لا مفاجآت في قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، فما خرج هو ذات ما تسرّب قبل الاجتماع، وخلاصته هي القرارات الثلاثة الأولى وهي:
1. الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، والتي تناضل من أجل استقلالها.
2. تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بـ”إسرائيل” إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وإلغاء قرار ضمّ القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
3. يجدد المجلس المركزي قراره بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرّسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومؤسسات دولة فلسطين البدء في تنفيذ ذلك.
من الضروري القول ابتداءً إنه كان الأولى أن يُعقد الاجتماع خارج الأراضي المحتلة، أقله من أجل التأكيد على قضية اللاجئين، لكن ما جرى هو استمرار لنهج هيمنة السلطة على المنظمة التي بدأت عمليا منذ أوسلو 1993.
القرارات الثلاث آنفة الذكر، تستحق التوقف، بكل تأكيد. ففي الفقرة الأولى، وقد توقفنا عند هذه القضية في مقال سابق، حديث عن الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة، ويستوقفنا هنا مصطلح “الاستقلال”، لكأن هنا دولة خاضعة لاستعمار، وليس لاحتلال يعترف العالم بأنه احتلال. لكن النتيجة هي التأكيد على واقع السلطة الراهن، وشطب كل ما سبق ذكره عن رفض صيغة “السلطة بلا سلطة”، أو التلويح بحل السلطة
البند الثاني ممثلا في تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل شيء جيد، ولا ندري لماذا استخدم مصطلح “تعليق”، وليس “سحب”، لكن يبدو أن هناك “عقلاء” كثر كانوا حاضرين، ويرفضون “التصعيد”!!
أما البند الثالث، فهو جيد أيضا في الجزء المتعلق بوقف “التنسيق الأمني”، وما يجدر التذكير به هنا هو أن قرارا سابقا من المجلس المركزي على هذا الصعيد لم يُنفذ.
أما الجزء الثاني من القرار، ويتعلق بوقف تبعية السلطة الاقتصادية للكيان الصهيوني، فشأنه عجيب ولا يعرف كيف سيطبق على الأرض في ظل سيطرة الاحتلال على كل شيء على الأرض ومن السماء أيضا؟!
أما البند الآخر الذي ورد في الجزء المتعلق بالداخل الفلسطيني، وجاء ثانيا، فيتمثل في “التأكيد على حق شعبنا في ممارسة كافة أشكال النضال ضد الاحتلال وفقا لأحكام القانون الدولي، والاستمرار في تفعيل المقاومة الشعبية السلمية ودعمها وتعزيز قدراتها”.
هذا البند لا ينفي المقاومة المسلحة، بحديثه عن “كافة أشكال النضال”، لكن جوهر موقف السلطة بشكل عام، وهو ما تأكد في خطاب الرئيس في افتتاح الاجتماع، لا زال يؤكد على “المقاومة السلمية” التي لا نعرف لها شكلا ولا هوية حتى الآن، إذ لا نرى اشتباكا واضحا مع الحواجز بالقدر الكافي، والأهم لا نرى موقفا من التوغلات اليومية لقوات الاحتلال في كل المناطق لاعتقال من يفكرون في المقاومة.
هكذا ينعقد المجلس المركزي وينفض، ولا يتغير شيء على الأرض، ومن ضمن ذلك التعاون الأمني، . وإذا قيل إن القرارات هي بمثابة توصيات للجنة التنفيذية صاحبة القرار، فسنكون بانتظار أي تغير.
ربما قيل إن الصمود في وجه الضغوط الأمريكية، ورفض ما يسمى “صفقة القرن” يُعد إنجازا في الوقت الراهن، وهذا صحيح إلى حد ما، لكن عدم استغلال ذلك في إطلاق موجة نضال جديدة تنهي حالة المراوحة والتيه، ومعها معادلة “احتلال بلا كلفة”، بحسب تعبير عباس نفسه، لا يمكن أن يكون مقبولا بحال.