فلسطين أون لاين

​من تفاصيل الحياة يتعلم الطفل اللباقة الاجتماعية

...
غزة - صفاء عاشور

حالة من الاستياء الشديد أصابت صديقات "سوسن" بعد أن زرنها في منزلها رغم حسن استقبالها لهن، ذلك لأن وجود ابنها ذو السبع أعوام أثناء الزيارة حوّلها إلى فوضى حقيقية، إذ ارتكب العديد من التجاوزات التي أغضبتهن بشدة، أما "سوسن" التي وصل إليها شعور صديقاتها، لم تدرِ ماذا تفعل لتدارك الأمر، فابنها دخل غرفة الضيوف دون استئذان أو تسليم على الضيوف، وتكلم معها بصوت مرتفع، ثم اتبع ذلك بتناول الطعام المُقدَّم للسيدات بطريقة غير لائقة.

حالةٌ ربما تمر بها الكثير من السيدات اللواتي يفتقد أطفالهن إلى الآداب العامة أو اللباقة الاجتماعية والتعامل الجيد مع الناس سواء في المنزل أو خارجه، الأمر الذي يضع الوالدين في مواقف حرجة كثيرة، ربما كانوا تجنبوها لو علّموا ابنهم مبادئ اللباقة في التعامل مع الآخرين.

استثمار المواقف

الأخصائي الاجتماعي أحمد حمد أكد على أن تعليم الأطفال المهارات الاجتماعية يأتي في مرتبة أعلى من التعليم العادي، حيث يجب الاهتمام بالمهارات والآداب العامة بشكل أكبر من أي أمر آخر.

وقال لـ"فلسطين": إن "اللباقة وتعليم الأدب هو من صميم الدين الإسلامي، فقد اهتم الدين بتفاصيل كثيرة من هذا النوع، كآداب تناول الطعام والاستئذان، ولكن للأسف الكثير من الأهالي يجهلوا هذا الأمر ولا يهتموا بهذا الجانب في التربية".

وأضاف: "أي موقف يمكن أن يمر أمام الطفل يجب توضيحه له، فإن كان الموقف إيجابيا، يتم تعزيزه، وإن كان سلبيا ينبغي نهيه عنه، وبالتكرار يمكن أن يفرّق الطفل بين الصواب والخطأ".

وتابع: "تفاصيل الحياة مليئة بالمواقف التي يمكن أن يتعلم فيها الطفل الآداب العامة، ليتم تخريج طفل بأخلاق الكبار، وصغر عمره لا يحول دون تعليمه هذه الآداب".

وأشار حمد إلى أنه يجب تنبيه الأطفال إلى بعض المواقف التي يمكن أن تسبب إحراجًا للأهل، كتحذيرهم من ارتكاب أي أخطاء أثناء وجود ضيوف في زيارة للمنزل، وأن عليهم البقاء في غرفهم أثناء الزيارة، والتزام أماكنهم إن جلسوا معهم.

وبين أن الطفل حتى لو كان مشاكسا، فإن التربية والتكرار واتباع أسلوب التحفيز من الأهل يمكن أن يترك أثراً ايجابيا كبيرا فيه، ويؤدي إلى تحقيق ما يرغب الأهل بوجوده فيه من حيث التزامه بالآداب العامة.

القدوة الحسنة

وأكد حمد على أن الأب والأم عليهما المسئولية الكبرى في تربية الطفل على الآداب العامة لأنهما القدوة الأولى التي يعيش معها الطفل، وهما المصدر الأول الذي يكتسب منه الأخلاق.

وشدد على أن الطفل يتشرب في بداية حياته الكثير من الأخلاق والآداب من الوالدين، ثم يأتي بعده ذلك دور الأصدقاء، سواء في المدرسة أو الشارع من الجيران والأقارب، ويكتسب ما يعايشه من إيجابيات أو سلبيات، إذا لم يتولى الأهل مهمة توجيهه للإيجابيات وإبعاده عن السلبيات.

وأوضح حمد أن للمدرسة دور كبير في تعليم الطفل العلاقات الاجتماعية من خلال تعامله مع المدرسين، بالإضافة إلى ما يتعرض له الطفل في وسائل الإعلام والمساجد وهي عملية مشتركة بين جميع الأطراف كلها، وتبدأ من الأسرة.