فلسطين أون لاين

غزيّون يبادرون لتنظيف المستشفيات بعد تراكم النفايات فيها

...
غزة - صفاء عاشور


في خطوة تعكس نخوة الشعب الفلسطيني ورقي شبابه، بادر شبابٌ غزّيون بتنظيف المستشفيات في قطاع غزة بعد إضراب شركات النظافة عن عملهم بشكلٍ كامل، منذ الأحد الماضي، احتجاجا على عدم دفع حكومة الحمد لله لمستحقاتهم المالية منذ ستة أشهر، مما أدى لتراكم القاذورات في المستشفيات بدرجة أدّت لوقف العمل في بعض الأقسام، وتأجل مئات العمليات المجدولة.

وازع أخلاقي ووطني

"ناهض اصليح" أحد المشاركين في حملة تنظيف المستشفى الأوروبي بمحافظة خانيونس قال إن الحملة انطلقت من وازع وطني وأخلاقي رافض لما يحصل في مستشفيات القطاع، وأن جهود التنظيف هي جهود ذاتية وشبابية.

أضاف في حديث لـ"فلسطين": "مختلف أقسام المستشفى ومرافقها والساحات الخارجية لها كانت ممتلئة بالنفايات الطبية، والتي لها ضرر كبير على حياة المرضى والزوار".

وتابع: "عملنا على توفير بعض الإمكانيات مثل الأكياس البلاستيكية، لنتمكن من جمع النفايات وتنظيف المستشفى بالكامل".

وأكد أن "جهود الشباب في تنظيف المستشفى ليست بديلاً عن شركات النظافة، التي يجب أن تعود لمواقع عملها بشكل سريع، مع ضرورة قيام الجهات المسئولة بتوفير جميع مستحقات العاملين في هذه الشركات، خاصة أنهم يعيشون بحد أدنى من الأجور لا يكفي لسد متطلبات حياتهم اليومية".

ولفت إلى أن كمية النفايات التي تم إخراجها من المستشفى على مدار يومين كبيرة للغاية، حتى أن المرضى وطاقم التمريض بأكمله كانوا مستائين من تراكم النفايات في الغرف وممرات والمستشفى بشكل لا يطاق.

من جانبه، شارك حازم البنا في عملية تنظيف مجمع ناصر الطبي والمستشفى الأوروبي، وذلك ضمن مشاركته في المبادرة التي أطلقها المجلس العلام للعائلات في محافظة خانيونس، والذي يضم أكثر من 80 عائلة.

وقال لـ"فلسطين" إن: "عملية تنظيف المستشفيات جاءت من وازع ديني وأخلاقي ووطني، فلا يُعقل أن نرى مستشفياتنا ومرضانا بهذا الحال، ونقف دون فعل أي شيء"، مضيفا أن التنظيف تمّ بالتنسيق مع المستشفيات، على أن يتم استيعاب جزء من أبناء العائلات للمشاركة في عملية التنظيف.

وأضاف البنا: "مشاركتنا في الحملة لا تعني أننا ننكر حقوق عمال شركات التنظيف، الذين عملوا لأشهر عدة دون أن يحصلوا على حقوقهم، ولكننا لا نستطيع ترك المستشفيات مرتعًا للنفايات والأمراض".

وأشار إلى أن المتطوعين اتخذوا أقصى درجات الحيطة والحذر أثناء عملية التنظيف لتجنب إصابتهم بأي ملوثات أو أمراض، لذلك استعانوا بالملابس الواقية واستخدموا أكياس النايلون المخصصة لجمع النفايات.

وأوضح: "تم جمع كميات كبيرة للغاية من النفايات، والمراحيض وغرف المرضى وكافة مرافق المشفى كانت تعاني من كارثة صحية كبيرة".

وأكد البنا أن الحملة ستبقى مستمرة إلى حين الوصول إلى حل نهائي فيما يتعلق بحقوق عمال شركات النظافة وحصولهم على كافة حقوقهم، لافتا إلى أن تجمع العائلات قادر على توفير ما يتراوح بين 20 إلى 25 عامل لكل فترة تنظيف (الصباحية والمسائية).

في السياق ذاته، وصف الناطق الإعلامي باسم مجمع الشفاء الطبي الدكتور أيمن السحباني المبادرات الشبابية بأنها انعكاس لرفض الشعب الفلسطيني للوضع القائم في المستشفيات، لافتاً إلى أن المبادرات جاءت بجهود شبابية لمنع الوصول لكارثة.

وقال في حديث لـ"فلسطين" إن: "تراكم النفايات على مدار الأيام الماضية جعل الرائحة في مستشفى الشفاء بالغة السوء، خاصة في الأقسام الحساسة كالعناية المركزة، وحضانات الأطفال والعمليات الجراحية".

وأضاف: "في اليوم الرابع لتراكم النفايات، جاءت بعض الفرق الشبابية، وبجهود ذاتية، لتنظيف المكان ونقل القمامة المتراكمة في المستشفى، خلال اليومين الماضيين".

وتابع: "الحملات الشبابية يمكن أن تستمر لعدة أيام، ولكن هذا لن يسهم في حل المشكلة من جذورها"، مؤكدا: "بدون إعطاء عمال النظافة أجورهم ستستمر المعاناة، وأي مشاركة شبابية لتنظيف المستشفيات هي حلول مؤقتة لا تفي بالغرض لمنع وصول المكاره الصحية للمرضى وانتشار الأوبئة في المستشفيات".

وأوضح السحباني أن "إدارة مستشفى الشفاء رفضت لمبادرة المتطوعين في البداية، إلا أن إلحاحهم في ذلك، ووصول رائحة النفايات لمستويات لا تطاق وتؤثر على المرضى بشكل كبير، دفعا الإدارة لقبول الفكرة".

وبين أنه تم اتخاذ بعض الاحتياطات مع الفرق الشبابية لضمان عدم تعرضهم لأي أمراض، وتم التركيز على توجيههم خلال عملية جمع ونقل النفايات كما تمت الاستعانة بشاحنات تابعة للبلدية للتخلص من النفايات.