يغرد بها كل فلسطيني ينتمي إلى وطنه يمتلك كرامته، يلفظها كل طفل وشيخ يفهم معناها ويدرك محتواها، لن نعترف بـ(إسرائيل)، تحكيها رمال الوطن وأشجاره، وتسبح بها كل الطيور في أعشاشها، لن نعترف بـ(إسرائيل).
وإن نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس سواء العربية أو الغربية فكلتاهما قدسنا وتربة أجدادنا، ولن نعترف بأنها عاصمة احتلال، فهي المدينة التي تحوي أقصانا، لا شرقية ولا غربية. القدس مكان سياسي وجغرافي وديني تنتمي إليه جذورنا نحن الفلسطينيين نحن العرب نحن المسلمين، فيها تراثنا وتاريخ أجدادنا؛ فليس لليهود فيها مكان ولا مقام، في توراتهم بأن المكان الذي نزل به الوحي على موسى في سيناء وهناك كلم الرب موسى عليه السلام، وهناك نزلت ألواح التوراة، وهناك انحرف اليهود عن دينهم وعبدوا العجل من الذهب المسروق من المصريين جيرانهم، أو هناك سخطهم الله إلى قردة وخنازير.
وليعلم ترامب الصهيوني والقساوسة المنتمون للمسيحية الصهيونية أمثاله؛ بأنه لم يرد في الانجيل ذكر بأن القدس كانت عاصمة (إسرائيل) أبداً، وإن سكن اليهود بين العرب في الأراضي الفلسطينية في مرحلة قصيرة من التاريخ واتخذوا من مدينة تيرزا مكانًا لإقامتهم وبعد ذلك أصبحت يهودا والسامرة موطناً للملك سليمان حسب ما يدعون (النبي سليمان عند المسلمين)، ولكنها لم تذكر القدس بأي حال أنها عاصمتهم.
فالشعب اليهودي في الأراضي المحتلة والخارج يدرك على مر التاريخ بأن القدس لم تكن أبداً أبداً عاصمة لهم في فلسطين، ولكن الصهيونية العالمية المسيحية واليهودية اختلقت ذلك بأفكارها المسمومة لأطماع جغرافية وسياسية واقتصادية استعمارية تكملة للأطماع الصليبية القديمة وأن دولة الاحتلال قامت على أساس التفسير الصهيوني المدعوم سياسيا واقتصاديا وعسكريا ولوجستيا من البروتستانت أتباع الدين الإنجيلي المسيحي المتصهين، فهي ديانة قومية سياسية نفعية وليست ربانية.
وإن كان ارتكاز الصهيونية على وعد الرب خاصتهم بالأرض الموعودة للشعب اليهودي كما يذكرون، يلزم ذلك حق كل مسلم بأرض مكة عاصمة للمسلمين، وحق كل مسيحي نصراني بالناصرة أو بيت لحم عاصمة للمسيحيين.
وإذا كان وعد رباني للشعب اليهودي يلزم أن يتعامل اليهود وفق الإنسانية وروح العبادة الربانية، فلا يسفكون دماً ولا يشردون شعباً، لا ويزاولون عدوانًا على المدن والقرى المجاورة، ولا يقتلون معاقاً أو شيخا أو يعتقلون طفلا أو يعتدون على امرأة، كما هو حال كل الشرائع السماوية.
لذلك لا نعترف بكيان صهيوني أو دولة يهودية التي لا يعرفون حدودها، ولا نعترف بقرارات أوسلو وما نتج عنها من تصفية لقضية شعب تم تشريده عن أرضه، ولا نعترف بأي قرار مصيري لا يُستفتى به الشعب الفلسطيني لأنه غير قانوني، ففي القرارات المهمة والمصيرية يجب الاتفاق بين القيادات المنتخبة من الشعب بجميع شرائحه وأطيافه على إدارة أي تسوية تخرج الصهاينة من الأراضي المحتلة.
إن كل تعاون أو تنسيق أمني هو بمثابة عمالة مع الاحتلال وخرق أمني في الجسم الفلسطيني، وأي اعتراف بيهودية دولة الاحتلال أو بالمستوطنات الجاثمة على الأراضي الفلسطينية كأمر واقع أو بمشروعيتها، والإقرار بحل الدولتين هو خروج عن الصوت الوطني، ومنْ لا يستطيع الحل يجب عليه أن يستقيل ويُبقي الباب مفتوحاً للصراع لحين تتمكن القوى الفلسطينية والوطنية من التحرير، فالجيل القادم وعي المرحلة واستوعب الدرس.
إن القيادة الفلسطينية العجوز قدمت الكثير من التنازلات للعدو مقابل لا شيء، في حين أدارت ظهرها لإخوانهم في القضية والوطن، ولم تدرك خطورة المرحلة وقوة الطغيان الصهيوني المتأمرك وهي قيادة عاجزة مفلسة تتاجر بمصير الوطن وترتبط بأجندة العدو الغاصب سواء ابتزازاً أو اتباعًا والمطلوب منها أن تعيد حساباتها فالتاريخ لا يرحم والشعب لا يغفر لمنْ تحالف مع العدو المحتل ضده.
للأسف حلم الدولة الفلسطينية انتهى مع نفاد القدرة اليائسة للقيادة الحالية التي تنتظر الدعم من الأعداء ونأمل من جيل قادم يعيد لنا الوطن.
والمطلوب من القيادة الحالية التعاون على إدارة القرار الفلسطيني وإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير من منطلق الشراكة الوطنية مع باقي الفصائل الفلسطينية وعدم التفرد في الحكم، فلسطين ليست ملكًا للرئيس ولأى تنظيم يتفرد في القرار، كما توجب على القيادة الحالية قطع العلاقات مع الادارة الأمريكية المتصهينة ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال كما يتوجب عليها التوجه إلى الأمم المتحدة لكشف خبث الاحتلال وجرائمه، أما تصحيح مسار العملية السلمية تكون بالرجوع إلى الشعب وممثليه من نواب المجلس التشريعي التي تعكس التمثيل الحقيقي للشعب بكل ألوانه.