فلسطين أون لاين

​شركة أحمد المصري نجاحات رائدة بدأت من "حلم الطفولة"

...
المهندس أحمد المصري
غزة- عبد الرحمن الطهراوي

على مدار سنوات طفولته الأولى ظل أحمد المصري يحلم بأن يصبح مهندسًا مدنيًّا عندما يكبر، حتى وصل في عام 1996م إلى ما سعى إليه، بعدما أسس بنفسه شركة للمقاولات والتجارة يشار إليها اليوم بالبنان، بفضل النجاحات التي تحققها شركة المصري على مستوى قطاع غزة.

وبدأت أولى فصول حكاية النجاح تكتب عندما كان "الفتى أحمد" يختار على اللعب والمرح خلال الإجازات الصيفية السنوية الخروج مع والده منذ ساعات الصباح الباكر، للعمل داخل الأراضي المحتلة في قطاع الإنشاءات والمقاولات، على أمل أن يكتسب بعض الخبرة والمعلومات التي تقربه من تحقيق حلمه.

وفي عام 1983م تحديدًا بعدما تفوق المصري في شهادة الثانوية العامة (التوجيهي) عزم على شق أول الدرب نحو تحويل أحلام الطفولة إلى حقائق ملموسة، عندما أخذ على نفسه تحمل أتعاب الغربة والابتعاد عن أهله، والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الهندسة.

ثمار الغربة

عن تلك المرحلة يتحدث المصري بنفسه قائلًا: "كان قرار السفر نابعًا من حبي الشديد للهندسة، مع درايتي المسبقة بمشقة الغربة التي بدأت تتلاشى تدريجًا مع تقدمي في الدارسة بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة، حتى حصلت على شهادة البكالوريوس بالهندسة المدنية عام 1987م".

ويضيف المصري لصحيفة "فلسطين" التي التقته بمكان الإنشاءات التي تتولى شركته تنفيذها حاليًّا وسط قطاع غزة: "بعد الحصول على الشهادة توجهت إلى العمل في منطقة الخليج العربي، وتحديدًا المملكة السعودية، وهناك حققت نجاحات على صعيد قطاع الإنشاءات والمقاولات بالشراكة مع السعوديين".

النجاحات التي حققها المصري في غربته على مدار 10 سنوات لم تمنعه يومًا من التفكير بالعودة إلى وطنه فلسطين، لعله يساهم في بنائه وتدعيم أركانه في وجه الاحتلال الإسرائيلي، حتى حانت اللحظة المنتظرة بعد دخول السلطة الفلسطينية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتداول الأنباء عن قرب إنشاء مطار غزة الدولي.

"وكيف كان الحال بعد العودة من الغربة؟"، يجيب المهندس أحمد عن سؤالنا الجديد بالقول: "بدأت العمل في غزة عام 1996م بإنشاء "شركة أحمد المصري للمقاولات والتجارة العامة" وأنا ابن 29 عامًا فقط، وقد تمكنت خلال سنواتها الأولى من تنفيذ عدة مشاريع، كان أولها إنشاء حمامات زراعية بتمويل هولندي لجامعة الأزهر في بلدة بيت لاهيا بتكلفة 105 آلاف دولار".

ويواصل حديثه دون كلل ولا ملل: "تدرجت النجاح تدريجًا؛ فبعد مشروع جامعة الأزهر حصلت على عدة مشاريع أخرى لمصلحة مؤسسة دولية ومؤسسات محلية مرموقة، وصل عددها خلال السنوات الثلاثة الأولى من العودة إلى 13 مشروعًا، كان من ضمنها بناء مجمع مطاحن مدينة خان يونس، ومطار غزة الدولي جنوب القطاع، ومبنى وزارة الخارجية".

المشاركة في بناء مطار غزة الدولي من أبرز النجاحات التي يفتخر المصري بتحقيقها، عن ذلك يقول: "نفذت شركتنا بناء عشرة مبانٍ من الأركان الأساسية للمطار، كصالة الرئيس وكبار الزوار ومبنى الشحن، إلى جانب الطرق الداخلية بين المباني، والطريق الدائرية المحيطة بالمطار بطول 7 كيلو متر".

وتواصلت نجاحات الشركة منذ لحظة التأسيس حتى منتصف شهر تموز (يوليو) 2007م، عندها توقفت أعمال الإنشاءات والمقاولات الخاصة بالشركة، بعدما أقدم الاحتلال على فرض حصار سياسي واقتصادي على قطاع غزة، ومنع إدخال مواد البناء والإعمار إليه.

لم تدم فترة التوقف طويلًا، فسرعان ما عمل المهندس أحمد على البحث عن بدائل يستطيع بها تغطية نفقات تشغيل الشركة والخسائر المترتبة على الحصار، فاتجه بأعماله نحو مجال تجارة الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الأطفال، وقد حصل على عدة وكالات وعطاءات لتوريد الأدوية والحاجيات الطبية.

يتابع المصري: "بعد انتعاش وتحرك عجلة إعادة الإعمار عام 2010م أخذنا مشروعين لمصلحة (أونروا) بقيمة 4 ملايين دولار، ثم شرعنا بإنشاء 161 وحدة سكنية في الحي السعودية بمدينة رفح، وفي شهر أيلول (سبتمبر) تسلمنا العمل في المشروع الحالي إنشاء مبنى المؤتمرات بجامعة الأزهر".

نجاحات وتحديات

ويعد مشروع الأزهر من أكبر المشاريع الإنشائية في قطاع غزة، فهو يضم قاعة مسرح ومؤتمرات مركزية تتسع لـقرابة 2000 شخص، إذ تبلغ المساحة المقام عليها المبنى الواحد المكون من سبع طوابق 5500 متر مربع، حسبما يبين.

ومثلما تدرجت نجاحات شركة المصري تتضاعف أعداد العاملين في الشركة كذلك، فمن 10 موظفين خلال العام الأول إلى 500 عامل في أثناء تجهيز مرافق مطار غزة، قبل أن يستقر العدد في الوقت الجاري على 100 موظف، من ضمنهم مهندسون وعمال وفنيون.

وعلى صعيد المعيقات التي تواجه مشاريع الشركة يقول المصري: "إن التحديات التي تواجهها المشاريع الإنشائية خلال المدة الجارية أكبر من أي وقت سبق، مع التدهور الاقتصادي غير المسبوق"، مبينًا أن شهر كانون الأول (ديسمبر) المنصرم من أسوأ الشهور على صعيد العمل، إذ بلغت نسبة التحصيل 30% من القيمة المعهودة.

ولم يخف خشيته أن تسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية خسائر مضاعفة لشركته، مع النزول الحاد في سعر صرف الدولار مشكلة قديمة جديدة، ووصول قيمة الشيكات المرجعة إلى قرابة 60 ألف شيكل، وتراجع المستوى المعيشي لسكان قطاع غزة بوجه عام.

وكل شخص يريد النجاح يوصيه المصري: "عليك أن تتسلح بروح التحدي وكسر الرهبة مع العزيمة والحماسة لتحقيق النجاح لا غير، وإن تمكنت من السفر لكسب المعلومات وتطوير المهارات والقدرات فافعل، ولكن عليك أن تعلم أن وطنك وأهلك أولى بك؛ فعد عندما تحين الفرصة السانحة".