فلسطين أون لاين

​يخوض "معركة الدفاع عن كرسيه"

سيناريوهات مصير "نتنياهو" والانتخابات بعد التوصيات بمحاكمته

...
رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيف)
الناصرة-غزة/ نبيل سنونو

نبرة يعتريها حزن يتظاهر بها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مخاطبا جمهوره، بعد توصيات شرطة الاحتلال بتقديم لائحة اتهام ضده، لكنه يُبدي في نفس الوقت ثقته بأنه سيحوز الثقة لتشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات التي قال إنها ستجري في موعدها، لكن يبقى للمسار القضائي كلمته في مسار التحقيقات، والتداعيات التي ستترتب على ذلك. وقد يواجه نتنياهو لائحة اتهام بالفساد وخيانة الأمانة بعد إجراءات قضائية من المتوقع أن تستغرق أشهرًا عدة.

يقول مراقبون إنه إذا ما واجه الأخير اتهاما على سبيل المثال بتلقي رشوة مقابل تقديم خدمة، فإن ذلك سيؤدي إلى حكم بسجنه لسنوات عدة، لكن في حالات أخرى قد يتمكن من الاستمرار في الحكم.

لكن التساؤلات تدور حول غياب تحرك فعلي وقوي للمعارضة الإسرائيلية في استثمار توصيات شرطة الاحتلال للإطاحة بنتنياهو؛ بحسب المراقبين.

يقول المتخصص في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، إن نتنياهو يخوض معركة للدفاع عن كرسيه، وهو متشبث بالحكم ويستند بذلك إلى وقائع عدة، أولها أن مصيره الشخصي يتوقف على ذلك، فيما إذا كان سيدخل السجن أو أن يستمر في رئاسة الحكومة، وهو ما يفسر وقوفه بكل شراسة في هذه المعركة والسعي بكل قوته لإجهاض توصيات الشرطة.

وعن مصير توصيات شرطة الاحتلال، يوضح مجلي لصحيفة "فلسطين"، أنه سيتم تقديمها للنيابة العامة التي ستبدأ البحث فيها، مبينا أنها على اطلاع كامل على هذا الملف، وكانت تتابعه خطوة بخطوة، حيث كانت الشرطة تنسق معها الموقف.

ومع ذلك، يقول مجلي إن النيابة تحتاج إلى وقت لدراسة التوصيات والملف من جديد، وعندما تنهي عملها في هذا الشأن سترفع النتائج للمستشار القضائي الذي يعتبر صاحب الكلمة الأخيرة والقول الفصل، في مدى وجود مجال لتقديم لائحة اتهام ضد الشخصيات العامة في (إسرائيل).

ويضيف أنه في حال قرر المستشار القضائي لحكومة الاحتلال توجيه لائحة اتهام، فسيحدد أي بنود ستستند إليها هذه اللائحة، وهل ستكون حول "بند خفيف مثل خيانة الأمانة" التي تصل عقوبتها في (إسرائيل) إلى ثلاث سنوات، والتي من الممكن أيضًا أن يتم الحكم فيها دون سجن أيضًا.

ويُبيِّن أنه فيما إذا كانت خيانة الأمانة تتمثل في تلقي نتنياهو وعائلته هدايا دون تقديم خدمات مقابلها لمقدمي الرشوة، ففي هذه الحالة تكون التهمة "خفيفة" ويستطيع نتنياهو أن يستمر في الحكم من الناحية القانونية، أما إذا وافق المستشار القضائي على توصية الشرطة بنفس البنود التي ترفعها الأخيرة وهي تلقي الرشوة مقابل تقديم خدمات، فعندئذ سيكون رئيس حكومة الاحتلال أمام اتهام خطير عقوبته السجن لـ15 عاما.

ويتابع بأنه في هذه الحالة سيكون هناك ضغط كبير على نتنياهو حتى يستقيل، لكن مسار التحقيقات يحتاج شهورا عدة، وخلالها من المهم ملاحظة كيف سيتصرف الجمهور الإسرائيلي، وهل سينزل إلى الشوارع بالمئات أو الألوف أو عشرات الألوف أو أكثر من ذلك، وهل ستتصاعد الاحتجاجات عليه؟

ويصف مجلي، قيادة المعارضة في (إسرائيل) بأنها "ليست ذات شأن كبير مقنع للجمهور"، مفسرا بأنها لا تبادر حتى إلى تنظيم مظاهرات، بل تنضم إلى مظاهرات تقودها تحركات من الشارع الإسرائيلي.

ويشير إلى أن مستوى التظاهرات في دولة الاحتلال حتى اللحظة غير كاف لإسقاط نتنياهو من الحكم، لافتا في الوقت نفسه إلى أن "ضعف المعارضة" هو الذي يقوي نتنياهو، فالأخير ليس قويا بذاته لأنه لا يمكن لقائد فاسد أن يستمر في الحكم، بل عليه أن يتنحى، لكن المعارضة لا تقوم بما عليها "لتأجيج الشارع وتأليبه".

وكان نحو 20 ألف إسرائيلي تظاهروا في ديسمبر/كانون الأول الماضي في (تل أبيب) احتجاجا على الفساد الحكومي، تزامنا مع خضوع نتنياهو لتحقيقات جنائية باستغلال منصبه.

ويُشبِّه مجلي أسلوب نتنياهو، بأسلوب دونالد ترامب الرئيس الأمريكي، الذي يكره الإعلام والمعارضة والقانون ويؤمن بالحكم المطلق لرئيس الحكومة حتى لو كان في ظل نظام مؤسساتي.

ويقول مجلي: "نتنياهو يحاول توجيه ضربات لوسائل الإعلام التي تقود عمليا الاحتجاج الجماهيري ضده".

وكان نتنياهو حاول التقليل من شأن توصيات شرطة الاحتلال قائلا: "في السنوات الأخيرة كنت موضوع ما لا يقل عن 15 من المراجعات والتحقيقات، انتهى بعضها بتوصيات الشرطة كما حدث هذا المساء. كل هذه المحاولات لم تسفر عن شيء، وهذه المرة أيضا لن تؤدي إلى أي شيء".

وفي بيانها، قالت شرطة الاحتلال إنها خلصت إلى أن "هناك أدلة كافية ضد رئيس الوزراء لاتهامه بقبول رشاوى والاحتيال واستغلال الثقة". بيد أن وزيرة القضاء في حكومة الاحتلال، أياليت شاكيد قالت إن توجيه الاتهام رسميا لرئيس الحكومة لا يعني أنه سيكون مجبرا على الاستقالة.

"تصفية نتنياهو سياسيا"

ويتصرف نتنياهو وكأن لا شيء جديدا كجزء من الاستراتيجية التي يتبناها لاكتساب ثقة مؤيديه وقلب المعادلة من خلال التظاهر بأنه ضحية؛ والكلام هنا للعضو العربي السابق في "الكنيست" طلب الصانع.

لكن الصانع يقول لصحيفة "فلسطين"، إن توصيات شرطة الاحتلال -في حقيقة الأمر- خطوة مهمة جدا في تصفية نتنياهو سياسيا، إذا قرر المدعي العام تبني هذه التوصيات وتقديم لائحة اتهام ضده، أما الانطباع الذي يحاول نتنياهو تمريره بأنه سيتجاوز الأزمة فهو نوع من إرضاء الذات، لكنه سيواجه صعوبات كبيرة في ظل الانتقادات الجماهيرية والمظاهرات الأسبوعية التي من المتوقع أن تزداد في الأسابيع القادمة.

وردا على سؤال بشأن نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته القناة الثانية الإسرائيلية بأن نتنياهو هو الأوفر حظا لتشكيل حكومة الاحتلال القادمة إذا ما جرت الانتخابات العامة اليوم، رغم توصيات الشرطة، يقول الصانع إن تفسير هذه النتائج هو أن نتنياهو تمكن من الظهور كضحية وأن يحصل على التعاطف وتصوير أنه ملاحق ليس بسبب الفساد وإنما "الإعلام المعادي".

والتفسير الآخر لهذه النتائج –بحسب الصانع- هو "غياب قيادة بديلة داخل (إسرائيل) تستطيع أن تستثمر شبهات الفساد الموجهة لنتنياهو لتبرز كبديل على الساحة الإسرائيلية".

ويشار إلى أن زعيم حزب العمل المعارض آفي غاباي قال عقب توصيات الشرطة إن "عهد نتنياهو انتهى". وأجمع قادة المعارضة على ضرورة استقالة الأخير من منصبه، أو تعليق وظيفته بصفته رئيس حكومة، لكن نتنياهو اتهمهم بتنظيم "انقلاب" على حكمه.

ويوضح الصانع، أن "غياب البديل وأزمة القيادة التي تعاني منها (إسرائيل) هي السبب في هذا الحضور القوي لنتنياهو برغم كل تحقيقات الفساد والانتقادات التي يواجهها".

ويتابع: "لكن في نهاية المطاف، هناك إشكالية قانونية لا يستطيع نتنياهو تجاوزها رغم كل استطلاعات الرأي هذه، إذا ما تم اتخاذ قرار بتقديم لائحة اتهام ضده، حتى لو كان يتمتع بشعبية بنسبة 100%".

ويردف: "مستقبل نتنياهو الآن انتقل إلى المدعي العام الذي هو أحد الشخصيات التي قام نتنياهو بتعيينها والمقربة منه، لكن برأيي ستكون هناك صعوبة في إقناع الرأي العام بعدم وجود أدلة كافية لتقديم لائحة اتهام لنتنياهو"، منوها إلى أن المدعي العام في النهاية جزء من الجهاز القضائي ولا يستطيع مواجهته كله إذا قرر الأخير أن هناك أدلة.

وبحسب الصانع، قد تستغرق التحقيقات ستة أشهر من الاستماع لنتنياهو قبل اتخاذ قرار، وهذه الفترة مصيرية بالنسبة لمستقبل نتنياهو.

وعما إذا كانت ستجري انتخابات مبكرة، يقول إنه إذا تم تقديم لائحة اتهام ستكون هناك انتخابات مبكرة، وقد يستبق نتنياهو الأحداث بالإعلان عن تبكير الانتخابات.

لكن الصانع يتوقع أن القرار بهذا الشأن سيكون مرتبطا بشكل وثيق بقرار المدعي العام تقديم لائحة اتهام أم لا.

ويرجح الصانع تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، واصفا عدم تقديمها بأنه "احتمال ضعيف".