وصف النائب في المجلس التشريعي المبعد عن القدس المحتلة، محمد أبو طير، أوضاع الأسرى داخل سجون الاحتلال بـ"القاسية جدًا"، مشددًا على أنهم يعيشون في حالة استنزاف داخلية وخارجية.
وأوضح أبو طير في حديث مع "فلسطين"، أن حالة الاستنزاف الداخلية للأسرى تتمثل في الإجراءات والسياسات والانتهاكات العنصرية اليومية التي تتخذها إدارة سجون الاحتلال بحقهم ودون أي التزام بالمعايير والقوانين الإنسانية الدولية.
وأشار إلى أنه لا يخلو يوم إلا وعاثت وحدات القمع التابعة لإدارة سجون الاحتلال بأقسام الأسرى تفتيشا وتنكيلا، وأجرت حملات تنقلات من سجن لآخر، وسحبت المقتنيات أو خربتها، في سياسة تهدف بصورة واضحة لتعكير استقرار الأسرى وعدم خلق أي راحة لهم.
وأفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن النائب أبو طير (65 عامًا) صباح الخميس الماضي، بعد اعتقال إداري دام لمدة 6 أشهر، وقد أعادت اعتقاله في 4 من أغسطس/ آب العام الماضي بعد اقتحام منزله في حي أم الشرايط جنوب مدينة البيرة، وذلك بعد شهرين على إطلاق سراحه من اعتقال سابق أمضى خلاله حكمًا بالسجن الفعلي لمدة 17 شهرًا.
ولفت أبو طير إلى أن عددًا من سجون الاحتلال لا يرى فيها الأسرى الشمس أو الضوء، ويمكثون بين جدران مشبعة بالرطوبة والبرد، مشددًا على أن هذا الواقع ثقيل جدًا وظالم على الأسرى ولا يتحمله أي أسرى غير "أسرى الحرية الفلسطينيين".
وذكر أن إدارة سجون الاحتلال تسير وفقا لسياسة مبرمجة وممنهجة لإيذاء الأسرى وقهرهم نفسيا، بينما يعتمد الأسرى على إرادتهم وتصميمهم على إرجاع أي منجزات يتم سحبها من الاعتداءات المتكررة.
وأكد أبو طير أن الأسرى ورغم ما يجري بحقهم إلا أنهم صامدون، ويتمتعون بمعنويات وقوة نفسية عالية، ويدركون أن كل ما يتعرضون له من أذى يومي يراد منه كسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم وتثبيط عزيمتهم.
وشدد على أن كل الأسرى وعلى مختلف انتماءاتهم ينتظرون ساعة الحرية والفرج، والانعتاق من قيد سجون الاحتلال، لافتا إلى أن رسالتهم إلى كل المستويات الرسمية والفصائلية ضرورة وضع قضيتهم على سلم أولوياتهم وتحركاتهم.
أحداث الوطن
ونبه إلى أن الاستنزاف الثاني الذي يضرب جسم الأسرى يتعلق في مجريات الأوضاع خارج السجن وما يجري في ساحة الوطن من أحداث سياسية متسارعة، لا سيما الأخيرة منها المرتبطة بقرار الولايات المتحدة تجاه القدس.
وأشار أبو طير إلى أن الأسرى يتابعون بشغف واسع الوضع الخارجي، والهجمة المسعورة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية وقضية القدس على وجه التحديد، "ووضوح وجه أمريكا" في مساندتها ودعمًا للاحتلال في قضم حقوق الفلسطينيين.
وقال إن حالة رفض كبيرة تعم الحركة الأسيرة لسياسات الاحتلال وسياسات الإدارة الأمريكية، مضيفا أن "الأسرى ينظرون إلى ترامب كما الكلب المسعور رغم تفاهته إلا أنه يرغب في تطويع كل شيء مصلحة للاحتلال".
وأكد أن "ترامب" يكرر تاريخ رعاة البقر في ظلمهم وتعديهم على حقوق الغير، غير أنه لم تقوَ شوكته وتعلو جرأته إلا اعتمادًا على الحال الضعيف والمتدهور إلى أدنى مستوى للأنظمة العربية والإسلامية.
وتابع: "المصيبة بداية عندنا: لو كانت الأنظمة العربية والإسلامية على قدر المسؤولية، لما وصلت أمريكا ما وصلت إليه الآن من اعتداء علني ومباشر ودون خشية أو خوف من أي أحد كان".
وأصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قرارًا باعتبار القدس المحتلة عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، إلى جانب الأمر بنقل سفارة بلاده من مدينة (تل أبيب) المحتلة إليها.
وحدة الموقف
وفي السياق، طالب النائب أبو طير بضرورة مواجهة القرارات الأمريكية الخطيرة المتخذة بشأن القدس، وسياسات التهويد الإسرائيلية المتسارعة، بوحدة موقف فلسطيني، والولوج في عملية مصالحة حقيقية.
كما وطالب بضرورة إيلاء الشارع المقدسي الدعم والمساندة على أكبر قدر ممكن، لاسيما وأن المقدسيين أثبتوا مرارًا أنهم على قدر المسؤولية ويستطيعون أن يجابهوا الاحتلال بأكفهم العارية وإرادتهم وصولا لتحقيق الانتصار.
واستدل أبو طير بما حققه المواطنون المقدسيون العام الماضي، حينما حاول الاحتلال فرض البوابات الإلكترونية أمام مداخل المسجد الأقصى، وهب في ظلها المقدسيون أياما قليلة ليرغموا الاحتلال على العدول عن قراره.
وأكد أن ما تتعرض له القدس من أخطار ليست الأولى على مدار عمر احتلالها، إذ إن المخططات الاحتلالية تسير في سياق منهج مرسوم وتنفذ تحقيقا لحلم وشعار يهودية المدينة.