فلسطين أون لاين

​عدم تحديد الأولويات.. خطأٌ شائع يتسبب في التوتر لصاحبه

...
غزة- هدى الدلو

مع تزاحم أعباء الحياة اليومية سواء على الصعيد الشخصي أو المهني، نجد عديدا من الناس يعاني من أزمة مشتركة، فيلاحقهم شعور بأن ساعات اليوم لن تكفيهم لإنجاز مهامهم اليومية، خاصةً أننا أصبحنا في عصر التكنولوجيا التي أصبحت تشغلنا بشكلٍ كبير عن الحياة المهنية وكذلك الشخصية، فالبعض ينصَّب تركيزه على ما في يده وينهي مهامه في وقتٍ محدد دون أن يشعر بالتعب، ولكن في الجانب الآخر هناك أشخاص يتملكهم التوتر حين يشعروا أن الزمن يسابقهم، وأن جبل الأعباء الجاثم على صدرهم يحتاج إلى ساعاتٍ إضافية، لأن التوتر وقف حائلًا أمام إنجاز مهامهم.

تركيز مشتت

الطالبة الجامعية روان سلامة (22 عامًا) تدرس في عامها الأخير، وما لبثت أن شعرت أن التكليفات الدراسية بدأت من أول يوم في الفصل الجامعي من تسليم واجبات، وإعداد مناقشات وتقارير، والتجهيز لبحث التخرج وخطته، فقالت: "منذ اللحظة الأولى التي يطلب فيها الأستاذ تكليف فإننا نبدأ في إعداده وتجهيزه، ولكن قبل موعد التسليم يجد الطالب نفسه أسيرًا للتوتر".

وأضافت: "عدم تحديدي للأولويات يجعل الوقت يمر بسرعة دون دراية، والأهم من ذلك دون إنجازٍ يُذكر، بالإضافة إلى عدم قدرتي على تركيز انتباهي ووقتي على شيءٍ واحد ليتم إنجازه بشكلٍ كامل ثم الانتقال لتكليف آخر".

وأوضحت أن ذلك يجعلها في أغلب الأحيان تعاني من الضغط؛ مما يضطرها للغياب في اليوم الذي يسبق التسليم المتفق عليه، لتنطلق إلى إتمام عدة مهام بنفس الوقت فلا يظهر إنجازها إلا بشكلٍ بسيط، فتشعر بأن طاقاتها ذهبت سدى.

بينما علي صابر موظف في مؤسسة خاصة، فيبدأ يومه في العمل بالاطلاع على البريد الالكتروني وتصفح المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، فيسرق الوقت من بين يديه وفجأة يجد نفسه بعد مضي ساعات من الدوام لم ينهي أي شيء من الملفات المكدسة أمامه، مما يضطره لفعل الموكل إليه بالحد الأدنى من المطلوب؛ مما يجعل تقييمه منخفض لدى رؤسائه في العمل.

عدم إجادة التخطيط

من جانبه؛ أوضح أخصائي التنمية البشرية محمد الرنتيسي أن هناك الكثير من الأشياء التي تصيب الإنسان بالتوتر وتجعله غير قادر على إنجاز مهامه كالظروف المعيشية السيئة، والعلاقات الاجتماعية غير المستقرة، وكثرة متطلبات الحياة، بالإضافة إلى المهام الكثيرة سواء المهنية أو الشخصية، مشيرًا إلى أن ذلك قد يفقده أحياناً السيطرة على اعتبار أن بعض العوامل خارجة عن إرادته ولارتباطها بالآخرين.

ويقول الرنتيسي: "الشخص الذي لا يجيد فن التخطيط تداهمه الأزمات وتؤدي به إلى التوتر وعدم النجاح، حيث يتولى عدة مهام في نفس الوقت دون تحديد أولوياتها الملقاة على عاتقه، وهذه نقطة سلبية شائعة لا يمكن تجاهلها بسبب تبعاتها".

ويضيف: "إن من الأمور التي تصيب بالتوتر أيضًا عدم امتلاكه لمهارة الحزم وإلزام نفسه بإتمام المهام فيهدر الوقت من بين يديه، وبالتالي يفتقر لمهارة إدارة الوقت"، مؤكداً أن الشخص الناجح هو من لديه القدرة على إدارة أولوياته ويحسن ترتيبها.

وبين أن تركيز الشخص على عدة مهام في نفس الوقت من شأنه أن يشتت الانتباه والوقت والطاقة لتتوزع على أكثر من مهمة؛ وبالتالي لا يستطيع أن ينجز أي مهمة بصورتها اللائقة.

ونوه الرنتيسي إلى أنه لتحديد الأولويات يتعين على المرء أن يمتلك شجاعة الاعتذار في حال طلبت منه مساعدة أن يعتذر بأسلوبٍ جاد وايجابي، بدلًا من أن يتورط في مهام جديدة.

وتابع حديثه: "كما يمكن إنشاء قوائم يومية للمهام المطلوب انجازها، والابتعاد عن القوائم التفصيلية التي قد يصعب على الشخص الالتزام بما هو مكتوب فيها؛ مما قد يشعرك بالتوتر والإحباط لعدم التقيد بما هو مكتوب".

ولفت الرنتيسي إلى أن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني من الوسائل التي تسرق الوقت على حساب المهام المطلوبة، وهو من الأشياء التي يصعب التخلي عنها، فقد تبرمجت العقول البشرية على آلية الرد السريع على الرسائل الواردة.

وختم حديثه: "لابد من تخصيص وقتٍ محدد من ساعات الدوام للرد على الرسائل وتصفح المواقع؛ على أن لا يطول هذا الوقت".