فلسطين أون لاين

"الخريجون".. ضحايا أزمات تزداد تفاقمًا

...
غزة - هدى الدلو


ساهم الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 11 عاماً، بانعدام فرص العمل أمام الخريجين الجامعيين وعدم قدرة القطاع على استيعاب المزيد منهم من كافة التخصصات الأكاديمية، بالإضافة إلى توقف القطاع العام عن التوظيف بسبب حالة التشبع في الوظيفة العمومية.

ضحايا الأزمات

الشابة الثلاثينية أمل إرحيم بصدد إتمام حصولها على درجة الماجستير، على أمل العثور على وظيفة، في الوقت الذي لم تتعثر بها بعد حصولها على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية.

تقول إرحيم لـ"فلسطين": "كل أزمة سياسية تنعكس على الاقتصاد، وبالتالي تؤثر على سوق العمل والتي من شأنها أن تنعكس على الكوادر البشرية والتي من ضمنها فئة الخريجين الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع والذين صاروا بمثابة ضحايا للأزمات السياسية".

وأوضحت أن التقلبات السياسية انعكست سلباً على الأوضاع الاقتصادية، ليصبح اقتصاد البلد متدهوراً بقسوة وسوق العمل يعاني من أزمات طاحنة بسبب الحصار، لذا توقفت المؤسسات عن استيعاب عمال أو خريجين جدد، بل أصبحت تسرح بعض ما عندها بسبب تضررها المالي.

وتابعت: "لم تعد المؤسسات قادرة على استيفاء حقوق العاملين ومن ضمنها قطاع التعليم والذي أصيب بشلل، فمنذ 4 سنوات لم يقم باختبار توظيف، وعندما عقدت وزارة التربية والتعليم الاختبار منحت وظائفها لعدد قليل جداً من الخريجين لا يتناسب مع عدد الخريجين الهائل".

وأشارت إلى أن الخريجين أصبحوا يبحثون عن أي عمل للحصول على لقمة عيش، لكن الوضع متأزم ومنهم من فتح (بسطة شاي وقهوة) وغيره، وبعضهم أهمل دراسته بسبب ما يراه حوله، حيث لا مبشرات في الأفق بالذات بعد انقضاء وقت على المصالحة ولم يتغير شيء على أرض الواقع.

حصار الخريجين

أما الشاب يوسف الهندي الذي تخرج من الجامعة في عام 2014، فعمل لمدة 6 شهور فقط كأخصائي اجتماعي في إحدى المراكز حقوق الإنسان وحل النزاعات، ثم توقفت بعد ذلك كل مشاريع التشغيل في المركز بأوامر من الضفة الغربية، ليتوقف عن العمل هو وما يقارب من 200 شخص كانوا يعملون في ذات المشروع على مستوى القطاع، وأصبحوا على بند العاطلين عن العمل.

وقال: "ضمن حزمة العقوبات المفروضة على غزة تم وقف كل التمويل عن مؤسسات المجتمع المدني، وبالأخص الإدارات صاحبة التوجه الإسلامي، وصادف توقفي عن العمل مع فترة خطوبتي وزواجي الأمر الذي أثقل كاهلي وزاد من عبء التحمل والضغوطات".

ولكن ما أسعفه هو أن لديه مشغلا خاصا لصناعة المنحوتات والتحف الفنية، إلا أنه يقول: إن العمل في هذا المجال يشهد حالة من التذبذب الشديد وعدم الاستقرار بسبب الوضع الاقتصادي العام بغزة.

ونوه إلى أن الخريجين أصبحوا يتوجهون إلى العمل في مجالات بعيدة كل البعد عن مجال شهاداتهم الجامعية.

انعدام الفرص

وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي ماهر الطبّاع الذي يشغل منصب مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية والصناعية في غزة لـ"فلسطين": "إن سبب انعدام فرص العمل في قطاع غزة هو الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، بالإضافة إلى تعطل التوظيف في القطاع العام بسبب حالة الانقسام الفلسطيني".

وأوضح أن معدلات البطالة قد تنامت بين الخريجين في غزة، وتجاوزت معدلاتها الـ60% بين فئة الخريجين، وهناك بعض التخصصات الأكاديمية تجاوزت فيها معدلات البطالة 70%، وذلك نتاج الحصار وانعدام التوظيف في القطاع العام، وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب أعداد كبيرة من الخريجين في ظل الظروف الراهنة.

واعتبر الطبّاع أن فئة الخريجين هي أكثر الفئات تضررًا نتيجة الحصار لعدم تمكنهم من الحصول على فرص عمل، فبعض الخريجين الذين تخرجوا منذ عدة أعوام لم يحصلوا على فرصة عمل ومنهم حملة شهادات دراسات عليا.

وأشار إلى أن هناك العديد من المؤسسات التي كانت تقدم برامج تشغيل مؤقت تعطي فرصا للخريجين للانخراط في سوق العمل لمدة 3 أشهر تقريبًا، فقد كانت تساعد الخريجين على صقل مهاراتهم وتأهلهم لذلك، كما وتساهم في التخفيف من حدة الأزمة بالدرجة الأولى من خلال ايجاد فرصة عمل مؤقتة، ولكن في الفترات الأخيرة شهدت هذه البرامج تراجعا ملحوظا.

وأكد الطبّاع أن تضرر الخريجين وعدم توفر فرص عمل من شأنه أن يؤثر على حال البلد عمومًا، فيشكل الخريج عبئا على الأسرة ومن ثم المجتمع والاقتصاد، مما يؤدي إلى ضعف المكونات الاقتصادية.

ولفت إلى أن بعض الشباب أصبح لديهم توجه في الهجرة للخارج من أجل البحث عن فرص عمل وبناء مستقبلهم، والكثير منهم تفشل تجربته بسبب عدم التخطيط.