فلسطين أون لاين

​في ظل استمرار الاستقطاع من الرواتب

تفاوت وجهات النظر بشأن "تأجيل أو جدولة" البنوك للأقساط

...
اقتصاد القطاع يعتمد بشكل أساسي على رواتب الموظفين (أرشيف)
غزة - رامي رمانة

تفاوتت وجهتا نظر محللين اقتصاديين، بشأن المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية التي ينبغي أن تتحلى بها المصارف ومؤسسات الإقراض الفلسطينية، في تحصيلها مستحقاتها من الموظفين المقترضين في قطاع غزة، الذي يتقاضون رواتب مجتزأة منذ نحو 8 أشهر.

فوجهة النظر الأولى ترى أن المصارف يجب أن تقف في موضع المسؤولية، وتؤجل التحصيل إلى حين تخطي الأزمة الراهنة، مبينة أن التأجيل تأثيره هامشي على الايرادات، إذا ما قورنت بحجم الأرباح المحصودة في ظل الحصار.

أما الوجهة الثانية فتبين أن المؤسسات المالية لديها مودعون، ومستثمرون، وأي تأجيل يؤثر على عملياتها المالية وأرباحها، ويعرضها للمخاطرة، وتطرح خيار جدولة الديون.

وحسب دراسة أعدتها دائرة التخطيط والدراسات في وزارة الاقتصاد الوطني بغزة: عقب فرض السلطة عقوباتها الاقتصادية على القطاع تراجعت رواتب الموظفين من 53 مليون إلى 38 مليون دولار شهريّاً، تبقى منها في السوق 23 مليون دولار بعد أن استحوذت البنوك على 15 مليون دولار، وهي أقساط القروض.

المختص في الشأن الاقتصادي د. رشدي وادي يؤكد أن الأزمة الاقتصادية المحدقة بالقطاع المحاصر تستطيع المصارف المحلية ومؤسسات الإقراض أن تساهم في التخفيف من وطأتها، بدرجة مؤثرة.

ويقول لصحيفة فلسطين: "لابد أن تقف تلك المؤسسات المالية عند مسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية، بتأجيل الأقساط على المقترضين إلى حين أن تخف الأزمة".

يضيف وادي: "إن البنوك إذا أجلت الأقساط مدة ما فإنها تمكن الأسر من تأمين احتياجاتها على الأقل الأساسية، بعد أن عجزت عن ذلك في ظل مواصلة السلطة استقطاع أجزاء من الرواتب، أيضًا التأجيل يعطي السوق فرصة للانتعاش مجدداً، وعودة الدورة المالية للحركة".

ويشدد على أن هذا التأجيل لن يكبد تلك المصارف خسائر كبيرة أو يفقدها ثقة المودعين والمستثمرين فيها، بل يعزز من وجودها ويحافظ على عملائها.

ويرى أن تأجيل الأقساط قد يخفض من حجم الإيرادات التي تتحصل عليها البنوك مدة بسيطة، "وهي هامشية إذا ما قورنت بحجم الأرباح التي تتكسبها في ظل الحصار"، حسبما يقول.

ويدعو وادي مؤسسات القطاع الخاص، وجمعية رجال الأعمال والغرف التجارية ومؤسسات المجتمع المدني للوقوف جنباً إلى جنب، لوضع المصارف عند دورها ومسؤوليتها في هذا الصدد، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية.

ويشدد على أن تراجع القوة الشرائية في قطاع غزة ترك آثاره السلبية على التجار والشركات، إذ تكبد العديد منهم خسائر مالية كبيرة، وأضحوا ملاحقين من القضاء بسبب الشيكات المرتجعة.

أما المختص في الشأن المالي الحسن بكر فيبين أن المصارف هي شركات مساهمة عامة، وأي قرار مالي يتخذ لابد من دراسته دراسة معمقة، لأن التخبط يعد تحدياً ويعرضها للمخاطرة.

ويذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن تأجيل أقساط الموظفين سيؤثر على ربحية البنك، ويضيع عليه ما يسمى في العُرف الاقتصادي الفرصة البديلة، ويدفع المستثمر إلى التوجه إلى وجهة أخرى.

ويرى أن جدولة القروض هي الوسيلة الأسلم للطرفين، إذ تمكن المدين من إعادة توزيع ديونه توزيعًا يلائم الوضع المستجد، وتضمن للدائن تحصيل ديونه مقابل فائدة مالية.

وكان قطاع غزة يعتمد قبل فرض السلطة عقوباتها على عدة مصادر للسيولة: رواتب موظفي السلطة (53 مليون دولار)، ورواتب موظفي حكومة غزة السابقة (17 مليون دولار)، ورواتب موظفي وكالة الغوث (16 مليون دولار)، ورواتب موظفي مؤسسات غير حكومية (10 ملايين دولار)، وأجور القطاع الخاص (12 مليون دولار)، وعوائد التصدير (3 ملايين دولار)، فضلاً عن تحويلات من الخارج.

وانتقد اقتصاديون قرار سلطة النقد الذي سبق الاستقطاع من الرواتب، المتمثل في إقراض الموظف 50- 60 ضعف الراتب، قرضًا شخصيًّا استهلاكيًّا غير منتج، إذ إن إجمالي التسهيلات بلغ في عام 2017م نحو 994 مليون دولار بنسبة 88.5% من الودائع، وهى نسبة مرتفعة، إذا ما قورنت بنظيرتها في الضفة الغربية التي بلغت 65%.