يمارس فلسطينيو الداخل المحتل عام 1948م حقهم في دعم القدس بفعاليات خلاقة كحملة "شد الرحال"، وإرسال حافلات يوميًّا من الداخل المحتل إلى المسجد الأقصى، أو من طريق مجموعات شبابية تقدم الدعم المادي للعائلات الفقيرة في القدس المحتلة، خاصة داخل الأحياء الكبرى في المدنية المقدسة، بعد جمع التبرعات، وتنظيم مسيرات إلى القدس سيرًا على الأقدام.
ومع محاولات الاحتلال لملاحقة القائمين على هذه الفعاليات الخلاقة غير المنظمة أصبحت مشهدًا طبيعيًّا في الداخل الفلسطيني، عقب حظر الحركة الإسلامية، أو من طريق الأحزاب السياسية التي باتت تواجهها حكومة الاحتلال، لثنيها عن مواصلة تلك الفعاليات.
فعاليات أساسية
يقول المختص في الشأن الإسرائيلي صالح لطفي: "إن هناك فعاليتين أساسيتين ينظمهما فلسطينيو الداخل المحتل باستمرار فيما يتعلق بالقدس، وهما فعالية شد الرحال اليومي إلى القدس، التي تضم أبعادًا تعبدية ونفعية واقتصادية للبلدة القضية يشارك فيها الآلاف، والثانية التعاون بدعم العائلات الفقيرة في القدس".
ويبين لطفي لصحيفة "فلسطين" أنه يخرج يوميًّا من الداخل الفلسطيني نحو 40 حافلة يوميًّا تنقل نحو 2000 شخص إلى القدس، ويوم السبت يتضاعف العدد ليصل إلى 60-70 حافلة، بمعنى أن هناك 15 ألف فلسطيني يوجدون أسبوعيًّا في القدس من الداخل المحتل للدعم والتسوق.
ويتابع: "إن الفعاليات التي يمارسها فلسطينيو الداخل المحتل أفرادًا أو في مجموعات تعد وفقًا لقوانين الاحتلال الإسرائيلي التي سنت في السنوات الأخيرة غير قانونية، إن ارتبطت بشؤون القدس أو حملت دلالات سياسية".
ويكمل: "إن القدس لا تمثل للمسلمين والمسيحيين الفلسطينيين مجرد قضية سياسية أو قضية تعاون اقتصادي أو مادي أو إغاثي، بل قضية هوية وصدام مع اليهودي"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يدرك أن فلسطينيي الداخل المحتل حسموا أمرهم تجاه القدس كما "الهوية"، كونها الدرة والتاج للقضية الفلسطينية، وأنهم لن يقبلوا للاحتلال فرض سيطرته عليها، ولو كان مدعومًا من قبل أمريكا.
وبشأن العقبات التي يضعها أمام هذه الفعاليات يبين لطفي أن الاحتلال استصدر أوامر من محاكمه لملاحقة القائمين على فعالية "شد الرحال" إلى القدس، لافتًا إلى أن الاحتلال اعتقل مشاركين في فعالية السير على الأقدام من حيفا إلى القدس، التي نظمت في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، واعتقل المشاركين فيها بمنتصف الطريق.
تعتيم إعلامي
الناشط السياسي زاهي نجيدات يقول من ناحيته: "إن المؤسسة الإسرائيلية منذ اللحظة الأولى لإعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة لكيان الاحتلال بدأت استغلال القرار، واستفزاز مشاعر الفلسطينيين داخل المناطق المحتلة عام 1948م".
ويضيف نجيدات لصحيفة "فلسطين": "إن هناك فعاليات مختلفة نظمت في الداخل المحتلة نصرة للقدس: وقفات أمام السفارة الأمريكية في (تل أبيب) احتجاجًا على الإعلان الأمريكي ونصرة للقدس، ومسيرات في منطقة الجليل، وندوات طلابية في الجامعات، وفعاليات أخرى على صعد مختلفة"، مشيرًا إلى أن فلسطينيي الداخل المحتل نظموا نشاطًا حافلًا داعمًا للقدس، لكن عتمت عليه إعلاميًّا وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ورمت تلك الفعاليات _حسب ما يبين_ إلى نصرة الأقصى، ورفع الصوت عاليًا في وجه تصريح ترامب، والتعبئة المعنوية للفلسطينيين في الداخل المحتل الصغير قبل الكبير، كونه وعدًا جديدًا كوعد بلفور.
ويؤكد نجيدات أن روح التحدي موجودة في نفوس فلسطينيي الداخل المحتل الذين يلبون النداء ويستجيبون لنداء القدس والأقصى، ويشاركون في كل الفعاليات التي يدعى إليها نصرة للقدس.
ويستدل على هذا الدور الكبير بأن أهالي القدس يرون فلسطينيي الداخل المحتل في البلدة القديمة على مدار الأسبوع، لافتًا إلى أن هبة المقدسيين في تموز (يوليو) الماضي خير دليل على هذا الالتحام، الذي يدل على روح الإخوة والوطنية بين أبناء الشعب الفلسطيني، وأنه لا يمكن التعويل على أي مساعدة إقليمية وعالمية.
والزائر إلى القرى والبلدات التي يعيش بها فلسطينيو الداخل المحتل كأم الفحم وغيرها من البلدات يرى لافتات ضخمة، مكتوبًا عليها شعارات تؤكد أن القدس توحد الفلسطينيين، وأنها عاصمة أبدية لفلسطين، حسبما يذكر نجيدات، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال الأمنية حاولت التأثير النفسي على الكثير من القائمين على هذه الفعاليات بالقول: "إنهم يلعبون في الوقت الضائع"، و"إن هذه التحركات ستهدأ وسرعان ما تختفي".