فلسطين أون لاين

​في ظل الحروب والحصار

"مصانع إنتاج الباطون" بغزة.. معداتها تجابه تجاعيد الزمن ونقص الحداثة

...
غزة- أدهم الشريف

فرضت الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة واقعًا جديدًا على مصانع إنتاج الخرسانة (الباطون)، مع استمرار وطأة الحصار.

تسببت تلك في تدمير المصانع كليًّا وجزئيًّا، في حين حال الحصار دون إدخال المعدات والآلات اللازمة أو قطع الغيار.

ومع ذلك ما زالت تلك المصانع الإنشائية تعمل، لكن بآلات وعربات قديمة عفا عليها الزمان.

قال مدير الحسابات في شركة الأكارم للباطون محمد أبو صفية: "لدينا 3 عربات لنقل الباطون و"مشافاة" (مركبة ضخ الإسمنت إلى المباني) واحدة، تفتقر جميعها للحداثة والتطور في عملها.

وذكر أبو صفية لـ"فلسطين" أن مصنع الباطون يواجه إشكالات منذ تأسيسه في عام 2011م، وإنشاء مقره قرب مدخل مخيم المغازي في المحافظة الوسطى.

وبين أن الشركة من طريق اتحاد الصناعات الإنشائية قدمت طلبًا لإدخال "مشافاة" جديدة خاصة بمصنع الباطون، التابع لها قبل أكثر من عام.

وأضاف: "حتى اليوم لم يسمح الاحتلال بدخول الآلة إلى غزة (...) في الغالب لن يوافق على طلبنا لإدخال عربة ضخ الباطون، أو منحها لمصنع أكبر من مصنعنا".

ولفت إلى أنه في بعض الأحيان تطلب الشركة آلات من مصانع أخرى لتلبية طلبات الزبائن على الباطون وإنشاء مبانيها، وبذلك ترتفع التكلفة والمصاريف.

وأكد أبو صفية أن سماح الاحتلال بإدخال الآلات والمعدات الحديثة سيساعد على سرعة إنجاز الطلبات على الباطون، بأقل جهد وتكلفة.

معدات قديمة

من ناحيته قال فارس أبو عمرة مدير شركة النهضة للباطون التي أنشئت في عام 1999م، ومقرها في بلدة الزوايدة، وسط القطاع: "لدينا 16 عربة خاصة بالإسمنت، لكنها قديمة ومنها ما هو شبه تالف".

وأكد أبو عمرة لـ"فلسطين" أن الحصار والمنع الإسرائيليين طالا قِطع الغيار.

"وفي حال سمح الاحتلال بإدخال المعدات اللازمة لن نستأجر مضخات من شركات أخرى، وبذلك لن تزيد تكلفة كوب الباطون الواحد" أضاف أبو عمرة.

من ناحيته قال رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية في غزة على الحايك: "إن الصناعات الإنشائية أحد القطاعات المهمة والمحاصرة".

وأكد الحايك لـ"فلسطين" أن أهمية هذا القطاع ازدادت بعد تكرار الحروب الإسرائيلية على غزة.

ودمر جيش الاحتلال خلال حروبه الثلاثة عشرات الآلاف من المنازل والوحدات السكنية، بالقصف الجوي والبحري والبري.

وأشار إلى أن قطاع الإنشاءات أخذ على عاتقه إعادة إعمار غزة، وكان هناك جهد كبير من أصحاب المصانع للعمل بالمعدات والآلات القديمة التي لم تجدد منذ سنوات طويلة، نتيجة منع الاحتلال إدخال المعدات الثقيلة وقطع الغيار إلى غزة.

وأدى ذلك إلى تآكل الآلات والمعدات، وتوقف شاحنات ومعدات ومضخات عن العمل نتيجة عدم إدخال قطع غيار.

وبين أن قطاع الصناعات الإنشائية ليس وحده يعاني، بل إن كل القطاعات الصناعية _وعددها 16_ تعاني من الحروب والعمالة المشردة، وهذا أدى إلى كارثة اقتصادية حقيقية وإنسانية اجتماعية.

وتابع: "لم نترك بابًا إلا وطرقناه في الأشهر القليلة الماضية لتحسين الأوضاع الاقتصادية في غزة (...) أصدرنا بيان استغاثة وأعلنا فيه أن الوضع في تدهور مستمر نتيجة المشاكل المالية، وملاحقة الشرطة والنيابة رجال الأعمال والتجار، نتيجة الأزمات المالية وهبوط الدولار".

وأكد أن كل الكوارث التي حلت بالقطاع الصناعي أدت إلى نكبة كبيرة في اقتصاد غزة.

وأشار إلى أن قطاعات صناعية ما زالت مدمرة، ولم تتلق التعويضات لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.

مطالب واحتياجات

وشدد الحايك على ضرورة إدخال المعدات للقطاعات الصناعية، ومنها قطاع الصناعات الإنشائية، الذي يقع على عاتقه إعادة إعمار المنازل وما دمره الاحتلال.

وطالب برفع الحصار كاملًا عن قطاع غزة، وكذلك العقوبات المفروضة من رام الله، وإدخال المعدات، وإتاحة المجال للمواطنين بالحركة من قطاع غزة وإليه.

وأشار إلى أن القطاع الصناعي لحقه دمار كبير في الحرب الأخيرة على غزة، طال 900 مصنع، بينها العشرات من مصانع الصناعات الإنشائية.

ولفت إلى أن عمليات التجريف قبل الحرب على غزة التي بدأت نهاية 2008م ومطلع 2009م طالت عددًا من المصانع أيضًا، خلال الاجتياحات الإسرائيلية لمناطق متفرقة من شرق غزة.

وبين رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية في غزة أن التعويضات التي صرفت لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال من مصانع في 2014م لا تتعدى نسبة 5-6%، قائلًا: "ناشدنا رئاسة السلطة والحكومة والمجتمع الدولي، لإيجاد تمويل عاجل لإعادة بناء هذه المصانع".

أضاف: "إن ما أعيد إعماره من مصانع الصناعات الإنشائية وصل إلى 80%، لكن بجهد شخصي وقروض وديون من البنوك"، مشيرًا إلى وجود إشكالية في سداد الديون والقروض التي تراكمت على أصحاب مصانع الصناعات الإنشائية بسبب حرب 2014م.

وأكد أن هذه القروض شكلت عبئًا على أصحاب المصانع، وبفعل ذلك بات عدد منهم مديونًا للبنوك ومطاردًا، نتيجة "الشيكات" المرجعة، مع عدم صرف تعويضات لهؤلاء.