فلسطين أون لاين

​ حواراتٌ صعبة نضطر لها وتخلّف راحةً نفسية

لتخض "وقفةً" مع شخصٍ ما استعد لـــــ "سيناريو" مُسبق

...
صورة تعبيرية
غزة - مريم الشوبكي

في حياتنا نتعرض لكثير من المواقف التي تجعل في داخلنا شيئا من الضيق والكدر، وفي بعض الأحيان لا نستطيع مواجهة فاعلها وقت وقوعها، أو أحياناً يكون لدينا عتب أو نصيحةٍ أو تحذير لشخصٍ ما؛ وهذا يحتاج منا إلى استعداد لمواجهته بحوار أقل ما يقال عنه أن يقع في منطقةٍ حرجة لنحدثه بكل ما في أنفسنا.

راحة نفسية

ترى عبير المصري أن الحوار مع بعض الأشخاص في حياتها يخلّف راحةً نفسية مهمةً بالنسبة لها؛ على الأقل حتى تتخلص من أي مشاعر ليست ايجابية تجاههم.

وبينت المصري أن محادثة البعض ومواجهتهم بكلام حرج مهما كانت العواقب، مهم للغاية بالنسبة لها لأنه بذلك يرتاح ضميرها من ناحيتهم، وكذلك ترتاح هي نفسياً لأنها تتحدث بكل ما يساورها سواء تقبلوا حديثها أم لم يفعلوا، أي باللغة الدارجة "تكون عملت ما عليها".

فيما بينت ايمان يونس أن الحوار الحرج لا تتخذ قراره مع كل الأشخاص، بل حسب شخصية ودرجة قرب الشخص منها، حيث أنها تعتمد على مدى الفوائد والعواقب قبل القيام به، كأن تراجع شخصاً على إهانة ما وجهها له ولم ترد عليه حينها، أو أن تضع حدوداً للعلاقة التي تربطها به.

وتقول داليا ياغي طالبة جامعية تبلغ 22 عام: "أحياناً أتعرض لمواقف تغضبني من صديقاتي أو فتيات تربطني بهن قرابة، ولا أستطيع الرد عليهن فأكتم غيظي لأني لا أريد تأجيج الموقف واحداث مشكلة، ولكني لا أهدأ؛ وأراجع نفسي وأندم بشدة للأني لم أرد عليهن فورا وأتوصل في النهاية أن موقفي كان صائباً بناءًا على "عشم" المحبة التي أكنها لهم".

وأضافت ياغي لـ"فلسطين" : "لا أستطيع مواجهة أي شخص بما يفعل لربما لأنني لا أمتلك الشجاعة، أو أنني أفضل النسيان وعدم فتح الدفاتر القديمة حتى أعيش بهدوء وسلامة داخلي، وسكينة نفس تبعد عني الأرق ليلاً".

تخيل سيناريو

وفي ذات السياق بين الأخصائي النفسي زهير ملاخة أن بعض الأشخاص في حياتنا يتعين علينا أن نأخذ نحوهم خطوة جريئة فيما يسمى "وقفة"؛ أي أن تخطو خطوة تجاه حوار حرج مهما كانت العواقب حتى نفضي بكل ما يختلج في صدورنا تجاههم.

وأوضح ملاخة لـ"فلسطين" أن من نريد مراجعته والحديث معه؛ من الأفضل أن نتخيل سيناريو لمواجهته، بما يقتضي ترتيب الأفكار وتحديد الكلمات، والأمور التي يريد أن يحدثه بها أي أن يقوم بعصف ذهني قبل مقابلته.

وأشار إلى أن الشخص أيضا عليه الاشارة ببعض الكلمات (الترميز)، و الكلام المباشر أيضاً، بعيداً عن العصبية الزائدة؛ ويتحلى بالهدوء واختيار الكلمات التي لها دلالات، والبعد عن العدائية في اللفظ أو حتى في لغة الجسد.

ونوه ملاخة إلى أن الشخص عليه أيضاً الاستعانة بخبرات الآخرين في محاولة فهم كيف يفكر هذا الشخص مع حل المشكلة، وفهم شخصية من نواجه.

وأشار إلى أن بعض الأشخاص يضعون من أمامهم في مواقف محرجة، وهنا مواجهتهم وإحراجهم تبدأ بضبط الأعصاب والتحكم بالنفس، واستخدام الذكاء العقلي والاجتماعي في مواجهته وتقديم الحجج والبراهين، مع ضرورة ترتيب الأفكار واختيار الكلمات.

ونوه ملاخة إلى أن لغة الجسد مهمة في كبح جماح الطرف الآخر مثل الابتسامة أثناء الحديث، واعتدال الرأس والقامة ووضوح الصوت، واختيار أسلوب الكلام حسب الشخصية التي نواجهها، ومحاولة إشراك الآخرين في عملية المواجهة إن تطلب الأمر.

وبين أن الوقفة مع الأشخاص الأكثر قرباً في حياتنا، له آثار ايجابية على الطرفين، بحيث نستطيع توعيتهم وتغييرهم نحو الأفضل وتعديل سلوكهم ونمنعهم من الوقوع في الخطأ مرة أخرى، وكما أن الحوار الحرج والصراحة معهم تخفف من حدة الاحتقان والغضب اتجاههم وتعود بالراحة النفسية.