقاءات مرة أخرى، وهي في كل الحالات زيارة مهمة فإما أن تفضي لتحرك في موضوع المصالحة، أو أنها ستفضي لانطباعات تقييمية وتغيير في طريقة التعامل مع الأطراف الفلسطينية، وأن تقتنع مصر بأن فتح هي من تعطل المصالحة.
الكرة بمرمى فتح
ولفت عوكل إلى أن زيارة الوفد الأمني المصري لغزة تأتي بعد حوارات عميقة مع حماس بالقاهرة، ناقش خلالها ما تنسبه فتح إلى حماس حول موضوع التمكين، مبينا أن الكرة الآن في مرمى حركة فتح التي عليها أن تأتي وتتسلم وتتمكن وتبدأ بالتقدم نحو المصالحة.
وعن أهم المعضلات التي تواجه الوفد المصري، أوضح أن أهمها هي الجباية الداخلية والقضاء والموظفون وهي الملفات التي ما زالت عالقة، مشيراً إلى أنه إذا حصلت حماس على ضمانات مصرية بمعالجة مشكلة الموظفين، فإنها ستستكمل تسليم بقية الملفات، خاصة أن اللجنة الإدارية القانونية أنهت عملها وأوصت باستيعاب الموظفين.
وتبعا لكلام عوكل، فإن الوفد المصري لم يصل لنقطة النهاية ليحدد الطرف المسؤول عن تعطيل المصالحة، لأنه عندما سيحدد ذلك فإنه من المفترض أنه يتبعه اجراءات، لكن هذه المرة سيحاول تذليل العقبات، في ظل وجود مؤشرات ايجابية حصلت بلقاءات القاهرة بين حماس والمسؤولين المصريين التي استمرت طويلا.
وبين أن الوفد المصري سيتصرف مع الحكومة وحركة فتح في ضوء ما دار بين حماس والمسؤولين المصريين بالقاهرة، مبينا أنه إن لم يحصل تقدم فإن مصر قد تتصرف بشكل احادي الجانب بأن تتخذ اجراءات تخفيف عن غزة وتحسن العلاقة مع حماس، وهذا قد يفضي إلى سيناريوهات مختلفة منها تشكيل لجنة لإدارة غزة ان استمرت فتح بتعطيل المصالحة.
استئناف الحوار
ويوافق الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب رأي عوكل، موضحا أن الجانب المصري لاحظ أن هناك تعطيلا في عملية استمرار جهود المصالحة واستعادة الوحدة رغم كافة الضغوط والمبادرات السابقة لتفعيلها، معتقدا أن حضور الوفد الأمني المصري بالتوازي مع حضور وزراء من حكومة الحمد الله، من شأنه تعجيل استئناف الحوار الوطني الداخلي من أجل انهاء كافة الملفات العالقة خاصة موضوع التمكين وموظفي غزة.
ورأى حبيب فيما يتعلق بموضوع التمكين، أن هناك بعض الإشارات من الحكومة كالحديث عن استيعاب 20 ألف موظف من غزة رغم ربط ذلك بالتمكين، ولكنه يرى أن المشكلة لا تكمن في التصريحات بل بالتنفيذ على الأرض.
وقال: "علينا ان ننتظر ونرى كيف يمكن أن يوفر الوفد المصري أرضية لاستعادة المصالحة، ومدى الضغوط التي سيمارسها من أجل استعادة الوحدة، وازالة الملفات العالقة التي تعترض عملية المصالحة".
ويعتقد حبيب أن عقوبات السلطة ضد غزة والتي لا توجد أي مؤشرات حتى اللحظة بالتراجع عنها، تشكل إحدى أهم العقد التي تواجه المصالحة، وتشير إلى عدم وجود حسن نوايا من السلطة والحكومة فيما يتعلق بملف موظفيها، وخاصة أن موضوع العقوبات له علاقة وانعكاس على المصالحة.

