فلسطين أون لاين

"الصرف الصّحي".. حرب جديدة لتهجير سكّان "أم الخير"

...
صورة أرشيفية للتجريف في "أم الخير"
الخليل - خاص "فلسطين"


الخليل/ خاص "فلسطين":

تتغير وجهة خربة أمّ الخير الواقعة بمسافر يطّا أقصى الجنوب الشّرقي لمحافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، كلّ عام، بفعل كميات الرّكام الناجمة عن عمليات الهدم للمنشآت، واضطرار أصحاب المنازل المهدمة لإعادة بنائها من جديد إصرارا على الحياة في أراضيهم.

ولجأ الاحتلال مؤخرًا إلى تمديد أنابيب لشبكات صرف صحّي قادمة من مستوطنة "كرميئيل" المجاورة، في أراضٍ تتبع الخربة، وهو ما اعتبره الأهالي أسلوب ضغط جديدا يهدف إلى ترحيل السّكان الفلسطينيين من تلك المواقع.

وتنفذ سلطات الاحتلال بشكل متواصل، خلال الأعوام الماضية، حملات هدم وإخطار للمنشآت الفلسطينية في القرية، بذريعة أنّها أراض تابعة للمناطق (جـ) في الضّفة الغربية، وهي واقعة تحت ملاحقات الاحتلال وتعدياته، بحكم اتفاقية أوسلو التي خوّلت حكومة الاحتلال لإدارة نحو 64% من مساحة الضّفة الغربية أمنيا ومدنيا.

لكنّ سكان أمّ الخير يقطنون في مناطق محدّدة من الأراضي، في حين تستخدم بقيّة المساحات من أراضيها مناطق رعوية للماشية التي تعتبر مصدر دخل عائلة الهذالين البدوية التي تسكن المنطقة، وتستعين بها على الصّمود في وجه إجراءات الاحتلال وتعدياته.

مكرهة صحية

ويقول منسق لجان مقاومة الجدار والاستيطان جنوب الخليل وفي مسافر يطّا، راتب الجبور، في حديث لصحيفة "فلسطين": إنّ "مستوطنة كرميئيل بدأت مؤخرا عمليات إمداد أراضي المواطنين بأنابيب صرف صحّي منتهاها قلب أراضي عائلة الهذالين".

ويلفت الجبور النظر إلى أنّ تنفيذ هذه المشاريع فعليًا يعني تحويل أراضي خربة أمّ الخير إلى مكرهة صحية، وبالتالي ترك مزيد من التضييقات على السّكان المهددين في كلّ تفاصيل حياتهم.

ويوضح أنّ السّكان يعتمدون على الأراضي الرعوية في حياتهم وفي قوت مئات رؤوس الماشية التي يملكونها، وهي أراض شبه صحراوية، وتقلّ فيها الأعشاب الرعوية، ما يضاعف مزيدا من التضييقات على حياة المواطنين ومصادر قوتهم وحياتهم.

ويبين الجبور أنّ الاحتلال يضاعف من معاناة المواطنين، من خلال إجراءاته المتزايدة والعنصرية، ما يشير إلى محاولة إسرائيلية حقيقية لتهجير السّكان، عبر إخطارات وعمليات هدم عاشتها الخربة على مدار الفترة الماضية.

ويرى أنّ إجراءات الاحتلال وتعدياته تهدف إلى الضغط على السّكان للرّحيل عن أراضيهم ومواقعهم، لكنّها تُجابه في كلّ مرّة بمزيد من الصّمود والتحدّي من جانب السّكان، وإصرار على التشبث بهذه الأراضي، باعتبارها المواقع الوحيدة التي بإمكانهم العيش فيها، لانعدام أيّة بدائل أخرى لحياتهم وعيشهم في مواقع أخرى.

إصرار على الصمود

أمّا المسن سليمان الهذالين أحد سكّان خربة أمّ الخير، فيشدد في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أنّ السّكان مصرّون على الصّمود في أراضيهم، وتحدّي كافة التعديات من جانب الجيش والمستوطنين، مشددا على أنّه لا قوّة في العالم تجبرهم على الرّحيل عن أراضيهم أو تركها فريسة مستباحة أمام أنشطة الاحتلال التوسعية.

ويبين أنّ السّكان امتلكوا منذ مئات الأعوام هذه الأراضي، ولديهم كافة الأوراق والوثائق التي تثبت ملكيتهم لهذه الأراضي، فيما أتت المستوطنة والمستوطنون إلى أراضيهم وسلبوها بالقوّة، وحوّلوها إلى مستوطنة، ويمارسون خلال الأعوام الماضية إجراءات ومحاولات لتهجير كامل السّكان والسيطرة على هذه الأراضي، والحيلولة دون أيّ نوع من الحياة الفلسطينية عليها.

وعن خطوط مياه الصرف الصحي التابعة للمستوطنة، يكشف الهذالين عن اعتقاله ومجموعة أخرى من سكّان الخربة، واستجوابهم خشية التصدي لهذا المخطط الجديد، لكنّه ينقل إصرار الأهالي على نيتهم رفض هذا المشروع، والتصدي له بكلّ الطرق والوسائل، من أجل الحفاظ على أرضهم، باعتبارها مصدر صمودهم الأول، في ظلّ ما يؤكّدونه من حالة التهميش التي تعيشها المنطقة، من جانب الجهات الرسمية الفلسطينية.