منذ أعوام عديدة، لا يجد سكّان خربة السّيميا الواقعة غربي بلدة السموع في محافظة الخليل جنوب الضّفة الغربية، بدًّا سوى الاستمرار في بناء منازلهم وتشييدها، رغم حملات الإخطار والملاحقة التي تعيشها الخربة من جانب ما يسمّى بالإدارة المدنية الإسرائيلية.
وتشكل الإخطارات بالهدم والتوقف عن البناء، تهديدا وجوديا للسّكان، وهي اخطارات تضاعفت مؤخرا، تزامنا مع هجمات وعمليات توسّع استيطانية تشهدها مختلف مستوطنات جنوب محافظة الخليل.
وكان السّكان تلقوا خلال الأيام الماضية اخطارات بهدم أربعة منازل من القرية، منها ثلاثة مأهولة بالسّكان، وآخر قيد الإنشاء، فيما تعتبر معظم المنازل غير حاصلة على أيّة تراخيص من جانب سلطات الاحتلال، باعتبار الخربة مصنفّة ضمن مناطق (جيم) وفق اتفاقية أوسلو، التي يمنع الاحتلال فيها أيّة أنشطة عمرانية أو سكنية أو زراعية فلسطينية، لخضوعها وفق الاتفاقية تحت السّيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية الكاملة.
ويؤكّد حاتم محاريق رئيس بلدية السّموع المشرفة على الخربة أنّ الهدف من الاخطارات هو الضّغط على السّكان من أجل إخلائهم من خربتهم التي تعتبر من الخرب الأثرية في محافظة الخليل.
وقال محاريق لصحيفة "فلسطين": "المنطقة تقع إلى الغرب من بلدة السّموع، وتمر بجوارها العديد من الشوارع الالتفافية التي توصل بعدد من المستوطنات جنوب جبل الخليل".
وحول أشكال الملاحقة التي تعيشها الخربة، يقول محاريق إنّ سلطات الاحتلال ترفض منح السّكان تراخيص بناء، وتواصل إخطار منازلهم، لافتا إلى أنّ منازل الخربة تقطنها عشرات العائلات الفلسطينية وغير حاصلة على التصاريح، ومرشحة للهدم في أيّ وقت، وسط أطماع إسرائيلية حقيقة في إخلاء الخربة والسيطرة عليها.
وتشير المصادر التاريخية إلى أنّ خربة السيميا من أقدم الخرب الفلسطينية، واسمها الكنعاني "دَنَّة" المدينة الكنعانية، التي تكثر فيها الآبار والكهوف والأساسات القديمة والمغائر والنواميس (وهي مقابر رومانية).
من جانبه، يوضح خبير الاستيطان عبد الهادي حنتش لصحيفة "فلسطين" أن الهدف الأساسي من الأنشطة الاحتلالية تتمثل في الضّغط على السّكان لإبعادهم عن الشّارع الالتفافي المسمّى (خط 60) الذي يعتبر شريان الحياة الواصل بين كامل المستوطنات في منطقة الخليل والأراضي المحتلّة عام (48).
ويرّوج الاحتلال إخطاراته وأنشطته بأنّها تندرج ضمن محاولته الحفاظ على أمن مستوطنيه وجنوده المارين على الشوارع الالتفافية القريبة، انطلاقا من قناعته الأمنية التي تشير إلى أنّ الكثافة السكانية الفلسطينية بجوار الشوارع الالتفافية تمس أمن المستوطنين.
ويبين حنتش بأنّ الخربة تقع على مدخل بلدة السموع، ولا تبعد سوى (100) متر، وتقع على مقربة من مستوطنة "عتنائيل" جنوب الخليل، فيما يضع الاحتلال يده على مساحات واسعة من أراضي الخربة.