تتفاعل قضية تقليصات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في دول الشتات سيما لبنان والأردن، اللتين تضمان أعداداً كبيرة من اللاجئين على أراضيهما، وذلك بما تحمله الأخبار المتواترة عن عمل الوكالة واتجاهها لإجراءات تقشفية في أعمالها في ظل تقليص الإدارة الأمريكية لمساعداتها للوكالة.
وقلصت واشنطن فعليًا بعد تهديداتها تجاه "أونروا" تمويلها للوكالة 65 مليون دولار، من أصل 120 مليونًا، وهو ما عدّه لاجئو الأردن ولبنان مقدمة مؤكدة لتصفية الوكالة وإنهاء دورها وعملها المنوط بها الذي أوكله لها قرار الأمم المتحدة في 8 من ديسمبر/ كانون الأول عام 1949، إلى جانب شطب حق العودة لبلدانهم وقراهم التي هجروا منها.
وكشفت "فلسطين" في وقت سابق لجوء "أونروا" في لبنان لإجراءات تقشفية غير علنية تجاه الخدمات التي تقدمها وعمل موظفيها وتثبيتهم في لبنان، فيما أطلقت الاثنين الماضي من قطاع غزة حملة دولية لجمع التبرعات بعد تقليص واشنطن.
قلق عريض
وقال مدير دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير في الأردن فضل المهلوس، إن اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، ينتابهم "قلق عريض" مثلهم مثل اللاجئين كافة في أماكن وجودهم نتيجة التهديد بإنهاء عمل أونروا.
وأكد المهلوس لـ"فلسطين"، أن هذا القلق مبرر، حيث يعتمد اللاجئون على الوكالة إغاثيًا وسياسيًا، مشيرًا إلى أن الأزمة المالية التي تجري لأونروا ليست الأولى خلال السنوات الماضية، غير أنها تكاد أن تكون الأولى من ناحية القصد في تقديم حصة المساعدة المالية لها من واشنطن.
وشدد على أن استهداف أونروا "قديم متجدد"، ولا يخص الوكالة كمنظمة تخدم إغاثيًا أو إنسانيًا اللاجئين في أماكن وجودهم، بقدر ما أنه استهداف لما تمثله من التزام دولي سياسي تجاههم بموجب قرار تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف: "أونروا تمثل شهادة حية لبقاء قضية اللاجئين وحق العودة كمطلب قائم يستجيب لقرارات الشريعة الدولية فهي لذلك مستهدفة"، مؤكدا أن العجز المالي لأونروا جاء في السنوات الأخيرة لأسباب سياسية بالدرجة الأولى.
وأوضح أن القرار الأمريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، تبعه فورا قرار حجب المساعدة المالية لأونروا، وبما لا يدع مجالًا للشك أن واشنطن تتماهى مع (تل أبيب) في ضرب ركيزة حق العودة.
وبين المهلوس أن جزءًا مما تتعرض له القضية الفلسطينية تصفية أونروا وإنهاء عملها، وهو هدف إسرائيلي قديم متجدد، محذرا في ذات السياق من إنهاء عمل أونروا، وخدماتها، أو نقل صلاحياتها لأي جهة أخرى مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة.
مؤامرة سياسية
بدوره، قال مسؤول ملف اللاجئين في حركة حماس بلبنان فضل الطه: إن الشعب الفلسطيني اللاجئ في مخيمات اللجوء بلبنان، يشعر بقوة وجود مؤامرة سياسية لإنهاء وجوده مع مطالبات والتحركات المرتبطة بتقليص دعم أونروا وإنهاء عملها.
ونبه الطه لـ"فلسطين"، إلى أن اللاجئين ومع استهداف الإدارة الأمريكية لأونروا بدأت الأمور أمامه تتضح أكثر بوجود قرار معلن لإنهاء الوكالة فعليًا، وذلك من بعد سنوات من التحضير له برغبة إسرائيلية.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني اللاجئ في لبنان يتمسك بأونروا كمؤسسة مسؤولة عنه، وأنها عنوان رئيس لا غنى عنه أو تفريط، إلا في حال عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي شردوا منها عام 1948.
وحذر الطه من إمكانية تعاطي أونروا مع المخططات السياسية لتصفيتها وإنهاء دورها عبر تبنيها تقليص الخدمات المقدمة للاجئين وفصل الموظفين، وعدم استقبال آخرين جدد "كما بدا ملاحظًا".
ولم تقتصر الانتقادات على قرار واشنطن بوقف تقديم مساعداتها لأونروا على الجانب الفلسطيني، إذ إن رؤساء 21 وكالة إغاثة إنسانية بعثوا رسالة إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاعتراض "بأشد العبارات" على قرارها.