فلسطين أون لاين

​لدينا تحفظات على عمل "الدستورية" و"الجنايات الكبرى"

دويك : غياب التفتيش الرقابي أخل باستقلالية القضاء وعمق أزماته

...
دويك (أرشيف)
رام الله / غزة - أدهم الشريف

أكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د. عمار دويك، تراجع استقلال القضاء الفلسطيني وما ترتب عليه من تراجع ثقة المواطن به، نتيجة غياب الرقابة وتركز السلطات الثلاث بيد الرئيس محمود عباس.

وأوضح أن ذلك كان دافعاً لتشكيل لجنة القضاء الفلسطيني التي ما زالت تعمل للنظر في وضع القضاء واقتراح توصيات تطويره.

وبين دويك في حديث لصحيفة فلسطين، أن اللجنة مشكلة من رئيس القضاء الأعلى، ووزير العدل، والنائب العام، وعمداء كليات الحقوق في أربع جامعات فلسطينية.

وأعرب عضو اللجنة عن الهيئة المستقلة، عن أمله بأن "تضع اللجنة توصياتها لإصلاح وتطوير القضاء الفلسطيني الذي يعاني من أزمة عميقة".

ومن المقرر أن تسلم اللجنة توصياتها لرئيس السلطة محمود عباس بعد 6 أشهر من موعد انطلاق عملها في أكتوبر/ تشرين أول 2017، وفق دويك.

وأضاف أن اللجنة تنظر في كل شيء يتعلق بالعمل القضائي، من حيث القضاة وأعدادهم، والمساءلة والمحاسبة، والإجراءات الجزائية والحقوقية، وتنفيذ قرارات المحاكم.

وأوكل القرار الرئاسي للجنة برفع توصيات لتطوير القضاء، وتسريع إجراءات المحاكمة، وتخفيف تراكم القضايا، وأن تستند المحاكم في عملها إلى القانون الأساسي الفلسطيني والمعايير الدولية في استقلال القضاة.

وتابع دويك: عقدنا عدة اجتماعات، وحددنا القضايا التي ننظر فيها، ونحن في مرحلة دراسة الوضع القائم وطرح التوصيات ومناقشتها".

غياب الرقابة والمساءلة

وفي موضوع تراجع القضاء، علل ذلك بالانقسام وغياب التشريعي، الذي أوجد خللاً فيه وفي الفصل بين السلطات "التي أصبحت كلها بيد الرئيس؛ وبات هو يصدر القوانين وهو ذاته رئيس السلطة التنفيذية".

وقال إن "هذا انعكس سلبًا على القضاء الفلسطيني، وخاصة في القضايا ذات البعد السياسي وما يتعلق بالقرارات الإدارية الكبرى الصادرة عن الحكومة ".

وشدد على أن "هناك غيابا للرقابة الفعالة على عمل القضاء الذي يرفض أي رقابة عليه، في وقت لا يقوم هو بعمل تفتيش قضائي ملائم داخليًا".

ولفت دويك الأنظار إلى أنه لم يجرِ من قبل اتخاذ أي إجراء بحق أي قاضٍ، رغم وجود الكثير من الشكاوى على بعض القضاة.

وبين مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن "المساءلة والمحاسبة في القضاء ضعيفة جدًا وتكاد تكون معدومة في غزة والضفة، وغياب البرلمان أدى إلى خلل في الفصل بين السلطات".

الجنايات.. إخلال بعدالة الحكم

وفي موضوع مرتبط، أوضح دويك أن محكمة الجنايات الكبرى تأسست حديثًا وفق قرار بقانون صادر عن عباس.

وقال إنها مختصة بالنظر في قضايا وجرائم تتعلق بالمخدرات والقتل وتسريب الأراضي والخيانة والتخابر مع الاحتلال، والجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي.

وبين أن هذه الجرائم واسعة وكثيرة يدخل ضمنها إثارة النعرات (جنحة)، التي تستغلها أجهزة أمن السلطة لتوقيف معارضين سياسيين، ومنهم الصحفي طارق أبو زيد، الذي وجهت له تهمة إثارة النعرات.

وقال "بعد تشكيل محكمة الجنايات الكبرى، فإن محاكم البداية والصلح (في الضفة) أحالت جميع القضايا التي تدخل ضمن اختصاص الجنايات الكبرى إلى المحكمة؛ وبالتالي أي قضية قتل أو تخابر او ما يتعلق بتسريب الأراضي، توقفت محاكم البداية عن النظر فيها وأحالتها إلى محكمة الجنايات بما فيها الجرائم الواقعة على أمن الدولة ومنها اثارة النعرات".

وأبدى مدير الهيئة المستقلة، تحفظاً كبيراً على محكمة الجنايات الكبرى واختصاصاتها، وما يتعلق بالجرائم الواقعة على أمن الدولة "فليس جميع هذه الجرائم جنايات وكثير منها جنح، وليس من اختصاص المحكمة النظر في قضايا سياسية".

وبين أن القانون أعطى النيابة صلاحيات واسعة جدًا للتوقيف، واتخاذ إجراءات تحفظية دون رقابة قضائية وسياسية ودون سقف زمني، وبالتالي نرى أن القانون يخل بضمانات المحاكم العادلة.

وأشار إلى أن نقابة المحامين قررت مقاطعة المحكمة، وعدم السماح لأي محامٍ ينتمي لها بالمثول أمامها.

وعبر عن أمله في ضوء موقف النقابة والاعتراض والتحفظات الشديدة على هذا القانون، أن يوقف العمل به أو أن يتم تعديله بشكل جوهري وسريع.

وقال: "تشكيل المحكمة جرى بقرار بقانون، وتحفظاتنا على هذا القانون الذي منح النيابة صلاحيات تمس بضمانات المحاكم العادلة التي نص عليها القانون الأساسي الفلسطيني (...) فمن الناحية الشكلية, الإجراءات قانونية، لكن من ناحية موضوعية هناك مساس بضمانات المحاكم العادلة".

الدستورية دون المستوى

وعلى صعيد المحكمة الدستورية، قال إن المؤسسات الحقوقية والمجتمع المدني عارضت تشكيلها منذ البداية، وأعلنا أن تشكيلها في فترة الانقسام؛ وتعيين أعضاء ينتمون إلى فصيل سياسي معين، من شأنه تعميق الانقسام وليس إعادة الثقة بالنظام السياسي".

وأصدرت الدستورية، عددا محدودا من القرارات التفسيرية، بعضها أربك المشهد القانوني في فلسطين، وكانت ملتبسة، فيما أصدرت قرارات أخرى كانت بحاجة إلى قرارات جديدة حتى يتم تفسيرها، وفق دويك.

ووصف أداء الدستورية بأنه "دون المستوى، ولدى القانونيين والأكاديميين تحفظات على المحكمة والقرارات التي تصدرها".

وأكمل "اعترضنا على تشكيل المحكمة الدستورية، وما زلنا. ونطالب الرئيس بإعادة تشكيلها على أن تضم شخصيات مستقلة أكاديمية قانونية تحظى بالمصداقية".

وتمنى القانوني دويك، أن يكون إنهاء الانقسام فرصة لفتح ملف القضاء في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوحيده وفق أسس ومعايير مهنية تنطبق على جميع القضاة، حتى يصبح لدينا قضاء فاعل يحظى باحترام المواطن.