فلسطين أون لاين

​في تربية ابنك المراهق.. ربما تحتاج لغضّ الطرف

...
غزة - نسمة حمتو

المراهقة، مرحلة من مراحل عديدة يمر بها الإنسان في حياته، وما دامت مرحلة فهي إذاً مؤقتة، ومن المهم جداً أن ينظر إليها الآباء والأمهات هذه النظرة، لأن ذلك يزوّدهم بطاقة عظيمة تعينهم على التحمل، كما يزودهم بالأمل والترقب لما هو أفضل، خاصة أن المراهقين يشكون، في معظم الأحيان، من سوء فهم الكبار لهم وكثيراً ما يعبرون عن الشعور بالظلم وعدم نيلهم لحقوقهم.

دائرة المباح

قال الشيخ مصطفى أبو توهة: "الآباء والأمهاتُ يشكون من الرعونات التي تظهر من أبنائهم المراهقين ومن الأذى الذي يسببونه لسمعة العائلة، هذه الأمور تفرض على الأسرة معاملةً خاصة وحساسة تراعى فيها النفسية والمستوى العقلي والتجربة الاجتماعية المحفوفة بالمخاطر والتي سيقبل عليها المراهقون".

وأضاف لـ"فلسطين": "توجد فجوة ثقافية تجعل جيل الآباء وجيل الأبناء في سوء فهمٍ كلٌ تجاه الآخر، فقد يميل المراهق لأمور لا تروق لوالديه، وينظر إليها من باب الحلال والحرام، وأحيانا تكون غير مقبولة لهما لكنها ليست محرمة، وهنا يكون الحل في المسايرة والملاينة، إذ ينبغي على الوالدين أن يغضوا الطرف عن أي مظهرٍ أو سلوك ما دام في دائرة المباح، وإن كان غير مستراح إليه، ثم هي الثقة المتبادلة بين الطرفين حين تشعر الفتاة بدفء العلاقة مع أمها كما لو كانت صديقتها، وشعور الصداقة بين الفتى مع والده".

وتابع: "ومن أجل الوصول إلى هذه العلاقة الدافئة بين الجيلين ينبغي إكرام أصدقاء الأبناء ومراقبتهم، كمراقبة الطبيب للمريض وليس مراقبة الشرطي للص، وحيث إننا نعيش في زمان الفضائيات المفتوحة ليكون العالم أسرة واحدة ينبغي أن نحمي المراهق من كل محاولات الإسقاط الأمني والأخلاقي، فالمراهقون يعتقدون أنهم في مأمن وأنهم لا يُخدعون ولهذا فإن علينا أن نرسخ في وعيهم أن هناك مجرمين محترفين وأن كثيراً من الراشدين الناضجين وقعوا ضحية غفلتهم أو تساهلهم في بعض المواقف".

وبين: "وإذا كانت الصداقةُ ضريبة العلاقات الاجتماعية فمن واجب الوالدين أن يتدخلا في اختيار الأصدقاء وكما قيل (الصاحب ساحب)"، فقد ورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قَال: "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِل".

بر الأمان

وأوضح أبو توهة: "لعل من أوسع الأبواب التي يمكن أن ندخل من خلالها بر الأمان أن تكون المسافة بين الوالد وولده قريبة جداً فلا تنافر ولا تناكر، وذلك من حيث توفير ما يستطيعه الوالد من الاحتياجات المادية إضافة إلى المشاركة في الجلسات الخاصة إن كان الابن وحيداً أو مع أصدقائه ثم النزول إلى مستواه الفكري ليعيش الوالد ذلك الفضاء الذي يحلق فيه الابن فيخاطبه بلغته ويجيبُ على أسئلةٍ إن لم يجبه عليها فربما بحث عن جهات غير مأمونة لمعرفة الحقيقة منها".

وبحسب أبو توهة، فإن الأهم من كل ذلك ألّا يبدأ الاهتمام بالمراهقين في تلك المرحلة الحرجة، وإنما من قبل ذلك بكثير حيث الطفولة المبكرة ثم الطفولة المتأخرة، تأديباً وتهذيباً على الحق والخير، وعلى مبادئ الدين، لتمر تلك الفترة كسحابة صيف.

ومن أمثلة البدايات المبكرة في الاهتمام بالأبناء، قول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ".