بخلاف ما يثار ويشاع، فإن كل المؤشرات تدلل على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليست بصدد شن أي حملة عسكرية جديدة أو عدوان واسع على قطاع غزة في الأيام الجارية، وذلك وفق رأي محللين سياسيين مختصين في الشأن الإسرائيلي.
ووفق المحللين اللذين تحدثا لصحيفة "فلسطين"، فإن معطيات متعددة تقف حائلًا دون إقدام سلطات الاحتلال على شن عدوان جديد، فيما ينظر للتهديدات الإسرائيلية المتكررة من جانب نفسي ردعي.
وتشن دولة الاحتلال الإسرائيلي حروبا عدوانية مستمرة على قطاع غزة لم تنته فصولها منذ عدة سنوات في الملف الأمني والاقتصادي والعسكري، وهو ما يغنيها عن اللجوء للخيار المكلف المتعلق بالعدوان الواسع وذلك وفق ما يراه المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي د.عدنان أبو عامر.
الأهداف تحرز بلا حرب
ويقول عامر: إن الاحتلال ليس مضطرا وهو يستخدم الأوراق السابقة لشن عدوان عسكري واسع على غزة خلال الأيام الجارية في ظل تحقيقه للأهداف المرجوة دون اللجوء لخيار القوة المميتة، مضيفا: "الأوضاع في القطاع تحقق أهداف الاحتلال الميدانية من خلال الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة واستنزاف قدرات المقاومة، واستمرار الحصار على القطاع".
ويرى أن أي عدوان كبير على القطاع من شأنه أن يسبب إشكاليات كبيرة للاحتلال، وخلق رأي عام دولي وصورة دعائية لا يرغب بها الأخير، منبها أن ما يستبعد خيار العدوان، وجود حالة استنفار عالية لدى المقاومة، فيما تعتمد سلطات الاحتلال في عدوانها على الخديعة وعنصر المفاجأة والصدمة.
ويوضح أبو عامر، أن الاحتلال يعتقد أن القطاع قابل للانفجار في أي لحظة، في ظل الأوضاع المعيشية الاقتصادية ووصولها لحالة غير مسبوقة، ويتخوف من أن يكون الانفجار تجاهه، وهو لا يرغب بالوصول لهذه المرحلة.
ويؤكد أن المناورات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة والتي يربط البعض بينها وبين فرصة شن عدوان جديد على غزة، ليست إلا مناورات دورية ما بين الجانبين لاختبار الجهوزية، استنادا لكون المنطقة كلها تقف على صفيح ساخن.
وصرَّح رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمنية في "الكنيست" آفي ديختر، بأن العدوان المقبل على قطاع غزة "سيشكل حدثا صادمًا لحركة حماس لم يسبق له مثيل".
وقال في تصريحات صحفية "يجب على حماس أن تعلم أن الحرب المقبلة في غزة ستكون مختلفة جدًا".
ردع وقائي
في حين يرى المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن تصريحات ديختر، وغيرها من التصريحات لا تخرج عن كونها "تهديدات وقائية من باب الردع"، وتتعلق في حال حدوث حرب مستقبلية وليست آنية.
ويقول النعامي: إن ما كشفته الصحف العبرية حول اجتماع حكومة الاحتلال الأخير يدلل بشكل لا يقبل التأويل أن المستوى العسكري والسياسي الإسرائيلي يرفضان فكرة شن عدوان خاطف أو حرب عدوانية على قطاع غزة قريبا.
وينبه إلى أن قادة الاحتلال العسكريين يرون أن الوضع في غزة إذا ما بقي على حاله، فإنه سيقود حتما إلى المواجهة العسكرية، فيما يرون في السياق ذاته أن شن حرب عدوانية جديدة على القطاع "لا يصب مطلقا في مصلحة دولتهم".
ويذكر النعامي أن معطيات متعددة تقف حائلا أمام شن حرب على القطاع، أولها غياب الهدف الاستراتيجي الدافع لها، مشيرا إلى أن أي عدوان عسكري واسع سيصبح القطاع بعده من مسؤولية دولة الاحتلال وهو عكس ما تبحث عنه الأخيرة.
ويشير كذلك، إلى أن أي "حملة عسكرية" ستلحق الضرر بمشروع استكمال العوائق المادية والمنظومة الإلكترونية على السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 48، لافتا أن دولة الاحتلال تدرك أن ما قد يشعل فتيل "الحرب" هو تدهور الأوضاع الاقتصادية أكثر فأكثر.
ولفت إلى أن ربط البعض احتمالية وقوع عدوان ضد غزة بالمناورات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، وزيارة بعض القيادات الوازنة من الطرفين لمنطقة الحدود لا يبدو منطقياً، فقد جرت مناورات مماثلة بين الطرفين شمال فلسطين المحتلة، وكانت أكبر مما تجري الآن ولم تقد إلى عدوان أو حرب على لبنان أو سوريا.