فلسطين أون لاين

​حين تُرزق الحكمة

...
صورة تعبيرية عن الحكمة
بقلم / ربا إسماعيل

قلت لنفسي يومًا: "إن عرفَ المرء الطريق إلى الحكمة استراح فرزق سعادة الدارين", كنت أعتبرها مقولة خالدة يصعب علي تطبيقها فأنا كثيرة التسرع وقلبي عاطفي فيما يتعلق بذاتي لا بالآخرين؛ فكثيرًا ما كنت مرشدة وهادية لهم للطريق الأصوب.. لكني مع نفسي أقيم الدولة الفاضلة التي أحلم بها ولست أقصد الدولة الفاضلة التي أقامها أفلاطون من قبلي فهي تختلف عن دولتي وأناسها وشوارعها وأحكامها وقوانينها؛ وربما كثر من يقيمون الدولة التي يريدون.. فأضحك تارةً لتأملاتي التي أعيش وأسير متخبطة فيها.. فلا أحصد شيئًا سوى بعضًا من الخيالات الواهية التي تسقطني أرضًا مع أول اصطدام بواقع محروم من الدولة التي أرغب.

أما اليوم وبعد أن عرفت أنواعًا وأصنافًا من البشر في دولتي.. كل واحد منهم يعتبر نفسه طيبًا أو مظلومًا أو صادقًا أو مخلصًا أو وفيًا.. ولا يمكن أبدًا ألا يكون كذلك ولو تركته يصف نفسه لقال إنه ملك أرسل من السماء؛ ولكن لا بأس فهي عادة البشر ألا يعترفوا بحقيقة ذواتهم ولو كانوا أشد الناس سوءًا وظلمًا.

وظيفتي في الجلوس مع صديقاتي معروفة.. النصح والإرشاد تبعًا للخير؛ أعاملهم وأعرف ما ينقصهم فأضرب أمثلة من هنا وهناك تقرب فعلهم فيستنكرون ويستاؤون فأبتسم وأقول: "شفتي كيف بيعملوا.. ربنا يهديهم".

التعليم بالمثال مجدٍ فكيف وإن كان يمس شيئا منهم.

وهكذا تستمر الحياة بتعليمنا.. بإنضاجنا.. ببث سلامة الداخل حولنا .. بإرشادنا للنور فطريق الحكمة اليوم بات سهلا بعد أن يسره الله لي لأسلكه وأطبقه مع نفسي .. فخطو الخطوة الأولى ولو كانت ثقيلة على النفس وعادتها إلا أنها تعني نجاحا كبيرا فباقي الخطوات ستكون منوعة ما بين الخطو العادي ثم الجري ثم القفز وصولا لمراد العارفين .. حيث الحكمة .. فلا تترددوا.

حينما ترزق الحكمة تسعى للفضيلة لا غيرها .. ترى طرقًا عدة فلا تختار إلا أصلحها .. ترى مشارب مختلفة فلا تميل إلا للمشرب الطيب .. لا شيء يهزك من الداخل فلكل أمر حل أبسط مما تتوقع .. تترك أثرا حسنا في الجميع .. تظهر نفسك على حقيقتها لا كما يظنون .. تبتسم دوما فالسعادة تصنعها مع الجميع إثر فهمك لكل نفس وطريقة التعامل معها.

وبحق طريقها يصعب على النفس التي اعتادت الدلال وصنع ما تريد وفق رغبتها فقط .. لكن لا بد لك أن تبحث عنه و تبدأ السير به وإني أرشدك ما أهدتني صديقتي إليه لتيسير الطريق حيث "الدعاء" يملأ النفس فتسمو به.

"رب ارزقنا الحكمة" ومن وقتها وصلنا للراحة المنشودة بفضل الله.. فرددوه دوما.