أوصت لجنة حكومية منبثقة عن الائتلاف الحكومي في دولة الاحتلال، والتي ناقشت صيغة التعديلات على قانون "إسكات الأذان"، بمنح شرطة الاحتلال صلاحيات اقتحام المساجد ومصادرة مكبرات الصوت في حال تم رفع الأذان أو استعمال مكبرات الصوت منذ ساعات الليل حتى ساعات الصباح الأولى.
وناقشت اللجنة الحكومية التي ضمت كلا من وزير الأمن الداخلي في دولة الاحتلال غلعاد إردان، وما يسمى وزير "شؤون القدس" زئيف إيلكين، قانون "إسكات الأذان" الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية في آذار/مارس الماضي، حيث تم التوصل لتفاهمات إدخال تعديلات على مشروع القانون تشمل منح صلاحيات إضافية للشرطة تمكنها اقتحام ومداهمة المساجد ومصادرة مكبرات الصوت.
وستحول توصيات اللجنة الوزارية للمناقشة والمصادقة عليها في لجنة الدستور ومن ثم سيتم عرض القانون على الكنيست للتصويت عليه بالقراءة الأولى، وعدا عن الصلاحيات التي ستمنح للشرطة باقتحام المساجد، سيتم أيضا تغريم كل من يخالف القانون ويقوم برفع الأذان عبر مكبرات الصوت بمبلغ 10 آلاف شيكل.
وينص مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست، موطي يوغيف، من كتلة "البيت اليهودي"، بحظر استعمال مكبرات الصوت أو رفع الأذان عبر مكبرات الصوت بالمساجد بين الساعة الحادية عشرة ليلا حتى الساعة السابعة صباحا، بينما مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست روبرت إيلطوف من كتلة "يسرائيل بيتينو" فهو يحظر رفع الأذان كليا ومنع استعمال مكبرات الصوت بالمساجد.
وصودق على مشروع قانون إيلطوف بأغلبية 55 عضو كنيست مقابل معارضة 48، كما صودق على الاقتراح الثاني لعضو الكنيست موطي يوغيف، بأغلبية مماثلة.
وعقب إيلطوف في أعقاب نشر توصيات اللجنة الوزارية بالقول: "أرحب بالنتائج وهذه التوصيات التي ستسمح بمواصلة تشريع قانون حظر الأذان، لقد حان الوقت لتنظيم قضية أنظمة مكبرات الصوت في المساجد، في جميع أنحاء العالم بما في ذلك في الدول العربية، مكبرات الصوت مشمولة بنظام بموجب القانون، ولا يوجد سبب لـ(إسرائيل) لأن تكون مختلفة في هذا الشأن، حيث يحتاج مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في الأحياء المختلطة إلى النوم بهدوء".
ذات الموقف عبر عنه عضو الكنيست يوغيف زاعماً أن "هذا قانون مهم ومعنوي لكل من اليهود والعرب الذين يرغبون في النوم بهدوء. ويسرنا مواصلة تشريع مشروع حظر الأذان والذي سيتم المصادقة عليه قريبا في الكنيست".
وجاء في اقتراح القانون أن "مئات آلاف المواطنين، في مناطق الجليل والنقب والقدس وأماكن أخرى في مركز البلاد، يعانون بشكل دائم ويومي من الضجيج الناجم عن مكبرات الصوت في دور العبادة، التي تقلق راحتهم عدة مرات في اليوم، بما في ذلك في ساعات الفجر".
ويتضمن اقتراح القانون فرض قيود على استخدام مكبرات الصوت في ساعات الليل، بينما لا يتم استخدامها في ساعات النهار إذا الصوت يفوق المسموح بحسب البند 2 من قانون الضجيج، وكذلك البنود 5 و6 و7 من القانون. علما أن عقوبة مخالفات تصل إلى غرامة مالية بقيمة 10 آلاف شيكل.
سياسة مبرمجة
من جهته، حذر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، من الرجوع إلى مشروع قانون حظر الأذان من قبل سلطات الاحتلال.
وقال حسين في بيان صحفي نشر أمس، إن الاعتداء على الشعائر التعبدية والمساجد يأتي ضمن سياسة مبرمجة، مبينا أن المساجد في فلسطين عامة، ومدينة القدس خاصة، تتعرض لحملة شرسة من قبل سلطات الاحتلال، في إطار مسلسل التطرف الذي تنتهجه للمس بالمقدسات التي هي وقف إسلامي، لا يحق لغير المسلمين التدخل في شؤونها.
وبين أن سلطات الاحتلال تضرب عرض الحائط بالشرائع السماوية والأعراف والقوانين والأنظمة الدولية، ولا تحترمها، وتسير وفق خطة ممنهجة لطمس كل ما هو عربي في فلسطين واستبداله باليهودي.
وطالب المجتمع الدولي دولا وحكومات وهيئات ومنظمات متخصصة، بضرورة التدخل لوقف هذه الاعتداءات على المساجد، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، ومنع سلطات الاحتلال من التدخل في عبادات المسلمين وشعائرهم، لأنها حق خالص للمسلمين في فلسطين وشتى بقاع الأرض، واصفا هذا القرار بالعنصري، ومحملا سلطات الاحتلال عواقبه.
من جانب آخر، أدان حسين مشروع قرار سلطات الاحتلال الذي يقضي بسحب الهويات المقدسية من المواطنين العرب المقدسيين، بهدف إفراغ القدس من سكانها العرب الأصليين، موضحا أن هذا القرار مرفوض، ويخرق ترتيبات المجتمع الدولي الخاصة بالوضع في مدينة القدس المحتلة، التي تقضي بمنع القيام بإجراءات أحادية الجانب فيها.
حرب معلنة
الشيخ يوسف الباز إمام المسجد الكبير أكبر مساجد مدينة اللد شمال الداخل المحتل عام 1948، قال في تعقيبه على توصيات اللجنة الوزارية الحكومية: "نحن امام حرب معلنة على المساجد في الداخل الفلسطيني، فمدينة اللد مدينة مختلطة من اليهود والعرب، وفي الآونة الاخيرة استوطن فيها فئة من اليهود المتعصبين يحاولون فرض اجندتهم العنصرية علينا، من خلال التحريض على الأذان والمساجد".
وأضاف الباز الذي سبق وتم اعتقاله وتغريمه على خلفية مخالفته لقانون رفع الأذان، في تصريحات لـ"فلسطين": "نحن لن نقبل أن يفرض علينا قانون اسكات الأذان، لأن الأذان هو من شعائر ديننا وصلاتنا وعقيدتنا".
وبيّن أن ما يحدث هو "شن حرب تدريجية ضد كل ما هو إسلامي"، وتابع: "في عام 1948 هدموا المساجد وحولوا جزءا منها الى بارات وكذلك اعتدوا على المقابر واليوم يريدون اكمال المسلسل من خلال فرض قوانين عنصرية عبر منير الكنيست العنصري الذي سن عشرات القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين ومقدساتهم".
بدوره، قال الشيخ الداعية في الداخل المحتل د. رائد فتحي لـ"فلسطين": إن منع رفع الأذان هو اعتداء على الأذان في هذه البلاد التي ما زال يرفع فيها الأذان منذ اكثر منذ 1400 عام، وأن من يعتدي على حرمة المسجد لا يمكن ان يعيش آمنا".
وأضاف: "هذه التوصيات هي اعتداء على ابسط الحقوق والحريات التي تكفلها القوانين المعاصرة وايضاً الاحكام السماوية، وهي اضطهاد ديني بكل معانيه وهذا الاضطهاد الديني ليس متطرقا لفئة قليلة في بلد معين وانما اضطهاد ديني يشمل الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني الذين يشكلون نسبة كبيرة".
أما إمام مسجد حسن بك في يافا، د. أحمد ابو عجوة، فقال لـ"فلسطين": "ما يتعرض له مسجد حسن بك في يافا من محاصرة واعتداءات عنصرية يمثل الحالة العامة في دولة الاحتلال التي تتباهى بعنصريتها، فمسجد حسن بك يتعرض للاعتداء المباشر وغير المباشر من خلال التحريض عليه في وسائل التواصل الاجتماعي اليهودي ويصفون المسجد بالمكان الخطير والأذان انه وسيلة تدعو الى القتل".
وأضاف: "تبقى في يافا سبعة مساجد فقط وجميعها تتعرض للمضايقة قبل اقرار قانون اسكات الأذان وهذا يعني أن العملية معد لها مسبقا".
أما الاعلامي محمود ابو عطا من الداخل المحتل، فيرى أن التوصيات بمنع رفع الأذان تهدف لتغييب كل مظهر اسلامي في مناطق الداخل المحتل".
وقال: "أصبح الأذان مستهدفا من تيار واسع في الحكومة المتطرفة، والاحتلال يستغل الوضع الراهن في المنطقة لفرض اجندته العنصرية بقوانين تحمل في طياتها نتائج خطيرة على المسلمين في فلسطين".