فلسطين أون لاين

كيف نجحت فكرة تحويل المطبخ المنزلي إلى مشروع مدِر للدخل؟!

...
غزة - مريم الشوبكي

الحاجة إلى دخل مادي أولًا، ومن ثم ممارسة هوايتهن في الطبخ، كانا دافعًا للعديد من النساء في قطاع غزة للعمل في مشاريع "طبخ" صغيرة، إما من بيوتهن أو من خلال مطابخ مع غيرهن، من مبدأ "لقمة من عرق الجبين تغني عن مساعدات الآخرين".

فمن المُلاحظ، في السنوات الأخيرة، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع، انتشار الكثير من المشاريع لسيدات يصنعن الطعام ويروجنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال العلاقات الشخصية، لتكون دخلًا إضافيًا يغطي جزءًا من نفقات أسرهن.

طريقٌ أسهل

"عايدة البيوك" بدأت العمل قبل ستة أشهر مع أربع سيدات من ذوات الدخل المحدود، في إطار مشروع "مطبخ" قدّمته جمعية "البراعم التنموية" في محافظة خانيونس، والذي استهدف الحالات الاجتماعية الصعبة.

البيوك (42 عاما) مشرفة عاملات مطبخ "كرموسة"، وهي نوع من حلويات اللوز التي تشتهر بها الجزائر، والكرموسة باللهجة الجزائرية هي حبة التين.

قالت البيوك لـ"فلسطين": "لدى أحب الطبخ وتجريب وصفات جديدة على الدوام، وحاليا يتم تدريبنا، أنا والعاملات، على أسس صناعة بعض الأكلات والحلويات والكيك وتزينه، إضافة إلى بعض الأكلات التراثية كالمفتول والكعك والمعمول".

وأضافت: "لطالما حلمت بأن يكون لدي مشروع خاص بصناعة الأكل وبيعه، ولكن ظروف زوجي الاقتصادية كانت حائلا دون تحقيق ذلك، لذا فور سماعي عن مشروع المطبخ الذي أعمل به حاليا، لم أتردد، لأنني وجدت أن حلمي سيتحقق أخيرا".

وتابعت: "الوضع الاقتصادي الصعب هو الدافع الأول والأهم الذي دفعني نحو المشاركة في مشروع المطبخ، كي يكون لدي مصدر دخل أساهم به في تلبية بعض المتطلبات الأساسية للبيت والأبناء، بالإضافة إلى إشباع هوايتي وحبي للطبخ".

وأوضحت أن عملها في المطبخ يبدأ من الساعة السابعة صباحا حتى الثالثة عصرا، وفي بعض الأحيان يمتد العمل لساعات أخرى للتمكن من إعداد كل ما يطلبه الزبائن.

ولفتت البيوك إلى أن المطبخ يعدّ المعجنات والفطائر، والحلويات والكيك والمفتول، والكعك، ويسوّقها من خلال العديد من محلات البقالة والمخابز، بالإضافة إلى التعامل بشكل مباشر مع ربات البيوت اللواتي يطلبن ما يرغبنه، وكذلك يتم توزيع بعض الكميات في المدارس لأن أسعارها في متناول الجميع، لافتة إلى أن الإقبال على المطبخ ومعرفة الناس به زادت منذ افتتاحه حتى الآن بفعل هذا التسويق.

ووصفت مشاريع الطبخ بأنها "طوق نجاة" لكثيرٍ من ربات البيوت المحتاجات، باعتبار أن الأكل شيء أساسي لا يمكن لأي بيت الاستغناء عنه، ما يعني أن منتجات هذه المشاريع رائجة، على حد قولها.

قبل العمل في مطبخ "كرموسة"، كانت البيوك تصنع مشغولات يدوية بالصوف وبالتطريز الفلاحي، ولكنها لم تجد مردودًا ماديًا مناسبًا لها، بالإضافة إلى التأثير السلبي لهذا العمل على نظرها، ولذا فقد وجدت في صنع الطعام طريقا أسهل وأكثر راحة، فقط أصبحت قادرة على توفير بعض احتياجات أبنائها الستة.

دخل مساعد

الطبخ أيضا، كان مصدر دخل جديد لربة المنزل "رانية النجار"، إذ أسست مشروعا لصنع الأكلات والحلويات، لتكسب بعض من المال الذي تنفق منه على بيتها، لا سيما أن زوجها عاطل عن العمل، ولديها خمسة من الأبناء يحتاجون إلى مصاريف كبيرة.

وقالت النجار (35 عاما) لـ"فلسطين": "ظروفي الصعبة دفعتني إلى التفكير بالعمل ضمن مشروع يقوم على بيع الطعام، خاصة أنني أتقنه، وأملك مهارات عالية في صنع الكيك وفطائر اللحم والسبانخ، والمفتول".

وأضافت: "العائد المادي للمشروع بسيط، لكنه أفضل من لا شيء، وأنا سعيدة للغاية بعملي فيه، إذ أكسب مالًا من عرق جبيني، وأعف نفسي من مساعدات الآخرين".

ومن وجهة نظر النجار، فإن "مشاريع الطبخ باتت شائعة جدا في غزة، خاصة في ظل اندثار بعض لصناعات التقليدية بسبب عدم إقبال الناس عليها لصعوبة الأوضاع الاقتصادية، كتراجع حرفة الخياطة في مقابل الملابس الجاهزة على سبيل المثال".

مقومات النجاح

سمر النباهين، فكانت من أوائل من أسسوا مشروعا لصناعة الأكل والحلويات في البيوت وتسويقها إلكترونيا.

وقالت النباهين (37 عاما) لـ"فلسطين": "قبل أربع سنوات، كانت بدايتي مع المشروع، حيث إن صنع الطعام هواية لدي، وكنت أنشر صورا لما أعدّه من أكلات لأسرتي عبر مجموعات خاصة بالطبخ على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ولاقت استحسان كثير من السيدات، ومنهن من طلبت مني إعداد الطعام لها، وبالفعل بدأت العمل من البيت، وتوسع نطاق عملي فوظّفت سيدتين تتقنان الطبخ لمساعدتي في إعداد الطلبيات الكبيرة كالحفلات والأعراس".

ووفق تجربتها، أوضحت أن أهم مقومات نجاح مشروع المطبخ لدي أي ربة بيت، الإدارة الجيدة لمشروعها، والمعرفة الكافية بشراء المواد الخام، ومن أي الأماكن تشتريها، وألا تكون المواد الخام بأسعار مرتفعة.

ولفتت إلى أن السيدة يجب أن تجيد التعامل مع الزبائن، وعليها احترام المواعيد لكي تنال ثقتهم وتزيد من زبائنها.

وأوضحت: "مشروع المطبخ هو إضافة بسيطة للدخل الموجود، حيث الدخل يقدر بـ350 شيكلا شهريا، ولا يمكن الاعتماد عليه كدخل رئيس، لأن ربحه بسيط جدا، فقد تصل تستقبل صاحبة المطبخ العديد من الطلبيات في يوم واحد، وفي يوم آخر تبقى بلا عمل".

وشجّعت النباهين كل ربّة بيت تمتلك الإرادة والطموح بالقيام بأي عمل تتقنه وتبرع به، وحذرتها من الاستسلام عند أول عقبة، فالأصل أن تبحث حل بديل للمشكلة.