فلسطين أون لاين

عدوٌ بين فكي مقاومة

لأول مرة في تاريخ المواجهات مع العدو الإسرائيلي لا يرتفع فيها منسوب التوتر على الحدود بين الكيان الصهيوني وقطاع غزة فقط، بل ارتفع منسوب التوتر بين العدو الإسرائيلي ولبنان وسوريا في الوقت نفسه، حتى شهدت الأيام الماضية مواجهات بين دفاعات الجيش السوري وطائرات الجيش الصهيوني، لقد حدثت تلك المواجهات في ذروة اليقظة العسكرية في قطاع غزة، وكأن حال جبهات المقاومة في هذه المرحلة من تاريخ الصراع قد اختلف عما كان عليه من تمزق، فطالما كان العدو واحدا، وأطماعه في المنطقة متعددة، فمن الضروري أن تتوحد جبهات المقاومة خلف هدف واحد، وأن تتوجه الصواريخ والقذائف العربية إلى الجبهة الداخلية لهذا العدو، دون السماح له بالتفرد بكل جبهة على حدة.

ولأول مرة يسمع العدو الإسرائيلي تهديداً مباشراً بالرد المباشر لا من قبل سوريا فحسب، بل ومن قبل حزب الله في لبنان ومن قبل حركات المقاومة في غزة، وهذه خطوة أخرى متقدمة على طريق التنسيق الميداني للمواجهة، سبقتها خطوات كبيرة على طريق الإعداد والتمويل والتسليح والتدريب، شملت ساحات غزة ولبنان وسوريا في آن.

لا شك أننا أمام حالة عربية جديدة ناهضة، لها ما بعدها من فرض حقائق ميدانية مفاجئة، ولها ما بعدها من تنامي تحالفات جديدة، تعالج الخلل الناجم عن ارتماء بعض الدول العربية وبعض القوميات في حضن الدولة الصهيونية، واتخاذها صديقاً وحليفاً استراتيجياً لا يخدم إلا مصالح أعداء الأمة العربية والإسلامية.

الحالة العربية الناهضة فرضت على وزير الحرب الصهيوني ليبرمان أن يرمي أعداء دولته عن قوس أمريكية حاقدة، وهو يذكر أعداءه بالاسم، وعلى رأسهم إيران كما يقول ليبرمان: التي أعلنت الحرب علينا منذ فترة طويلة، وتقاتلنا عن طريق وكلائها حزب الله والجهاد الإسلامي وحماس والنظام السوري، ويقول: إنه سيفعل كل شيء للحفاظ على أمن دولته.

وحتى لا يتمكن وزير الحرب الصهيوني من فعل كل شيء، فإن الضرورة تقضي بتكسير أذرع الجيش الصهيوني، وهذا لا يتحقق إلا من خلال شمولية الحرب القادمة مع هذه الدولة المارقة، حرب بين كل من يرفض إسرائيل، وبين كل من يدعم هذه الدولة، حرب شاملة واسعة متعددة الأطيافِ، لا تقتصر على تحالف قوى المقاومة في الشرق والغرب والشمال والجنوب فقط، بل تشمل كل قوة عربية وإسلامية ترفض الهيمنة الأمريكية، وترفض التسلط الإسرائيلي، وترفض تسليم مقدرات المنطقة وخيراتها لتحالف أعداء لا يرحم الضعفاء، ويحرص على بث بذور الفتنة والتفرقة بين شعوب الشرق، كي تسهل عليه السيطرة عليهم، واقتناصهم كالأغنام، واقتيادهم كالأنعام أو أضل سبيلا.