فلسطين أون لاين

انعكاسات قرار مجلس الأمن

المنطق يقول بأن كل خطوة تزعج وتقلق راحة حكومة "نتنياهو"، وتقرب الشعب الفلسطيني من حقه بحريته كبقية شعوب الأرض، حتى ولو كانت خطوة صغيرة؛ بالضرورة هي تسعد الفلسطينيين، ويبنى عليها؛ وتعتبر انتصارا ولو بالنقاط؛ وهو ما حصل في قرار مجلس الأمن المناهض للاستيطان، والذي وصفه "نتنياهو" بالحقير.

اللافت في اعتماد مجلس الأمن الدولي، قراراً يدعو دولة الاحتلال إلى الوقف الفوري والكامل لأنشطتها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مساء الجمعة الماضية، هو أن إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، أرادت أن تلقن قادة الاحتلال درسًا؛ كونهم لا يتعلمون من دروس التاريخ؛ بأن العالم يتغير، وما كان يصلح سابقا لن يصلح مستقبلا.

مشروع القرار؛ والذي تقدمت به نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال وحصل على أغلبية 14 صوتا وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت؛ يرينا مدى أهمية العمل على المستوى الخارجي بالتوازن مع العمل الداخلي، حيث لا يصح إطلاقا عدم العمل بشكل متوازن ومرن، وإغفال أية جبهة تزعج وتضعف الاحتلال.

من يقول إن القرار لن يفيد الشعب الفلسطيني في شيء؛ فهو مخطئ، فكل قرار وحتى كل صيحة وصرخة ضد الاحتلال؛ إن لم تفِد الشعب الفلسطيني فإنها لن تضر، وأصلا الشعب الفلسطيني هو غريق والغريق لا يخشى البلل، والقرار سيدعم ويعزز حملات مقاطعة الاحتلال ومنتجات المستوطنات بشكل تلقائي.

أمر جيد للفلسطينيين؛ أن تقول وتجدد، وعقب التصويت على القرار، مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة "سامنثا باور"، معارضة بلادها لمواصلة (إسرائيل) بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قرار مجلس الأمن والذي طالب بوقف الاستيطان، هو الأول من نوعه منذ 38 عامًا، وقد سبق أن استخدم" أوباما "حق الفيتو لإفشال قرار شبيه به عام 2011م؛ وهو إن كان لن يوقف الاستيطان؛ إلا أنه يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح، وتصحيح البوصلة الدولية نحو الحقوق الفلسطينية.

ما يخشى بعد القرار؛ هو أن لا يبنى عليه من قبل العرب والفلسطينيين؛ كما حصل في قرار محكمة لاهاي بخصوص الجدار، والذي ذهب أدراج الرياح، المشكلة تكمن في عدم استثمار أي خطوة تدعم الحق الفلسطيني.

دولة الاحتلال كانت ومن خلال الاتفاقيات السابقة قد نجحت في فك جزء كبير من العزلة الدولية التي كانت مفروضة عليها، دون أن تدفع ثمن ذلك، والآن حان الوقت أن تدفع الثمن احتلال شعب دون وجه حق.

عدم نجاح "نتنياهو" في إفشال القرار؛ يشير إلى أن الساحة الدولية يمكن من خلالها هزيمة "نتنياهو"، وأن التغيرات الدولية ما عادت تلعب لصالح حكومة الاحتلال -الأيام دول- وهو ما يكابر به "نتنياهو" ولا يريد أن يعترف به.

جيد أن لا يجيد السباحة "نتنياهو" في الساحة الدولية التي أوجدت دولته في ظل غفوة طارئة من العرب والمسلمين؛ بسبب غطرسة القوة ونشوتها الكاذبة لدى "نتنياهو"، وأن يقف العالم مع الحق الفلسطيني أمر جيد، وكل خطة صحيحة تتبعها تلقائيا خطوات أخرى ناجحة، فالأحداث تدفع بعضها بعضا؛ والمعركة في بداياتها، وسيكسبها من يجيد التخطيط، ويحوز على القوة الأخلاقية بجانب القوة العسكرية.