يبدو أن واشنطن في ذروة مساعيها لتنفيذ رؤيتها القائمة على تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في إطار ما يعرف بـ"صفقة القرن" التي تعدها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتسوية القضية الفلسطينية.
وجمدت الولايات المتحدة أخيرًا 65 مليون دولار من مساهمتها في ميزانية (أونروا)، ما لاقى احتجاجات على مستويات عدة، لاسيما أن هذه الوكالة أُنشأت في 1949م، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (302).
وتحصل (أونروا) على تمويلها بالكامل تقريبًا من مساهمات تطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأكبر المانحين لـ(أونروا) هي: الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية والمملكة المتحدة والسويد ودول أخرى.
ويقول الكاتب المحلل السياسي عمر عساف: "إن محاولات تصفية القضية الفلسطينية ليست جديدة، بل مستمرة بطريقة أو بأخرى، ومنها محاولة إنهاء (أونروا) التي يرتبط وجودها ببعد سياسي".
ويضيف لصحيفة "فلسطين": "في الآونة الأخيرة ازدادت الخطورة، فهي محاولة للتخلص من القضية الفلسطينية، وذلك بإنهاء وكالة الغوث التي تعد شاهدًا دوليًّا على قضية اللاجئين الفلسطينيين"، مشيرًا إلى أن واشنطن جادة في مساعيها للتخلص من الوكالة بترحيب من كيان الاحتلال الإسرائيلي، وبدعم عربي خليجي، على وفق اعتقاده.
ويلفت إلى الترابط بين قرار واشنطن تقليص مساهمتها لـ(أونروا)، وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
لكن عساف يستبعد نجاح الولايات المتحدة في إنهاء (أونروا)، قبل تحقيق وتنفيذ القرار الأممي (194) القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، مؤكدًا أن وجودها التزام قانوني وأخلاقي للمجتمع الدولي لا يمكن التخلص منه دون حل قضية اللاجئين.
وكانت أمريكا ربطت مساعداتها لـ(أونروا) بعودة السلطة إلى المفاوضات مع الكيان العبري.
وتوقفت آخر مفاوضات علنية بين السلطة وكيان الاحتلال الإسرائيلي في نيسان (أبريل) 2014م، بسبب رفض الاحتلال وقف الاستيطان والإفراج عن أسرى قدامى، وتنصله من حل الدولتين على أساس دولة فلسطينية على ما يعرف بحدود 1967م.
وتقدم (أونروا) خدماتها لنحو 5.8 مليون لاجئ فلسطيني في مناطق عملها الخمسة: الضفة الغربية، وغزة، والأردن، ولبنان، وسوريا.
من جهته يقول أستاذ العلوم السياسية المتخصص في شؤون الاحتلال الإسرائيلي عمر جعارة: "إن تصفية (أونروا) _إذا تحققت_ تعني إلغاء الصفة الدولية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من القضية الفلسطينية"، مشيرًا إلى مساعي ترامب إلى تسوية هذه القضية دون عودة اللاجئين.
ويلفت في حديث مع صحيفة "فلسطين" إلى أن خطط إدارة ترامب تشمل إلغاء المؤسسات الدولية، التي تعترف بقضية اللاجئين الفلسطينيين.
لكن جعارة يعتقد أن واشنطن لن تتمكن من تصفية القضية الفلسطينية بأيٍّ من السبل، مشددًا في الوقت نفسه على أن حق العودة هو العمود الفقري لهذه القضية.