فلسطين أون لاين

​الولادة القيصرية.. "شبحٌ" تُفضله بعض الأمهات

...
غزة - نسمة حمتو

لم تكن نداء عبد الواحد (24 عامًا) تدرك أن تأخر الولادة عن الموعد المقرر لمدة أسبوع، سيدفع الطبيب لاتخاذ قرار بإجراء عملية قيصرية لها على الفور، بعد أن حال ضعف تخطيط قلب الجنين دون الولادة الطبيعية، التي كانت هيأت نفسها لها، ورغم أن الرياح جاءت هذه المرة بما لا تشتهي السفن، إلا أنها اختارت الخضوع لعملية قيصرية برغبتها عندما أنجبت طفلها الثاني، لكي لا تعيش مجددا ما مرّت به في التجربة الأولى، التي عانت فيها من آلام المخاض والعملية الجراحية معًا..

ويبدو أن "نداء" ليست الوحيدة التي تُفضل الجراحة في الولادة، إذ باتت العملية القيصرية خيارًا تتجه نحوه بعض الأمهات بكامل إرادتهن، رغم أن أغلب النساء ينظرن لهذه العمليات على أنها "شبحٌ" ينبغي أن يتجنبنه بكل ما أوتين من قوة..

مخاض ثم جراحة

قالت "نداء" لـ"فلسطين": "في الحمل الثاني، حرصت على المتابعة الدورية عند الطبيب طيلة أشهر الحمل، وفي الأشهر الثمانية الأولى، كان يخبرني باستمرار أن حالتي جيدة، وأن ولادتي ستكون طبيعية، ولكنني في النهاية قررت اختيار الولادة القيصرية، فآلام المخاض متعبة جدا، جربتها في الحمل الأول، وذهب تعبي سُدًى عندما قرر الطبيب إجراء عملية قيصرية، وهذا ما لم أرغب بحدوثه مجددا".

وأضافت: "سمعت كثيراً أن الولادة الطبيعية أفضل، لكن تجربتي الأولى مع المخاض جعلتني أفكر ألف مرة قبل الولادة، خاصة مع عدم السماح باستخدام أي مسكّنات لتخفيف الآلام".

أما إسلام المصري (30 عامًا) فقد اختارت الولادة القيصرية في حملها الثالث، بعد أن عانت بشكل كبير مع الولادة الطبيعية، وعن ذلك قالت: "في الولادة الأولى، عانيت من آلام المخاض لما يزيد عن ثلاثة أيام، وفي المرة الثانية ظننت أن الأمر سيكون أسهل، لكنني عانيت من نفس المشكلة، لذا قررت في المرة الثالثة اختيار الولادة القيصرية، ولم أندم على اختياري، ولو قدر الله لي الولادة مرة أخرى سأختار العملية مجددا، رغم ما يتبعها من مضاعفات".

ولم يختلف الحال كثيراً عند أسماء بكر (31 عامًا)، فقد قرر الأطباء إجراء عملية قيصرية لها لأسباب تتعلق بطبيعة حملها، قالت: "أخبرني الطبيب أن حملي ثمين لأنه حدث بعد تأخر لسنوات عدّة، وبالتالي لا يمكن أن تكون الولادة طبيعيةً في هذه المرة، ولكن فرصة الولادة الطبيعية ستكون متاحة في أي حمل قادم".

تجربة أسماء الأولى مع الولادة القيصرية، مرّت بسلام، ولم تشعر بآلام كثيرة بعد الولادة، لذا قررت أن تختار نفس الطريقة في حملها الثاني؛ كي لا تعاني من آلام المخاض.

مضاعفات كثيرة

الوضع مختلف عند "أم محمود الداية"، فقد أنجبت كل أبنائها بعمليات جراحية، لكنها كانت تتمنى أن تكون ولادتها طبيعية، بسبب المضاعفات اللاحقة للعمليات.

وقالت لـ"فلسطين": "لم أجرب الولادة الطبيعية، ولكنني متأكدة أنها أفضل بكثير من آلام العملية، فأنا أحتاج أسبوعًا على الأقل بعد العملية كي أتمكن من المشي، هذا عدا عن ترهلات البطن"، مضيفة: "بعد كل عملية جديدة، تزداد نسبة الخطورة على الأم".

وتوافقها الرأي "نجوى محسن"، التي قالت: "لم أجرب الولادة الطبيعية، ولكن لا أرى سببا منطقيا لتفضيل الولادة القيصرية، فلا أحد يختار لنفسه الموت والدخول في عملية والتخدير وآلام الاستفاقة منه".

أما "فداء الخيري"، فقالت: "من المفترض ألّا يكون هذا خيارًا أساسيًا، فلماذا تختار السيدة أن تخضع لعملية لها مخاطر ومضاعفات؟".

وأضافت: "آلام الولادة القيصرية تمتد بعد العملية لمدة تزيد عن عشرة أيام، وتفوق آلام المخاض، وتكون خلالها الأم عاجزة عن الاهتمام بنفسها وبطفلها، وقد يلتهب الجرح فيحتاج لرعاية خاصة".

أسباب عدة

طبيبة النساء والولادة الدكتورة وسام أبو عمرو، قالت إن للولادة القيصرية عدة أسباب تتعلق بالأم والجنين، كارتفاع ضغط دم الأم أو انخفاضه، أو لتقدمها في العمر، أو لكونها خضعت لعمليات قيصرية من قبل.

وأضافت لـ"فلسطين": "يقرر الطبيب إجراء عملية قيصرية في حالة (أطفال الأنابيب)، وفي حال وجود أكثر من جنينين، وإن كانت الأم تعاني من مشاكل صحية في الكلى أو في العمود الفقري، أو من أمراض القلب".

أما عن الأسباب المتعلقة بالطفل، فتابعت: "ضعف تخطيط قلب الجنين ونزول الحبل السري من أهم الأسباب الدافعة لإجراء العملية القيصرية".

ونوهت أبو عمرو إلى أن المستشفيات الحكومية لا تسمح بإجراء العملية القيصرية بناء على اختيار الأم، وإنما تتم هذه العمليات فقط في حال قرر الطبيب ذلك بناء على حالة الأم والجنين، أما أن تختار الأم الولادة القيصرية بنفسها فهذا لا يكون إلا في المستشفيات الخاصة.

ولفتت إلى أن بعض النساء يفضلن الولادة القيصرية لرغبتهن بالاكتفاء بإنجاب ابنين فقط، مبينة: "هذا لا ينطبق على النساء اللواتي أنجبن بطريقة طبيعية، ويردن اللجوء للعمليات لتخفيف آلام المخاض".

وأوضحت: "الأمهات اللواتي يخضعن للولادة القيصرية برغبتهن عددهن ليس كبيرا في مجتمعنا، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف العملية القيصرية".