فلسطين أون لاين

​بطله فادي طبخنا

"شوية إرادة".. فيلم يلخص حكاية "قاهر السرطان"

...
صورة أرشيفية لفادي طبخنا
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

إذن.. توفي فادي طبخنا دون أن يكمل تصوير الجزء الثاني من حكايته مع مرض "السرطان" وكيف انتصر عليه مرتين متتاليتين في غضون خمس سنوات فقط، قبل أن يستسلم الشاب أمام جلطة قلبية حادة ألمَّت به مطلع الشهر الجاري ديسمبر/ كانون الأول.

وأصيب طبخنا عام 2011 بالسرطان في عضلة الفخذ الأيسر ثم تبعها بعد عام واحد توغل آخر في منطقة الصدر، ولكن في مطلع عام 2013 كتب له الشفاء من الموضع الأول "الفخذ" بينما استمر في رحلة علاجه من الإصابة الثانية.

وفي منتصف عام 2015 بادر طبخنا إلى تصوير فيلم قصير يحكي فيه قصته مع السرطان وهو يجلس جلسة الواثق بنفسه المعتز بإنجازاته، في حين سيطرت ضحكاته النابعة من القلب على كل مشاهد الفيلم ذي الـ 15 دقيقة.

ويبدأ البطل الراحل مقابلته بالتعريف عن نفسه، فيقول: "أنا فادي صالح طبخنا (21 عاما) طالب في كلية التجارة بجامعة بيرزيت، مصاب بالسرطان، الذي اكتشفته بعد إصابتي في إحدى مباريات كرة القدم، فاعتقدت للوهلة الأولى أنها ضربة عادية أو كسر في القدم".

أقرع الرأس

وبعد خمسة أشهر من الفحوصات وملازمة المراكز الصحية، أخبر الطبيب فادي أنه مصاب بمرض نادر على مستوى العالم وأمامه تسعة أشهر للتمتع بالحياة قبل أن يموت، فأجاب طبخنا على الفور :"لا أنا ولا أنت بنحدد كم عمر البني آدم، ربنا وحده هو الذي يحدد العمر".

ويضيف "خضعت على مدار عام ونصف لجرعات كيميائية، قبل أن يقرر لي الأطباء عملية جراحية أخبروني أنني سأخرج منها بدون قدم، وبعد 20 ساعة خرجت لأجد أن قدمي كما هي، وكذلك طالبوني بعدم تقديم امتحانات التوجيهي ولكن رفضت وحصلت على معدل 88% وفي الفيزياء تحديدا 99%".

ويسرد طبخنا في باقي مقاطع الفيلم تفاصيل رحلة علاجه وكيف كان مميزاً في أول أيام الجامعة لأنه أقرع الرأس، الأمر الذي أثار استغراب الطلبة، لينتهي بث الجزء الأول من فيلم "شوية إرادة" بلحظة اكتشاف فادي إصابته بالسرطان للمرة الثانية؛ وكيف استقبل الخبر بابتسامة عريضة ظهرت على محياه البشوش.

ويختم حديثه: "مثل ما واجهته في المرة الأولى سأقاومه الآن.. أهلي وأصحابي وأنا جاهزون للمرض مرة ومرتين وألف.. السرطان أخذ من جسمي الكثير صحيح، ولكن لن يسلبني إرادتي وعزيمتي ومعنوياتي، وفي النهاية سأبعث برسالة واحدة مفادها أن مواجهة السرطان تحتاج شوية إرادة".

كان فادي طبخنا يرغب باستكمال تسجيل حكايته في جزء إضافي يحمل تفاصيل جديدة، إلا أن الموت باغته في السابع من الشهر الجاري إثر جلطة قلبية، ولكن ذلك لم يمنع أصدقاءه من استكمال مشواره وتخليد حكايته بجزء آخر عرض بمنتصف الأسبوع الماضي.

الإرادة على هيئة إنسان

ويقول مخرج الفيلم بجزئيه، الشاب يحيى حبايب: "تمكنا خلال عشرة أيام من تصوير وإخراج مشاهد الجزء الثاني وعرضه للمرة الأولى في قاعة كمال ناصر بجامعة بيرزيت، وسط حضور لافت من الطلبة والأكاديميين وذوي الفقيد".

ويضيف حبايب في حديثه لصحيفة "فلسطين": "يقدم الفيلم في جزئيه الأول والثاني رسالة واضحة لجميع البشر بأن المرء حين يتشبث بإرادة فولاذية ينتصر على كل المعيقات مهما بلغت قسوتها"، مبينا أن الفيلم صور بالضفة الغربية بمركز الحسين للسرطان في الأردن.

وأوضح حبايب "عرف فادي بأخلاقه الرفيعة وبنية جسده القوية كونه لاعباً في منتخب فلسطين للشباب، وعندما أصابه المرض على حين غرة أعلنها على الملأ أنه لن يرضخ "للخبيث" لذلك كان حقاً علينا توثيق تفاصيل حكايته ونشرها فهو "الإرادة على هيئة إنسان".

وتضمن الفيلم شهادات حية لأناس عايشوا فادي خلال رحلة علاجه كزملائه في الجامعة وفي النادي والأطباء وبعض أقاربه، ورغم تباين أعمارهم وأدوارهم إلا أنهم اتفقوا على أن الشاب العشريني كان يتمتع بإرادة صلبة ورغبة جامحة بالحياة استحق على إثرها لقب "قاهر السرطان".