فلسطين أون لاين

​هل "حماتك" حمامة سلام أم عقربٌ سام؟!

...
صورة تعبيرية
غزة - عبد الله التركماني

ما انفكّ الشاب "مهند. ز" (29 عاماً) من تلقي اتصالٍ هاتفي من حماته بشكل يومي، لمراجعته حول موقف أو خلاف جرى بينه وبين زوجته، ليتم إلقاء اللوم عليه سريعاً وتبرئة الزوجة من أي ذنوب وأخطاء، حتى بات في حيرة من أمره في كيفية التعامل مع هذه الحماة.

"النكدية".. هكذا سمى "مهند" حماته في هاتفه النقال، وقد خصص لها نغمة خاصة أشبه بالرنين الذي يُطلق في أوقات الحروب، لإنذار المدنيين بقرب وقوع هجمة عدوانية مباغتة، ويقول لـ"فلسطين": "لا يمكن أن يحمل اتصالها الهاتفي المتكرر سوى مصيبة والمزيد من التحذيرات والتهديدات".

وأوضح أنه حاول جاهداً تغيير عادة زوجته بإخبار كل ما يجري بينهما إلى أمها، ولكنها لا تنصاع إلى محاولاته، فيما يشعر بالتقيد الكبير في التعامل مع هذا الوضع الذي يلغي مكانته كرجل وزوج، بسبب المساعدة المالية الشهرية التي تقدمها حماته له في ظل الظروف المعيشية السيئة التي يعيشها والتي لا تجعله قادراً على إبعاد تدخلاتها المتكررة في حياته الزوجية.

وأضاف: "لا تتردد حماتي مطلقاً بالاتصال بي والتنكيد عليّ، ولا يمكن أن تقف ضد ابنتها حتى لو كانت مخطئة، فهي تقوي عضدها ضدي، وتعزز من هيمنتها على أسرتنا، وقد فكرت بالطلاق فعلاً من أجل التخلص من هذه الحياة الكئيبة، إلا أنني تراجعت عن هذا التفكير لعدم وجود خيار بديل أفضل".

على عكس مهند، يعيش "عامر. م" حياة مستقرة بسبب اتخاذ حماته موقفاً حازماً في عدم التدخل في حياته وعلاقته مع ابنتها مهما وصل الأمر بهما، لاعتبار أن تدخل الآخرين في المشاكل الزوجية يزيدها اشتعالاً.

يقول عامر لـ"فلسطين": "إن حماتي إنسانة رائعة، فهي لا تتدخل مطلقاً في المشاكل الزوجية إلا بطلب مني، وعندما تتدخل يكون موقفها إيجابياً بناءً، تحاول حل المشكلة لا تعقيدها من خلال عدم الاصطفاف إلى جانب على حساب الآخر، وبهذا تُحل المشكلة سريعاً".

وبيّن أن ذلك انعكس إيجاباً على حياته الزوجية، وأدى إلى انخفاض مستوى المشكلات والخلافات مع زوجته إلى حد كبير، لأن انسداد مصادر إشعال الخلافات لم يجعل من خيار آخر أمام الزوجين سوى إخمادها سريعاً، على حد تعبيره.

الجوانب السلبية والإيجابية

المتخصص النفسي والاجتماعي إياد الشوربجي، يرى أن تدخل الحماة في المشاكل الزوجية يحمل وجهتي نظر، الأولى تفيد بأن هذا التدخل من الممكن أن يعود بأثر سلبي على حياة ابنتها وزوجها، والثانية تشير إلى أن حل الخلاف بطريقة حكيمة من المؤكد أنه سيعود بالخير على حياة ابنتها وزوجها.

وقال الشوربجي لـ"فلسطين": "أحياناً تزيد تدخلات الحماة في الحياة الزوجية من إشعال الخلافات بين الزوجين، ورغم أن بعض المشكلات تحتاج إلى تدخل خارجي من أحد الوالدين من أجل المساهمة في الحل، إلا أنه لا يجب مطلقاً استغلال هذه الحالة من قبل الزوجين في إطار نقل كافة الخلافات إلى هذه الأطراف الخارجية".

وبيّن أن التدخل السلبي لحماة الزوج في المشاكل الزوجية يؤدي إلى تأليب الزوجة على زوجها وتحريضها عليه، وقد تغذي هذه التدخلات داخل الزوجة عادات سيئة مثل زيادة طلباتها لزوجها وإثقال كاهله وزيادة أعبائه، ما يساهم في تكرار الخلافات الزوجية وزيادة حدتها.

وأضاف الشوربجي: "ما يزيد الوضع سوءًا عندما تحشد الحماة أبناءها ضد زوج ابنتها، وتؤلّبهم عليه، لذلك يجب الحذر من هذا الأمر ويجب التعامل معه بحكمة".

ولكن المتخصص النفسي والاجتماعي يرى أن تدخل الحماة في الخلافات بين الزوجين قد يحمل جانباً إيجابياً إذا كان الهدف منه هو حل الخلاف لا تعميقه، وقال: "الحماة هي أكثر الناس خبرةً بطباع ابنتها وطريقة التعامل معها، لذلك تستطيع أن تساهم في تذليل العقبات وتذويب الخلافات وتهدئة النفوس إذا ما تعاملت بحكمة مع هذا الخلاف".

وتابع: "في هذه الحالة، دور الحماة مهم، وخاصة إذا طلب الزوج من حماته التدخل، فيجب عليها التدخل بشكل إيجابي لأن ذلك في صالح ابنتها، فالاستعانة بكبار السن الحكماء قد يساهم في تذليل هذه الخلافات من خلال التعلم من خبراتهم وتجاربهم السابقة وهذا مفيد جداً بالنسبة للأزواج الحديثة".