قائمة الموقع

​بلال الشني.. مولعٌ بالبحث عن كلّ قديمٍ ونادر

2018-02-20T07:26:39+02:00
بلال الشني

قبل ما يزيد عن 20 عامًا، أثناء تجواله في أحد الأسواق لفتت انتباهه ساعة قديمة، جذبته، فقرر شراءها، ولحسن حظه كان ثمنها زهيدًا، وسرعان ما أخذته هذه الساعة نحو طريق حب اقتناء القطع الأثرية القديمة، فأعجبته الفكرة بشكل مبالغ به، ومن هنا انطلق نحو البحث عن مقتنيات أثرية وقديمة تستحوذ على ذوقه وتسيطر على فكره، وتكون قديمة بما يكفي لتشبع رغبته باقتناء الأشياء القديمة، فقد يزيد عمر القطعة عن ألف عام، تحكي زمنًا، وتحمل في تفاصيلها رواية يحاول البحث عنها، ليعيد روايتها لأبنائه الذين انتقلت إليهم العدوى، فأصبحت تجذبهم تلك القطع، أضف إلى ذلك أن بيته أيضًا تأثر بهذه الهواية..

صاحب هذه الهواية "بلال الشني" (58 عامًا) من مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله ويعمل مقاولًا، "فلسطين" حاورته لتتعرف على بداية علاقته بهذه القطع وسبب ارتباطه بها وإصراره على جمعها.

1300 عام

قال الشني: "تلك القطع الأثرية التي أشتريها تستهويني تفاصيلها، وأعشق شكلها، كما أنها تحمل قيمة عملية، وهذا ما جذبني نحو فكرة جمع قطع أثرية عمرها أعوام كثيرة وطويلة، وأصبحت أميل لكل ما يحمل رائحة القديم، وأكثر ما يجذبني من القطع القديمة، هو النادر منها، كالتي يزيد عمرها عن 150 عامًا".

وأضاف أنه عندما بدأ رحلته في البحث عن تلك القطع لم يكن يعلم أنها ستغير مجرى حياته فيما بعد، وأنها ستكون شغله الشاغل، فهو الآن بمجرد سماعه عن وجود قطعة تحمل قيمة أثرية وتاريخية في أي مكان وعند أي شخص، فإنه يستمر في البحث عن صاحبها بشتى الطرق من أجل الوصول إليه ومحاولة شراء الساعة التي يمتلكها.

وتابع: "أبحث عن القطع غريبة الشكل وفي ذات الوقت تحمل قيمة أثرية، أشتري بعضها بثمن زهيد، كما أن بعض الباعة الذين أشتري منهم تلك القطع لا يعرفون قيمتها، وكذلك أنا في بعض الأحيان، ولكني أشتريها لتعلقي بكل قديم، بينما قطع أخرى تكون تكلفتها المالية عالية، ورغم ذلك أشتريها لكونها تحمل قيمة ثقافية".

عن بعض مقتنياته القديمة، تحدّث الشني: "اشتريت عدّة ساعات جيب معلقة بسلسلة فضية تجاوز عمر أقدم واحدة منها 120 عامًا، وهي ساعة تعود لشخص كفيف، ولا تزال تعمل حتى الآن، وتحتوي على تصميم هندسي مميز، وساعة أخرى يبلغ عمرها 200 عام تقريبا وعليها ختم تركي، وساعة تعود لنادي برشلونة أُهديت له عند فوزه في إحدى المباريات، وأخرى تمت صناعتها خصيصًا لرجل برازيلي توفي عام 1922 وكتب عليها (نموت ولا نعيش عبيدًا)، ومما أقتنيه أيضا ساعات (الكوكو) وهي التي كان يشاهدها أطفالنا في الرسوم المتحركة وكان يخرج من صندوقها عصفور على رأس كل ساعة".

وقد اشترى طوابع قديمة عمرها أكثر من 50 عامًا بتكلفة تقارب 1500 شيكل، ودرهم عمره 1300 سنة، وغيرها من القطع والساعات الجدارية.

"هذه المقتنيات تمثّل قيمة تاريخية وتراثية وفنية أيضًا، ووجود مثل هذه المقتنيات في فلسطين يدل على الذوق الرفيع الذي يملكه الفلسطينيون"، على حد قوله.

"مفاعل نووي"

اقتناء الشني لتلك القطع كان لابد أن ينعكس على تصميم منزله وجدرانه الممتلئة بتلك المقتنيات، وبالأخص الساعات التي تحمل أشكالًا مختلفة وغريبة.

في بداية اقتنائه لتلك الأثريات القديمة كان الأمر مزعجًا بالنسبة لزوجته، التي كانت تراها على أنه "كراكيب"، أما قيمتها المالية فكانت بمثابة "المفاعل النووي"، على حد وصفه، الذي يشعل المشاكل بينهما.

وبين: "فيما بعد أدركت زوجتي القيمة التراثية والمالية لهذه القطع، وأصبحت من المشجعين على شرائها بعدما أقنعتها أنها ثقافة يجب الحفاظ عليها"، مشيرا إلى أن ثمن المقتنيات يختلف من قطعة لأخرى، فمنها ما بلغ قيمته 200 دولار، ومنها تجاوز سعره 1500 دولار.

أما أبناؤه، فكانت تزعجهم أصوات ساعات "الكوكو"، فأوجد حلّا لهذه المشكلة، إذ يفعّل واحدة من الساعات الخمسة عشرة المعلّقة على جدران البيت، وبعد فترة، يوقف عملها، ويقوم بتشغيل أخرى، وذلك من أجل الحفاظ عليها من التعطل.

ويرتبط الشني بكل قطعة يقتنيها، وفي حال عطل ساعة فلا "يهدأ له بال" حتى يصل إلى شخص ماهر في إصلاحها، فقد أرسل إحدى الساعات إلى نابلس من أجل تركيب قطعة مفقودة في رام الله، أما بيع القطع النادرة جدًا فهو فكرة مرفوضة تماما، مهما كان السعر المعروض عليه مرتفعا، ولا يألُ جهدًا في الاهتمام بكل قطعة، وفي الحفاظ عليها، فلا يعرضها للشمس أو الرطوبة.

وأكثر ما يزعج الشني عدم وجود أسواق مفتوحة لبيع هذه المقتنيات وشرائها، وقال: "ليس لهذه القطع مردود اقتصادي، ولكنها قد تتحول إلى ثقافة مجتمعية في حال تحسن الوضع المالي واستطاع الناس شراءها، فهي بمثابة مال مجمد".

اخبار ذات صلة