فلسطين أون لاين

​هل يشعل إسقاط المقاتلة الإسرائيلية حربًا شمال فلسطين؟

...
حطام الطائرة الإسرائيلية (أ ف ب)
دمشق / غزة - نور الدين صالح

أثار إسقاط المقاتلة الإسرائيلية بنيران الدفاعات الجوية السورية، جملة من التساؤلات بشأن فرص اندلاع حرب إيرانية إسرائيلية ساحتها سوريا، وربما لبنان، أو أنها ستعيد رسم الخطوط الحمراء لكل طرف، أو كليهما.

وكان جيش الاحتلال أعلن، أمس، سقوط مقاتلة حربية من طراز اف 16، إثر تعرضها لنيران المضادات الجوية السورية، حيث قال الناطق باسمه إن المقاتلة تحطمت ونجا طاقمها المكون من طيارَيْن بعد تنفيذها غارة على أهداف إيرانية داخل الأراضي السورية.

وتعد هذه المرة الأولى التي تتمكن فيها دفاعات جوية سورية من إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، بعد أن نفذت (تل أبيب) أكثر من 26 هجوما داخل سوريا منذ عام 2013، كان آخرها قبل أيام، عندما قصفت مجمع البحوث العلمية بريف دمشق.

انكسار إسرائيلي

الكاتب والمحلل السياسي من دمشق أحمد الحاج علي، قال إن الاحتلال تفاجأ بقوة الرد السوري على دفاعاته الجوية، كونه يعتقد أن سوريا مُتعبة ولا تملك سلاح الرد والردع، معتبراً ذلك "انكسارا لقوة الاحتلال".

وأوضح الحاج علي في حديث لـ "فلسطين"، أن الاحتلال حاول تعويض حالة الانكسار التي لحقت به، عبر شن المزيد من الغارات على أهداف عسكرية في دمشق.

وأضاف أن المشهد الحالي "صعب جداً"، نظراً لوجود تطور مستمر، سواء في إيران أو في نوعية التكتيك المستخدم في البحث عن أسلحة من روسيا الاتحادية، مشيراً إلى أن الاحتلال والولايات المتحدة يدركان خطر إشعال حرب عالمية.

وتابع "أن (اسرائيل) ذهبت لخيار المقامرة والمراوغة عبر محاولتها طلب التدخل الروسي والامريكي، وعقد جلسة لمجلس الأمن، والتوجه لخيار التهدئة، كونها تدرك أن التمادي في العملية العسكرية يؤدي إلى انكسار هيبتها".

واستدرك الحاج علي: "لكن الحرب خيار نضعه في الاحتمال النظري والأخلاقي، لأن العدو معروف بمكره، لذلك يجب على العرب البقاء في حالة يقظة وجهوزية في حال شن أي عدوان محتمل".

بدوره، رأى الباحث في الشأن الاسرائيلي بدمشق تحسين الحلبي، أن (اسرائيل) وجيشها غير معنيين بجر حرب شاملة في الوقت الراهن، في ظل عدم وجود "جبهة داخلية" متماسكة له.

وقال الحلبي لـ "فلسطين"، "(اسرائيل) تدرك تماماً أنه لن يستطيع شن حرب شاملة، لأنها لن تنحصر على سوريا فقط، بل ستشمل جنوب لبنان والجولان، وستشارك فيها كل أطراف المقاومة".

وأشار إلى أن "الأطراف الثلاثة وهي سوريا ولبنان وإيران، ستتصدى للاحتلال في حال شنَّ حربًا، وهو ما يخشاه في الوقت الحالي، لذلك لا يمكن أن تفكر (إسرائيل) بضرب جبهة الشمال وحرب شاملة"، وفق تقديره.

وبحسب الحلبي، فإن إسقاط الطائرة الاسرائيلية أفقد جيش الاحتلال هيبته أمام المستوطنين وقادته السياسيين، كونهم يعولون على سلاح الجو أنه السلاح الاستراتيجي، "لذلك فإن المستوى السياسي في الكيان الاسرائيلي لم يستطع ردع جيش مُنهك منذ 8 سنوات"، حسب قوله.

وذكر أن (اسرائيل) حاولت امتصاص النقمة التي وقعت فيها عقب سقوط الطائرة، من خلال شن هجوم على 12 هدفاً للجيش السوري ومواقع إيرانية في دمشق، مما يدلل على وجود "حالة من الارتباك لديها".

أما السبب الآخر لعدم إمكانية اندلاع حرب، والكلام للحلبي، فهو أن إيران أصبحت معروفة بقوتها وقدرتها على تطوير أسلحتها وتطبيق التكنولوجيا الصاروخية، وهي دولة حليفة لسوريا وفق اتفاق بين الدولتين.

ولم يختلف قول المختص في الشأن الاسرائيلي بالداخل المحتل نظير مجلي، عن سابقيه، بأن احتمالات اندلاع حرب في الجبهة الشمالية "ضعيفة".

مرحلة تاريخية

وعد مجلي، ما يجري في المنطقة حالياً "مرحلة تاريخية جديدة وسابقة لم تحدث منذ سنوات طويلة، في ظل أجواء الهدوء التي تسودها".

وقال مجلي لـ "فلسطين"، إن اعتراض الطائرات الاسرائيلية وإسقاط إحداها "أمر غير عادي وهي سابقة فريدة من نوعها"، مشيراً إلى أنه لم يتم إسقاط أي طائرة مقاتلة اسرائيلية في منطقة شمال فلسطين منذ عام 1982.

وأوضح أن هذا الحدث غيّر الفكرة الاسرائيلية التي تنص على أن سلاح الجو بإمكانه الدخول والخروج وضرب المنطقة التي يريدها وفق ما يشاء.

استنفار القسام

بالتزامن مع الأحداث الجارية في شمال فلسطين المحتلة، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع المسلح لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عن رفع درجة الاستنفار في صفوفها، نظراً للأحداث التي يشهدها شمال فلسطين.

وقالت الكتائب في بيان مقتضب لها: "تعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام عن رفع درجة الاستنفار في صفوفها لحماية شعبنا والرد على أي عدوان صهيوني وذلك نظراً للأحداث التي يشهدها شمال فلسطين المحتلة".

وأجمع المحللون على أن هذا البيان يحمل رسالة مهمة، تدلل على تكاتف قوى المقاومة في شتى المناطق، للرد على أي عدوان اسرائيلي قد يشنه الاحتلال بشكل مباغت.

وقالوا إنه رغم استبعاد خيار الحرب في الوقت الحالي، "إلا أن الاستعداد يجب أن يكون حاضراً بشكل دائم، لأن العدو الاسرائيلي معروف بمكره".