فلسطين أون لاين

​في "استديو الأحلام" يلتقط "الريس" صورًا تحكي قصصًا

...
غزة - هدى الدلو

أطلق العنان لتفكيره خارج غرف التصوير المغلقة، فاتجه نحو فكرة "استديو الأحلام"، ليحاكي عبره أجواء الأفلام الدرامية الأجنبية، وليخرج عن المألوف وقوالب التصوير التقليدية، صمم الاستوديو في مخيلته، ثم نفذه على أرض الواقع، فيه الأشجار وأوراقها المتساقطة، والجدران المتهالكة، والمصابيح القديمة المُضاءة بالوقود، وفي منتصف المكان كوخ خشبي صممه بنفسه..

الشاب مؤمن الريس (25 عامًا) من سكان مدينة غزة، مصور فوتوغرافي، نشأ في بيئة تشجع على الإبداع والعلم، ويعود الفضل في ذلك لوالده.

لا لروتين العمل

في حوار مع "فلسطين"، قال الريش: "كنت مجتهدًا منذ الصغر، حتى أنهيت المرحلة الجامعية وتخرجت من تخصص إدارة الأعمال باللغة الانجليزية من جامعة الأزهر بغزة, لم أجد فرصة للعمل، فاتجهت نحو تطوير ما أملكه من مهارات، ثم حصلت على فرصة للتدريب وتبعتها أخرى للعمل".

وخلال تلك الفترة، زاد شغفه في البحث عمّا يميل له بالفعل، فهو إنسان لا تحده الحواجز ولا يوقفه روتين العمل القاتل, إلى أن قرر الاستقالة من وظيفته بعد 11 شهرًا من العمل فيها, ليشق طريقه نحو الإبداع في عالم التصوير.

وأوضح أنه يحب التصوير منذ كان في المرحلة الثانوية، لكنه لم يكن يملك كاميرا احترافية، ولم يكن يهتم كثيرًا بنشر صوره عبر مواقع التواصل الاجتماعي, خاصة بعد التحاقه بالوظيفة، إلى أن اقتنى أول كاميرا شبه احترافية، وبدأ بتدريب نفسه.

لم يختَر تخصصًا جامعيًا مرتبطا بموهبته، بسبب الظروف الاقتصادية التي جعلت طموحه "في غيبوبة أفاق بعد تجربته للوظيفة القاتلة للإبداع"، على حد قوله، ومع ذلك استفاد من الدراسة على صعيد اللغة، إذ درس بالإنجليزية، فتمكن من قراءة الكتب بهذه اللغة، وتعلم من خلالها علم التصوير.

ونوه إلى بداية عمله بالتصوير كانت تصوير المنتجات الغذائية والوجبات المُقدمة في المطاعم بأسلوب فني وبشكل احترافي، إذ اتخذ من هذه الصور مجالًا للعمل الحر، حيث عرض صوره على أكبر المطاعم في القطاع، وعمل معها.

وبيّن: "واصلت الليل بالنهار لتطوير موهبتي لكثرة المنافسين وقلة فرص العمل في مجال التصوير".

قصص كاملة

وقبل عدّة أشهر، بدأ الريّس بالتصوير الدرامي عبر الاستوديو الخاص به، وعن ذلك قال: "توجهت للتصوير الدرامي لأنه نتاجٌ للعواطف الجياشة المترتبة على صعوبات الحياة ومسيرتي المتعبة في إيجاد لقمة العيش والوظيفة المناسبة", مضيفا: "الاستوديو الذي صممته هو الأول من نوعه، فلسطينيا، وربما عربيا أيضا".

الاستديو يقع في حديقة منزله، التي قسّمها إلى عدة زوايا، وكل زاوية منها تتخذ شكلًا وكادرًا مختلفين، ليتم التقاط صور كلاسيكية مختلفة في الشكل والمعني، أما الإمكانيات التي تطلبها المشروع، فقد وفّرها بصعوبة بالغة من خلال عمله المستمر.

ويحاول الريس من خلال الصور الملتقطة أن يسرد قصصًا متكاملة، فلا يروق له أن تكون الصور صامتة، بل يجب أن تنطق بالحيوية، ويضفي عليها أجواءً خاصة، وينوّع تفاصيلها، فمثلا يلتقط صورة لشخص أثناء تساقط "الثلج الصناعي"، ويجعل المكان يبدو كما لو كان في لحظة حقيقية من سقوط الثلج وكأنه غمر المكان.

ويحرص على أن تحمل كل صورة تحمل معنى معين، وأن تختلف بشكل كلي عن التصوير العادي, وبطريقة تتناسب مع الواقع، فعلى سبيل المثال، تتلاءم تجهيزات الاستوديو حاليا مع فصل الشتاء.

من تجربته القصيرة في التصوير الدرامي، أكّد أنه له رواج في القطاع، حيث لاقى إقبالًا كبيرًا من مختلف فئات المجتمع.

وقال الريس: "هناك عقبات تقف أمامي في استكمال عملي وتطوير وخاصة في التمويل الذي ينقصني من أجل تطوير المشروع وشراء باقي المعدات"، مضيفا أنه يطمح لأن يكون الاستديو معروفًا على مستوى الوطن العربي بالجودة والإتقان والإبداع.