فلسطين أون لاين

​استعداد الخطيب كلمة السرّ لتخترق خطبة الجمعة القلوب

...
غزة - نسمة حمتو

الخطابة فنٌ كغيره من الفنون يحتاج إلى شروط ذاتية وموضوعية، والإخلال بشروطها يُخرج الخطيب عن دوره المنشود، وبذلك هو يفوّتُ فرصةً لا تتكرر لغيره من المتصدرين للحديث، حيثُ قداسة المناسبة فهي "خطبة الجمعة"، والتي يحتشد لها الناس بدافع عينية الفرض، فترى الناس خشوعًا لا ينبسون بكلمة واحدة وكأنما على رؤوسهم الطير، الأمر الذي يفرض على الخطيب أن يستعد لهذه المناسبة الدينية العظيمة بكل طاقته.

اهتمامات الناس

قال الشيخ مصطفى أبو توهة: "على الخطيب أن يحرص على خروج الناس من خطبته بزادٍ روحي ونفسي وعقلي يكفيهم إلى الجمعة المقبلة، والاستعداد الأدبي والنفسي من قبل الخطيب يجعله مؤثرًا من حيث أداء الأمانة".

وأضاف لـ"فلسطين": "ضمن أداء الأمانة، اختيار الموضوع الذي يلامس اهتمامات الناس اليومية، بحيث لا يكون الخطيب في واد، وهموم الناس في وادٍ آخر، فقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء خروجه للغزو عن الحج، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا سألتني عن الجهاد!)".

وتابع: "وكذلك من شروط إلقاء خطبة الجمعة، الاستعداد النفسي، فبقدر ما يكون الخطيب متفاعلًا على مستوى الوجدان مع الموضوع الذي يتحدث فيه، بقدر ما تخرج الكلمة من القلب إلى القلب، لتفعل مفاعيلها المُنتظرة".

وواصل: "يُضاف إلى ذلك تحشيدُ البراهين من آيات الوحي الكريم وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وقول السلف الصالح وعلماء الأمة، وهذا إعدادٌ له علاقة بالأدلة الشرعية، ويضمُ إلى ذلك الشواهد والبراهين من التاريخ ولشعر، وما يجده الخطيب من أدلة أخرى تفرضها عليه طبيعة الموضوع".

وأشار أبو توهة إلى أنه يمكن إضافة المعينات الفنية من استخدام لغة اليدين وقسمات الوجه، ومستوى النبرة علوًا وخفضًا، والفصاحة في البيان والتي هي زائدة على بلاغة الكلام.

فيما ينبغي

وأوضح: "هذه الأيام، نعاني من ضعفٍ قد أصاب الخطباء، حيث يميل الخطيب إلى الحديث فيما يبتغي وليس فيما ينبغي".

وبيّن: "من هنا، فإن دور الخطابة من الخطورة بمكان، فرب كلمة كانت من حروف لكنها كانت أقوى من كل السيوف، فمن فوق المنابر كانت تُهز العروش، وتُحرض الجماهير وتُهيّج الشعوب، حينما كانت الأمة بعافية".

وقال أبو توهة: "على القائمين على سدة الوعظ والإرشاد تدارك ما أصاب بعض الخطباء من خلل، ليكون الجميع على قدر المسؤولية في ظرفٍ نحن فيه في أحوج ما نكون إليه لأن يؤدي كلٌ ما عليه".