فلسطين أون لاين

​في "آفة التقليد" فرصةٌ لتوجيه الطفل

...
غزة - رنا الشرافي

التقليد، آفةٌ اجتماعية تصيب بعض الأفراد، كبارًا كانوا أو صغارًا، إناثًا أو ذكورًا، نجد فتاة تريد أن تقلد صديقتها أو مغنيتها المفضلة، وشابًا يسعى لتقليد والده أو جاره، وسيدة تحاول أن تكون كقريبتها، وتبرز هذه الآفة بوضوح عند الأطفال أكثر من غيرهم، وغالبًا تثير هذه الصفة غضب المحيطين بمن يحملها، لكن، ورغم سلبيات التقليد، فإنه قد يكون مدخلا لتكوين شخصية إيجابية عند الطفل.

سلوكيات الكبار

قال أخصائي الصحة النفسية والاجتماعية إيهاب العجرمي لـ"فلسطين": "يميل معظم الأطفال إلى تقليد من هم أكبر سنًا، وخاصة من الأهل، سواء في الأقوال أو الأفعال، وحتى في تصرفاتهم العفوية"، مضيفًا أن التقليد قد يصبح سلوكًا عفويًا عند الأطفال، وبالذات إن عدّوا أهلهم قدوة لهم.

وتابع: "يقلّد الأطفال أيضًا ردود الأفعال العاطفية التي تصدر عن الأهل تجاه الأحداث، فيستجيبون لما يمرّون به من أحداث بنفس الطريقة التي يستجيب بها الأهل للتجارب".

وأوضح أن الطفل يميل لتقليد الكبار حتى وإن كان يعلم أن السلوك الذي يقلّده خاطئ، وهو ما يُسمى في علم النفس والاجتماع بـ"التقليد الأعمى"، ويعود إلى درجة ارتباط الطفل عاطفيًا بقدوته، فهو يشعر بسعادة بالغة في أثناء محاولته لأن يكون نسخة مطابقة عن القدوة.

وبيّن: "ورغم أن السلوك المُقلَّد قد لا يمثل طموح الطفل ورغباته الحقيقية، إلا أنه يستمر بفعل ذلك".

شخصية إيجابية

وبحسب العجرمي، يمكن توظيف التقليد عند الأطفال بصورة صحيحة في توجيه سلوكهم وبناء شخصياتهم.

وقال: "يمكن صقل شخصية الطفل وجعله يتعامل بإيجابية مع الأحداث التي سيواجهها في المستقبل، ولذا فإن على الأشخاص المحيطين به، وخاصة الوالدين والإخوة الكبار، مراقبته ورصد ردود أفعاله وتوجيهها لبناء شخصية إيجابية".

وأضاف: "آفة التقليد لا تقتصر على الأطفال فقط، بل إنها تندرج على الكبار أيضا، بمستويات مختلفة، وقد تبلغ حد تشويه شخصية الفرد وانسلاخه عن الصورة المحفورة عند الآخرين عنه".

وتابع: "الأمر يبدأ بوجود قدوة أو نموذج أعلى يحاول الإنسان الوصول إليه في حياته، ثم يتطوّر التقليد في مرحلة المراهقة، وغالبًا ما يكون التقليد ناقص الوعي نظرًا لقلة خبرة المراهق".

وأكّد العجرمي: "التقليد سلوك طبيعي ينتاب جميع البشر، وهو يحدث للفرد العادي عندما يجد عند الآخرين سمات أفضل مما لديه أو سمات تنقصه يحاول اكتسابها، فيراقب الآخر محاولا اكتشاف جذور هذه السمات ونقلها إليه".