فلسطين أون لاين

​التهويد البصري محاولة إسرائيلية جديدة لاستهداف القدس

...
القدس المحتلة / غزة - عبد الرحمن الطهراوي

لا يتوقف الاستهداف الإسرائيلي لمدينة القدس المحتلة عند التهويد الديني والتاريخي والثقافي وكذلك المعماري للمدينة المقدسة، بل يشمل كذلك التهويد البصري واستهداف الصورة النمطية للمسجد الأقصى المبارك.

وقبل قرابة الستة أسابيع أصاب ماس كهربائي شبكة الإنارة الخاصة بمسجد قبة الصخرة المشرفة، الأمر الذي تسبب بتعطل المشاعل الضوئية "الكشافات" المحيطة بالقبة من الخارج، ومنذ ذلك الوقت تمنع قوات الاحتلال إجراء عمليات الصيانة اللازمة وإدخال المستلزمات الكهربائية.

وعلى إثر ذلك تبدو قبة الصخرة خلال ساعات الليل معتمة على عكس الصورة المعتادة عنها، حيث الأنوار الذهبية تتلألأ على جسم القبة المرصوصة المكسورة بالفسيفساء والأضواء تسطع من جنبات المسجد.

ومقابل المشهد المعتم السابق، تسطع المشاعل الكثيفة من الكنس اليهودية والمراكز التهويدية المحيطة بالقدس وعند حائط البراق (الجدار الغربي للمسجد الأقصى)، الأمر الذي يجعل الزائر ينفر من المناطق المعتمة (قبة الصخرة) ويتجه بنظره نحو المناطق المضيئة بكثافة من قبل سلطات الاحتلال.

رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات، أكد أن التهويد البصري للقدس لا يقل خطورة عن السياسات التهويدية الإسرائيلية المعتادة، مبينا أن إبقاء الاحتلال على أعطال شبكة الكهرباء يندرج ضمن مخططاته الساعية لاستهداف المدينة المقدسة بمختلف السبل.

وقال بكيرات لصحيفة "فلسطين": "في موازاة المشاريع الإسرائيلية التي تستهدف تزوير وسرقة تاريخ القدس ونسبه إلى اليهود يعمل الاحتلال على تدمير الهوية البصرية الخاصة بمدينة القدس والمعروفة عربيا وإسلاميا وكذلك عالميا بمشهد قبة الصخرة المضاءة بالأنوار على مدار الوقت".

وأضاف بكيرات "منذ عام 1994 والمسجد الأقصى وقبة الصخرة بجميع أركانهما يعانيان من تلف شبكة الكهرباء وضعف قدرتها على تحمل الأحمال المتزايدة مع السنوات، وكل ذلك بسبب معيقات الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التهويدية".

وأشار إلى أن الاحتلال يفرض قيودا مشددة على جميع المشاريع الخاصة بصيانة البنية التحتية في المسجد، فـ "لإدخال لمبة واحدة لباحات الأقصى فأنت بحاجة إلى تنسيق مسبق وإبلاغ شرطة الاحتلال بمكان العطل وتفاصيله كافة"، كما يوضح بكيرات.

وكانت دائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون الـمسجد الأقصى قد حذرت في وقت سابق من استمرار سلطات الاحتلال الاسرائيلي بمنع إضاءة مسجد قبة الصخرة المشرفة، في إشارة إلى تمادي شرطة الاحتلال بانتهاكاتها بحق الحرم القدسي الشريف في صورة واضحة، وفاضحة.

حلول جذرية

بدوره، ذكر مدير مشروعات لجنة الإعمار في المسجد الأقصى وقبة الصخرة، بسام الحلاق أن عطلا كهربائيا أصاب مسجد قبة الصخرة بمطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي وبعد ذلك بأيام تم تحديد مكان الخلل، إلا أن عملية الصيانة اصطدمت بعراقيل الاحتلال، الأمر الذي جعل القبة مضاءة بدرجة أقل.

وأوضح الحلاق لصحيفة "فلسطين" أن مشكلة الأعطال الكهربائية في الأقصى متجددة بفعل زيادة الأحمال خلال فصل الشتاء واهتراء الأسلاك والامدادات الداخلية مع مرور الوقت نظرا لقدم المسجد، الأمر الذي يتطلب إجراء حلول جذرية للمشكلة لا تتوقف عن المعالجات المؤقتة.

ويرى أن الاحتلال يتعمد الإبقاء على مشكلة الكهرباء رغم تكدس مستلزمات الصيانة في مخازن لجنة الإعمار وإضفاء الأنوار الخارجية بقبة الصخرة مع ربط أي عملية صيانة بموافقته المسبقة، وذلك بهدف إظهار سيادته على الأقصى، إلا أن ذلك أمر مرفوض جملة وتفصيلا.

وأشار الحلاق إلى أن التهويد البصري لمدينة القدس ولقبة الصخرة تحديدا بات يأخذ منحى متصاعدا، مقابل تركيز الأضواء على المناطق اليهودية، وكل ذلك في سبيل تغيير الصورة النمطية والهوية البصرية المعروفة عن قبة الصخرة خلال ساعات الليل.

وتعكف سلطات الاحتلال منذ عام 2009 على تنظيم "مهرجان الأضواء- الأنوار الدولي" داخل مدينة القدس المحتلة، في محاولة لإظهار المدينة بوجه يهودي من خلال محطات لتسويق الرواية الإسرائيلية التي تنكر الحق التاريخي "العربي والإسلامي في القدس".