أكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي شرعت في مرحلة تهجير قسري جديدة لفلسطينيين في مناطق (ج) بمعدل 28% من مساحة الضفة الغربية المحتلة، كاشفًا عن توجهات إسرائيلية لتحويل بعض المستوطنات فوق أراضي الضفة لـ "مدن".
وأوضح عساف في حوار عبر الهاتف مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن العام الماضي (2017) يعتبر من أكثر الأعوام التي شهدت بناء وحدات استيطانية منذ اتفاق "أوسلو"، إذ وصلت عدد الوحدات الاستيطانية التي بناها الاحتلال في الضفة والقدس المحتلتين، لـ 13 ألف وحدة عدا عن الوحدات الفردية، وإنشاء 7 بؤر استيطانية جديدة، و"شرعنة مجموعة من البؤر وتحويلها لمستوطنات رسمية"، كما شهد ذات العام 550 عمليات هدم لمنازل فلسطينية.
وقال عساف: إن حكومة الاحتلال منذ نهاية العام الماضي وبداية العام الجديد 2018م، بدأت في مرحلة جديدة بتنفيذ مشروع التهجير القسري للفلسطينيين من مناطق "ج" والسفوح الشرقية ومنطقة الأغوار، بإعطائهم أوامر هدم وإزالة 8 تجمعات فلسطينية، 5 منها شرق محافظة طوباس، و5 شرق القدس، وواحدة شرق يطا جنوب الخليل.
وبين أن التهجير الجديد يشمل مناطق واسعة من الضفة (منع الاحتلال البناء فيها منذ عام 1967)، وهي السفوح الشرقية والأغوار التي تشمل مساحتها 28% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وأشار إلى أن هناك أعدادا قليلة من الفلسطينيين يسكنون في تلك المناطق؛ بسبب سياسة الاحتلال منذ خمسين عاما الرامية إلى هدم أي مبنى فلسطيني، لافتا في الوقت ذاته، إلى أن تلك المناطق تضم 155 تجمعا فلسطينا كلها تجمعات بدوية يمنع الاحتلال البناء فيها أو إيصال الخدمات إليها، ويهدم منشآتها كل عامين أو ثلاثة.
وذكر أن المستهدف من التهجير في المرحلة الأولى 46 تجمعا فلسطينا تقع شرق القدس، يعمل الاحتلال حاليا على تهجير الفلسطينيين من هاتين المنطقتين، ومن ثم البدء بتطبيق المرحلة الثانية والثالثة بتهجير التجمعات شرق الخليل وطوباس.
ووفقا لعساف، فإن أعداد الذين بلّغوا بأوامر هدم منذ بداية العام الجاري قرابة 500 عائلة فلسطينية، فيما شهد العام الماضي 2017م إعادة بناء 500 منزل هدمها الاحتلال، وذلك مقارنة مع العام 2016م الذي شهد إعادة بناء 1100 منزل مهدم.
تقسيم الضفة
وفيما يتعلق بالمخططات الإسرائيلية بالضفة المحتلة، أكد عساف أن الاحتلال يواصل سياسة تقسيم الضفة "كنتونات" ويبذل جهوده في بناء الكتل الاستيطانية الكبرى التي تحاول تقسيم الضفة بالتزامن مع مشاريع صغيرة، منها توسيع المستوطنات لتشكل الإطار الفاصل بين المدن الفلسطينية، وبالتالي "يتكون المشروع الاستيطاني الكبير، ويتشكل مخطط الكنتونات".
وأضاف أن "المخطط الإسرائيلي يتم ترسيمه بشكل تدريجي، لكن هناك مقاومة فلسطينية شعبية ضد محاولة السيطرة على الأراضي".
ومن بين المقاومة الشعبية ضد الاستيطان الإسرائيلي – والقول لعساف - التوجه لمحكمة الجنايات الدولية والمنظمات والمؤتمرات الدولية، ولجان المقاومة الشعبية ضد الاستيطان، وإعادة بناء المنازل المهدمة.
واستدرك "السلطة قدمت ملف الاستيطان لمحكمة الجنايات الدولية لكن إجراءات المحكمة بطيئة، ومن غير المتوقع أن نلمس شيئا سريعا (..)، علينا الاعتماد على أنفسنا في مواجهة المشروع الاستيطاني إلى أن يتم تحريك الملف"، كما قال.
وتابع: "علينا أن نعتمد على أنفسنا؛ لأننا دخلنا مرحلة الصمود والبقاء ومواجهة مخططات التهجير وتصفية القضية، وتحديدا الملفات الأساسية للقضية كالقدس واللاجئين والحدود، عبر ما يسمى صفقة القرن التي ترتكز على أنه لا وجود للشعب الفلسطيني في الخارطة السياسية القادمة، من خلال تصفية الملفات التي يرفض الفلسطينيون التنازل عنها، وإسقاط ملف القدس والحدود وإلغاء قيام دولة فلسطينية، والبحث عن دولة خارج إطار الأراضي الفلسطينية".
إعلان ترامب
ونبه رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أن حكومة الاحتلال استثمرت الإعلان الأمريكي الأخير القدس عاصمة للاحتلال، فبدأت بالمصادقة على القوانين العنصرية مثل: قانون التسوية الذي يتيح سرقة الأراضي بالقوة، وقانون "القدس الكبرى" الذي يتيح توسع حدود مدينة القدس لتضم مجموعة من المستوطنات الكبرى كـ"مستوطنة معاليه أدوميم، وغوش عتصيون، وجفعات زئيف، وكيدار واحد واثنين، وكفار أدوميم".
وعدَّ الإعلان الأمريكي بمثابة "غطاء دولي للاحتلال يحميه دون أي مساءلة، ويعطي الضوء الأخضر بزيادة البناء الاستيطاني، الأمر الذي استغله الاحتلال عبر إصدار مجموعة من القوانين العنصرية".
وقال إن هناك ثلاثة مستويات للاستيطان في القدس، الأول: داخل حدود البلدة القديمة من خلال السيطرة على المزيد من المنازل بالقوة والتزوير والعمل على تقسيم المسجد الأقصى وزيادة شبكة الأنفاق والتمهيد لبناء "الهيكل" المزعوم.
والمستوى الثاني: السيطرة على الأراضي المحيطة كافة بالبلدة القديمة وتحويلها لأحياء يهودية وفصل الأحياء الفلسطينية عن بعضها البعض من خلال إقامة مستوطنات إسرائيلية أو طرق وحدائق تلمودية؛ لربط الأحياء اليهودية وتغييب الأحياء الفلسطينية عن المشهد.
والمستوى الثالث: والكلام لا يزال لعساف، يتمثل بإقامة الغلاف الخارجي للمدينة المقدسة من خلال إقامة مجموعة من المستوطنات بمحيط المدينة وربطها ببعضها البعض.
وأشار إلى أن الاحتلال يعمل على تطبيق قانون "القدس الكبرى" الذي أقره الكنيست الإسرائيلي الشهر الماضي، بعد أن سبق ذلك ببناء جدار الفصل الذي يفصل حي شعفاط وكفر عقب.
ووصف مخططات الاحتلال لتهجير أكثر من 140 ألف فلسطيني خارج حدود المدينة المقدسة، كأحياء كفر عقب وضاحية السلام ومخيم شعفاط، تطهيرا عرقيا من خلال سحب الوثائق الشخصية من المقدسيين وحرمانهم من حقوقهم.
وأحصى عساف خلال 20 عاما، سحب سلطات الاحتلال أكثر من 16 ألف وثيقة شخصية لأهالي القدس، و10 آلاف طفل مقدسي غير مسجلين بالوثائق المقدسية، وهناك 170 ألف فلسطيني أخرجوا من داخل حدود القدس وأجبروا على الإقامة في محيطها؛ بسبب عدم منحهم تراخيص بناء.
واستطرد هناك 17 ألف منزل مهدد بالهدم هذا العام شرق القدس، بزعم البناء دون ترخيص، فيما هدم الاحتلال 4 آلاف منزل داخل حدود القدس منذ سنوات.
الاستيطان بالأغوار
وفيما يتعلق بالأغوار الفلسطينية، أكد أن هناك مخططين في الأغوار الأول: يقوم على مصادرة الأراضي الفلسطينية ومنحها للمستوطنين ضمن مشروع استثماري واقتصادي كبير، لافتا إلى أن الاحتلال منح المستوطنين 160 ألف دونم في الأغوار، بعد أن قام بالسيطرة على المياه وشواطئ البحر الميت والأملاح التي يتم إنتاجها.
والمشروع الثاني: الذي يتم على مخطط استيطاني بإقامة ثلاثة مستوطنات جديدة وتوسيع عشر مستوطنات أخرى بالأغوار، ومنح 70 ألف شيقل لكل مستوطن ينتقل لمنطقة الأغوار، وهذا يراد منه تصفية ملف الحدود.