فلسطين أون لاين

​خلال حفل تأبين في غزة

القسام تمنح "الزواري" وسام القدس.. وتطالب الأمة بمقاومة الاحتلال

...
غزة- نبيل سنونو

منحت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وذراعها العسكري كتائب عز الدين القسام، الإثنين 26-12-2016، "وسام القدس" للشهيد التونسي محمد الزواري، الذي اغتاله "الموساد" الإسرائيلي في صفاقس جنوبي تونس في الخامس عشر من الشهر الجاري، مطالبةً الأمة العربية والإسلامية بحشد جهودها وطاقاتها وتصويب البنادق نحو الاحتلال الإسرائيلي.

جاء ذلك خلال حفل تأبين مهيب نظمته "القسام" في غزة، بحضور النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، ونواب في المجلس، وأعضاء في المكتب السياسي لـ"حماس"، ووزراء سابقون، وقادة في "القسام"، وقادة الأجهزة الأمنية، ونخب سياسية وإعلامية ووجهاء، وممثلو فصائل المقاومة، فيما ألقى كلٌّ من رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، والرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، وأرملة الشهيد الزواري كلمات داعمة للمقاومة.

وأوضحت "القسام" أن منح الزواري وسام القدس، يأتي "تقديرا لجهوده في تطوير وسائل المقاومة وانضمامه لكتائب الشهيد عز الدين القسام"، وتسلم درع التكريم "رفاق دربه في سلاح الطيران".

وقال القائد الميداني في "القسام"، أبو محمد: "إن دماء العروبة والإسلام التي جرت في عروق شهيدنا المهندس محمد الزواري، ستظل سارية ومتدفقة بالعطاء والابداع، ولن يؤثر استشهاده على مسيرتنا المباركة في الإعداد والتطوير واستثمار كل الطاقات الممكنة في معركتنا المتواصلة مع عدونا الغاصب".

ودعا في كلمة الكتائب، الشباب العربي والمسلم "بل وكل أحرار العالم" إلى اقتفاء أثر الشهيد الزواري في "حشد كل الجهود وتوجيه كل الطاقات نحو الوجهة الصحيحة وتصويب البنادق نحو العدو الأوحد لأمتنا، هذا العدو الصهيوني المحتل لقلب الأمة النابض ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والمسجد الأقصى وفلسطين".

وأكد أن "شعبنا الفلسطيني ومقاومته وعلى رأسها كتائب القسام ستظل وفية لعطاء أبطال أمتنا ممن افتدوا فلسطين بدمائهم وجهدهم وعرقهم".

وتعهد بأن تبقى المقاومة الفلسطينية و"القسام" "رأس الحربة لأمتنا ضد عدونا الصهيوني الغاصب"، وأن تدافع عن كرامة الأمة، "حتى يأذن الله لها بالنصر والتمكين".

وأوضح أن "المهندس القائد الشهيد محمد الزواري، أحد علماء الأمة الذين سخروا علمهم حيث ينبغي، ووجهوا بوصلة حياتهم حيث يجب، وبذلوا عرقهم وجهدهم ودمهم في سبيل الله، ونصرة لمسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وتابع: "إنها وحدة الدم والهدف والمصير الذي سطرته هذه الدماء ورسمته هذه العطاءات لأبطال أمتنا الخيرة المجاهدة"، مبينا أن تأبين الزواري "وفاء لشهيد تونس وفلسطين"، فيما عبر عن الفخر والاعتزاز "بهذه الإسهامات المخلصة من أبناء أمتنا لفلسطين وقضتها وأرضها ومقدساتها".

وقال: "هانحن اليوم نقف من جديد في قلب غزة الصابرة، عاصمة المقاومة والتحدي في وجه المشروع الصهيوني، نقف بكل اعتزاز لنحتفي بشهيد الأمة، محمد الزواري، الذي أسهم بعلمه النوعي وإخلاصه وإرادته الصلبة في تطوير قدرات المقاومة".

وأضاف أن الزواري "صاحب المبادرة العطاء.. شهيد قسامي وقائد فذ ينبغي أن يعرفه شعبنا ويعرفه الشعب التونسي الوفي، وكل أحرار العالم، كيف لا؟ وقد ساهم القائد المهندس الزواري في معركة الإعداد والتطوير، ساهم فيها بشكل نوعي ومؤثر وعميق، جنبا إلى جنب مع إخوة آخرين، الله يعلمهم ويشهد صنيعهم وتشهد الأمة آثار فعلهم وجهدهم وعطائهم".

وبيَّن أن الشهيد الزواري أدخل "الفرحة والاستبشار والفخر على قلب كل عربي ومسلم وحر في معركة العصف المأكول يوم أن شاهد الناس وسمعوا بشيء من إسهاماتك (الزواري) وإنجازاتك وبصماتك، كيف لا؟ واسمك يحلق في سماء فلسطين وتونس، وقد حلقت طائرة الأبابيل التي كنت رائدا من روادها ودخلت الخدمة لدى كتائب القسام".

وشدد القائد الميداني في "القسام"، على أن "الموساد" نفذ جريمة اغتيال الزواري، "متجاوزا كل عرف وقانون ومبدأ، ولكن هذا العدو البائس الجبان ما علم أن أمتنا الكبيرة أنجبت وستنجب الآلاف من أمثال قائدنا محمد الزواري، ولن يحصد العدو وعملاؤه سوى الهزيمة والخيبة".

ولفت إلى أن استشهاد الزواري، يأتي في "الوقت الذي تشهد فيه أمتنا شلالا من الدماء التي تراق في غير موضعها، والحروب التي أشعل نارها العدو الصهيوني ومن يقف خلفه أملا في إطالة عمر هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين".

ووجه التحية لعائلة الزواري، ولتونس، قائلا: "ليحيا شعب تونس الأبي الثائر الذي يعشق فلسطين ويتوق للمشاركة في تحرير فلسطين".

واغتيل الزواري، في 15 من الشهر الجاري، بالرصاص داخل سيارته وأمام منزله، فيما أعلنت "القسام" أن الشهيد ساهم في صناعة طائرات "أبابيل" من دون طيار التي اخترقت أجواء فلسطين المحتلة سنة 1948، أثناء العدوان على قطاع غزة في 2014، واتهمت (إسرائيل) بالوقوف وراء العملية.

مسؤولية الأمة

من جهته، قال القرضاوي في برقية مكتوبة، إن "على أمة الإسلام جميعا واجب الجهاد لتحرير فلسطين، وهم مسؤولون أمام الله وأمام التاريخ والأجيال عن ذلك".

وأضاف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "إن قضية فلسطين كما فهمها الزواري هي قضية أمة الإسلام كلها في شرقها وغربها وشمالها وجنوبها"، مشددا على أن "كل مسلم صادق عليه واجب في تحرير فلسطين، هذا واجب الأمة كلها، بعربها وعجمها، وأبيضها وأسودها، وعلى أمتنا أن تقف صفا واحدا وهي تقاوم أعداءها".

وتابع: "مازال التاريخ شاهدا على أن أمة الإسلام لم ولن تموت وأن قضاياه الكبرى تعيش في وجدان كل مسلم"، مردفا: "يُذكِّرنا بذلك الزواري أحد قادة القسام، الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية والتي كان لها دورها الذي شهدته الأمة وأشاد بها الأحرار في حرب العصف المأكول في غزة".

ووصف الزواري بأنه "مجاهد تونسي جعل من فلسطين والقدس قضيته الأولى، ونذر لها حياته نيابة عن الأمة بأسرها، لم يكن يبحث عن رياء ولم يكن يحدث المقربين منه عن عمله مع القسام حتى تفاجأت أسرته والمحيطون به بذلك، لقد كان يعمل بصمت لا يبحث عن الأضواء والشهرة وحسبه أن الله يعلم إخلاصه وصدقه".

وأبدى ثقته بأن النصر حليف فلسطين وشعبها، "وأن الله سيرينا ذلك قريبا بقدرته؛ فالغد لنا والنصر لنا".

المرزوقي من ناحيته، أكد أن "الشيء الوحيد الذي يجمع التونسيين هو حب فلسطين والفخر بكل المقاومة الفلسطينية".

وأوضح الرئيس التونسي السابق، في كلمة مسجلة، أن هذه الوحدة تجلت في المظاهرة التي خرجت في صفاقس في 24 من الشهر الجاري تنديدا باغتيال الزواري، مؤكدا أن "الشهيد البطل الطيار الزواري شرَّفنا كتونسيين وشرَّف مهنته: هندسة الطيران".

ولفت إلى أن المظاهرة رفعت شعارين أساسيين: المقاومة والسيادة الوطنية، واصفا المقاومة "بالعظيمة النبيلة"، وأن الشعب الفلسطيني أعطى دروسا فيها لكل شعوب الأمة ولا يزال صامدا ولم يستسلم أبدا.

وبشأن السيادة الوطنية، أشار إلى أنها "انتُهِكت في تونس بكل وقاحة من طرف الإسرائيليين، وهذه ليست المرة الأولى".

وأضاف: "كنا نعتقد أن الشعب الفلسطيني وحده يرزح تحت الاحتلال وصودر حقه المقدس في السيادة الوطنية، لكننا للأسف نشاهد أن أغلبية شعوبنا العربية بدأت تدخل تدريجيا تحت الوصاية الأجنبية وتحتل مباشرة من الجيوش الأجنبية".

"نحن ننتظر من حكومتنا أن تقوم بالحد الأدنى وهو الدفاع عن السيادة الوطنية التي ارتقى من أجلها شهداء منذ أكثر من نصف قرن"؛ تابع المرزوقي.

ووصف الشهيد الزواري بأنه "بطل نعتز به كما نعتز بالمقاومة الفلسطينية"، كما قال إن الزواري "هو النموذج الذي يحتذى به، سخر علمه وذكاءه وعبقريته من أجل قضية مقدسة".

وأردف: "كل هؤلاء الشهداء يفتحون لنا الطريق ونحن سنواصل على دربهم"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه "يبقى المطلب الأخير والأكبر هو المسارعة لرفع الحصار عن قطاع غزة".

وأكد أن حصار غزة "لا يقبله الضمير البشري"، معربا عن أمله في استمرار تسيير أساطيل الحرية البحرية نحو غزة.

إرادة الجماهير العربية

بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جميل مزهر، إن الزواري "استشهد في عملية اغتيال جبانة بعد أن أفنى عمره في أداء واجبه العربي والقومي مقدما وإمكانياته وخبراته العلمية والعسكرية في خدمة قضية فلسطين وشعبها ومقاومتها".

وأشاد مزهر في كلمة القوى الوطنية والإسلامية، "بشهداء تونس الذين انخرطوا في الثورة الفلسطينية منذ بداية تأسيسها، واستشهدوا في معاركها دفاعا عن قضيتنا العادلة".

ونوه إلى أن الزواري "عبر عن إرادة الجماهير العربية، فقد ساهم في تعزيز وتطوير إمكانيات المقاومة خصوصا في مجال هندسة الطيران والطائرات بدون طيار وعلى يديه تم تطوير طائرة أبابيل، التي كانت أهم الأسلحة النوعية التي صدمت الكيان الصهيوني في العدوان الأخير في 2014، والتي ساهمت في تعزيز توازن الرعب وقوة الردع ضد الاحتلال".

وشدد على أن جريمة اغتيال الزواري، "لم ولن تذهب هدرا وسيدفع الكيان الصهيوني عاجلا أم آجلا ثمن جريمته ولن تزيدنا هذه الجريمة إلا إصرارا على استمرار النضال والمقاومة".

وبشأن الوحدة الوطنية الفلسطينية، دعا مزهر، إلى "استعادة الوحدة وصوغ استراتيجية وطنية موحدة لشعبنا ذات برنامج وطني مقاوم لمواجهة كل التحديات التي تعصف بقضيتنا والخلاص من الانقسام ومسبباته".

ورأى "في انعقاد مجلس وطني توحيدي في الخارج، أولى الخطوات التي تساهم في ترتيب البيت الفلسطيني".

أما أرملة الشهيد الزواري، فشكرت "حماس" وذراعها العسكري "القسام"، الذي أعلن عن انتماء الزواري للكتائب منذ 10 سنوات وعمله معها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

ووجهت، في كلمة مسجلة، التحية لأهل غزة وللشعب الفلسطيني عامة، وذوي الشهداء، معربة عن فخرها بزوجها الشهيد الزواري الذي استشهد دفاعا عن فلسطين، قضية الأمة المركزية، وأسهم في صناعة طائرات "الأبابيل".

وخلال الحفل عزف النشيدان الوطنيان التونسي والفلسطيني، كما أدت الجوقة العسكرية لـ"القسام" أناشيد وطنية.