فلسطين أون لاين

​لماذا اختير 14 مايو المقبل لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة؟

...
مبنى السفارة الأمريكية في "تل أبيب" (أ ف ب )
غزة - نور الدين صالح

في خطوة غير مُستبعدة من الإدارة الأمريكية المعروفة بانحيازها الكامل لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أعلنت الخارجية أن عملية نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة ستكون في الرابع عشر من شهر مايو المقبل.

ويأتي القرار الأمريكي بعيد شهرين من إعلانها عاصمة مزعومة لـ(إسرائيل) في 6 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقرار الخارجية في 16 يناير/ كانون الثاني تخفيض قيمة المساعدات الأمريكية إلى النصف (65 مليون) دولار.

لكن تحديد نقل السفارة في 14 مايو، يترك تساؤلاً مهماً حول دواعي اختيار التوقيت، الذي يتزامن مع الذكرى الـ70 لنكبة الفلسطينيين باحتلال وطنهم، حيث يرى مراقبون أن تحديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا التاريخ يهدف كمحاولة لإثبات وجود دولة (اسرائيل) وعاصمتها القدس.

ويقول المختص في الشأن الدولي د. أشرف الغليظ، إن ترامب يسعى لإرضاء الحركة الصهيونية، التي وعد بخدمتها في دعايته الانتخابية قبل توليه الرئاسة.

ويعتقد الغليظ في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن ترامب يريد إثبات ما قاله قبل الانتخابات حول نقل سفارة واشنطن إلى القدس، في 14 مايو، وهو يوم إعلان إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويشير إلى أن قرارات الإدارة الامريكية سيكون لها مردود سلبي على الفلسطينيين، لا سيما اللاجئين منهم، كونهم يعانون أوضاعاً صعبة في الدول المقيمين فيها، وفي ظل تخلي الدول العربية عنهم.

وأبرز التأثيرات وفقاً للغليظ، أنها تُبقي اللاجئين ضحية لهذه القرارات، مما يجعلهم "غرباء" في الدول التي تستضيفهم، منبهاً إلى ضرورة وحدة الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام السياسي، من أجل مواجهة القرارات الامريكية.

وبتحديد موعد نقل السفارة رسمياً يكون ترامب قد نسف كافة المواثيق الأممية بشأن القدس، حيث كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد تبنت بأغلبية كبيرة في 21 من ديسمبر، قرارا ينص على رفض أي إجراء يفضي إلى تغيير الوضع في القدس مما يعني رفض القرار الأمريكي.

عدوان سافر

بدوره، وصف مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين في لبنان علي هويدي، إعلان ترامب عن موعد نقل السفارة للقدس بأنه "عدوان ثالث" خلال شهرين.

ويوضح هويدي خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن العدوان الأول كان الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، والثاني تجميع المبالغ المُقدمة للاجئين كمقدمة لتصفية قضيتهم، والثالث تحديد موعد نقل السفارة.

يخالف قرار ترامب السياسة الأمريكية القائمة منذ عام 1995، حين مرر الكونجرس الأمريكي قانون سفارة القدس عام 1995، والذي يقضي بنقل السفارة من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ رئاسة بيل كلينتون مرورًا بجورج دبليو بوش كما باراك أوباما لجأت إلى استخدام استثناء تنفيذي، لتأجيل نقل السفارة، "من أجل مصلحة الأمن القومي الأمريكي".

ويعتبر هويدي، تحديد الموعد "تحديا سافرا للشعب الفلسطيني، وللأمة العربية بشكل عام"، مشيراً إلى أن ترامب يدرك بأن هذا التاريخ (14 مايو) يعني الدعم المُطلق من الإدارة الامريكية للكيان الصهيوني.

ويشير إلى أن الإعلان يوصل رسالة مفادها أن "العلاقة العضوية بين الإدارة الأمريكية والكيان مستمرة، وأخرى للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لا تفكروا بحق العودة".

والرسالة الثانية وفقاً لهويدي، هي "أن الإدارة الامريكية حاضرة لدعم (إسرائيل)، على كافة المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، والرؤية الاستراتيجية لوجوده في المنطقة، وتقديم خدماته للحركة الصهيونية".

ويستدرك "لكن القضية الفلسطينية تستمد قوتها من حيوية استمرارها حتى اللحظة، وأن الشعب الفلسطيني لن ينساها"، مشيراً إلى أن التاريخ "مفصلي ويؤسس لمرحلة من الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي، حتى دحره عن الأرض الفلسطينية".

ويختم حديثه، بمطالبة أن يكون هناك استنهاض لمواجهة العدوان الامريكي، عبر حراك رسمي فلسطيني يحمل القضية الفلسطينية للمحافل الدولية، ومنها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، داعياً إلى دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، والاستمرار بها، للوصل إلى العصيان المدني، لإرباك الاحتلال.

يشار إلى أن ما يسمى "القانون الأساسي للقدس لسنة 1980 هو القانون الذي بموجبه أعلنت دولة الاحتلال ضم شرقي القدس تحت سيادتها، وأثار زوبعة ضخمة من الانتقادات والتحركات، وكان السبب المباشر في صدور قرار مجلس الأمن رقم (478). وقد أدان قرار المجلس القانون المذكور بشدة واعتبره منعدماً وباطلاً ويجب إلغاؤه، وطالب الدول بعدم التعاطي معه، أو إقامة أي بعثات دبلوماسية في المدينة واستجابت حينها الدول الـ13 التي كان لها سفارات في القدس، وقامت بنقل سفاراتها. وبعد 37 سنة من القرار صدر قراراً أشد وطأة (إعلان القدس عاصمة لإسرائيل) دون أن يحرك العالم ساكناً.