فلسطين أون لاين

​يقابله نمو متسارع في الضفة

الاستثمار في الصناعات الإنشائية يشهد ركودًا بغزة

...
غزة- فاطمة العويني

يعد الاستثمار في تنفيذ مشاريع الصناعات الإنشائية عامل جذب لأصحاب رؤوس الأموال، في ظل الطلب المتزايد وارتفاع نسبة الأرباح.

ولكن إذا نظرنا إلى الحالة الفلسطينية نجد تباينًا بين جناحي الوطن، ففي الوقت الذي نرى نموًّا متسارعًا في هذا المضمار بالضفة الغربية نجد ركودًا فيه بقطاع غزة، لضعف القوة الشرائية، وعراقيل الاحتلال على المعابر، وأزمة الطاقة، وغيرها.

قال رئيس شركة "أبناء شنن للعقارات" في غزة حسين شنن: "إن الاستثمار في الصناعات الإنشائية في الوقت الراهن يشهد ركودًا تامًّا".

وعزا ذلك الركود إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيش فيه قطاع غزة إثر خصومات السلطة الفلسطينية من رواتب موظفيها، الأمر الذي حال دون قدرتهم على شراء أي شقق بالتقسيط، وهو النظام السائد منذ عشر سنوات خلت.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أضحى الموظفون الذين سحبوا قروضًا سابقة غير قادرين على سداد الأقساط المترتبة على ذلك.

وأشار إلى أن هناك عزوفًا شبه تام للمواطنين عن شراء مواد البناء منذ ستة أشهر تقريبًا، شارحًا ذلك بالقول: "فالمحال الكبرى لمواد البناء كانت تبيع في تلك المدة 3-4 سيارات إسمنت يوميًّا، الآن لا تبيع سوى 3-4 أكياس فقط".

وقال: "المستثمرون أضحت أموالهم مجمدة في العقارات السكنية والتجارية التي بنوها ولم يبيعوها كلها ولم يستطيعوا استثمارها، ما أشل حركتهم التجارية وجعلهم مطالبين بسداد ديونهم للبنوك وصغار المستثمرين، أيضًا اضطروا إلى تسريح أغلب موظفيهم".

وأكد عدم وجود مجال لأي مستثمر للدخول في مجال الصناعات الإنشائية حاليًّا، لأن قطاع غزة ذاهب إلى الأسوأ اقتصاديًّا بسبب استمرار الانقسام السياسي، والانخفاض المتواصل لسعر صرف الدولار.

عائد مرتفع

لكن الوضع في الضفة الغربية مختلف قليلًا، حسبما أكد المختص في الشأن الاقتصادي نائل موسى، فالاستثمار في هذا القطاع كبير جدًّا، بسبب كون العائد المادي منه مرتفعًا، والمخاطرة فيه منخفضة جدًّا.

وقال موسى من مقر اقامته بالضفة لــ "فلسطين": "التسويق موجود، سواء أكان الدفع نقدًا أم كان بالتقسيط عبر البنوك، لذلك هذا القطاع مزدهر، فالتوجه إلى الاستثمار فيه يرتفع سنويًّا، إذ ترتفع أسعار الوحدات السكانية وحجم هذا القطاع".

وأضاف: "الزيادة السكانية تسهم في زيادة الطلب على الصناعات الإنشائية، بجانب تزايد إقبال المواطنين على تملك شقق سكنية".

ولفت إلى أن مقومات تلك الصناعات متوافرة إذ تستورد من الاحتلال دائمًا، مبينًا أن الصناعة المحلية في ذلك الإطار شبه منعدمة، شارحًا ذلك بالقول: "الصناعة الإنشائية المحلية غير منافسة للمستوردة، بل مكملة لها، فما يُصنع محليًّا لا يستورد كالحصمة، أما المكونات الأساسية كالحديد والإسمنت فتستورد".

وذكر أن الصناعات الإنشائية هامش الربح فيها لصاحب العقار يكون كبيرًا جدًّا.

ركائز الصناعة

المختص الاقتصادي د. معين رجب بين أن الصناعات الإنشائية من ركائز الصناعة في فلسطين، كون عملية البناء عملًا يوميًّا ضروريًّا لا غنى عنه، خاصة في مجال التوسع في الإسكان والمرافق كالمدارس والمستشفيات والمنشآت الخاصة والعامة.

وقال: "التوسع في الإنشاء حاجة ضرورية ملحة، لذلك يجب أن توجد صناعة تغطي حاجات هذا القطاع كصناعة البلاط والطوب".

وأضاف: "وجود صناعات كهذه من الأهمية بمكان، خاصة أن تكلفة استيرادها مرتفعة بسبب ضخامة وزنها، كما أن الاستثمار في هذه الصناعات لا يتوقف؛ فالطلب عليها مستمر".

أيضًا حاجات التوسع السكني لحالات الزواج سبب ثان يستوجب التوسع في الصناعات الإنشائية، حسبما ذكر رجب، تابع: "في قطاع غزة الصناعات الإنشائية تعمل على قدم وساق، فهناك شركات مقاولات منتشرة منذ مدة ولديها خبرة طويلة في هذا المجال، وتعمل على تطوير نفسها".

ولكن هناك عقبات تعترض طريق تلك الصناعات تتمثل _حسب قول رجب_ في نقص العديد من المعدات المتطورة التي القطاع بأمس الحاجة إليها، ومنع الاحتلال إدخال كثيرٍ من مواد البناء ولوازمه.

ومن المعيقات أيضًا تعثر عملية إعادة إعمار قطاع غزة وبطئها بسبب ممارسات الاحتلال ، بجانب الانقسام البغيض، وأزمة الكهرباء المتفاقمة التي تزيد التكلفة وتقلل الربح، حسبما بين رجب.

لكن مع المعيقات السابقة المحفزات على الاستثمار في تلك الصناعات قائمة، فالطلب ما زال وسيظل في ارتفاع مستمر، إضافة إلى أنه استثمار آمن لا يطاله الضرر مثل غيره من الاستثمارات، فنسبة المخاطرة فيه أقل من غيره.

ومع توافر مواد البناء في المدة الحالية يشهد الاستثمار في الصناعات الإنشائية ركودًا، عزاه رجب إلى انخفاض السيولة، وتذبذب رواتب الموظفين، وعدم سير المصالحة الداخلية على الوجه المطلوب.