فلسطين أون لاين

​محللان: اعتقال السلطة لطاردي الوفد تؤكد "شكلية" مقاطعة أمريكا

...
رام الله / غزة - أحمد المصري

اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في مدينة بيت لحم، أمس، أمين سر حركة "فتح" في مخيم عايدة محمد الحبشي، واستدعت عددًا من الذين شاركوا في طرد وفد الخارجية الأمريكية من المدينة أول من أمس، في مشهد اعتبره محللان سياسيان تحدثا لـ"فلسطين" يتعارض مع تصريحات السلطة حول مقاطعة الإدارة الأمريكية بعد قرار رئيسها دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لـ(إسرائيل).

وكان شبان فلسطينيون طردوا أول من أمس، وفداً من وزارة الخارجية الأمريكية من مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، احتجاجًا على قرار ترامب بشأن القدس.

قرار رسمي

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس بيرزيت، د. عيسى أبو زهيرة، إن كل ما سيق على لسان قيادة السلطة من هجوم تجاه الإدارة الأمريكية، لم يتعد التصريح الإعلامي، حيث بقيت العلاقة ما بين الجانبين على صورتها المعتادة.

ويشير أبو زهيرة لـ"فلسطين" إلى أن الوقائع الحية التي يلمسها حتى المواطن العادي في الضفة الغربية، تؤكد أن القناة ما بين السلطة وأمريكا مفتوحة وتعمل بشكل ممتاز، مضيفا "التصريح العلني تجاه واشنطن شيء والممارسة على الأرض شيء آخر".

وتساءل أبو زهيرة "طالما أن هناك قرارًا رسميًا للسلطة بمقاطعة الولايات المتحدة، بعد قرارها بشأن القدس، كيف وصل الوفد الدبلوماسي الأمريكي لبيت لحم، واضطرار الشبان لطرده، وإدانة الرئاسة الفلسطينية لسلوكهم؟".

وليس هذا السلوك الأول الذي يناقض إعلان السلطة مقاطعة الإدارة الأمريكية، إذ يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إن السلطة دعت القنصل الأمريكي في القدس رسميًا لحضور جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير، في وقت كان الشعب الفلسطيني على اختلاف توجهاته يغلي نتيجة قرار "ترامب" بشأن القدس.

وأكد أبو زهيرة أن النفوذ الأمريكي في الضفة الغربية قوي جدًا، بصورة تدحض أي ادعاءات تخالف ذلك، مضيفا "السلطة الفلسطينية نشأت أساساً بناء على اتفاق أوسلو الذي تم برعاية أمريكية، ولا تجرؤ السلطة على التعامل بشكل ندي مع واشنطن".

بشكل رمزي

ويقدر المحلل السياسي صلاح حميدة من رام الله، أن المقاطعة التي نادت بها السلطة للإدارة الأمريكية، لم تطبق إلا على المستوى القيادي الأول منها، فيما دون ذلك فتدل كافة المؤشرات والمعطيات إلى بقائها على ما هي عليه.

ويذكر حميدة لـ"فلسطين"، أن مقاطعة الإدارة الأمريكية بعد قرارها بشأن القدس جرت بشكل رمزي، حيث إن الجانب الأمريكي لديه الكثير من الصلات في مفاصل السلطة ذاتها، وأن من يعيش في الضفة الغربية يرى شخصياته ورموزه ووفوده تصول وتجول على العديد من المؤسسات المختلفة.

وينبه إلى أن خطوة الشبان المعارضة لبقاء المكتب الأمني الأمريكي في رام الله، وزيارتهم لمؤسسات تجارية في مدينة بيت لحم، تأتي استشعارًا وطنيًا لخطورة بقاء المؤسسات الأمريكية حاضرة في الضفة وعملها بأريحية تامة.

ويقول إن السلطة كمن فقد الشيء والذي لا يمكن أن يعطيه تجاه تطبيق ما تعلنه من تصريحات ضد الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى أن قيادة السلطة تعرف ما هو مطلوب منها جيدًا إزاء الحالة التي فرضها القرار الأمريكي بشأن القدس، غير أنها لا تذهب لهذا العلاج، لأسباب تتعلق بمصالحها.

ويلفت حميدة إلى أن السلطة وإن أرادت فعليا أن تؤثر على الإدارة الأمريكية ودفعها للتراجع عما أقدمت عليه، فعليها الذهاب باتجاه المقاطعة الفاعلة المؤثرة، والتي لا تخرج عن إلغاء فعلي لاتفاق أوسلو، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني بصورة فعلية، إلى جانب الانسحاب من اتفاقية باريس الاقتصادية.