ثلاثة أشهر مرت على توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، في 12 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، انصبت معها آمال موظفي غزة بتحسن أوضاعهم المعيشية، إلا أن ما حدث كان عكس ذلك تماما، إذ زادت أوضاعهم سوءا بفعل تنصل الحكومة من مسؤولياتها، وعدم صرف رواتبهم وفق الاتفاق.
ويطالب موظفون تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين" بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، بديلا عن حكومة التوافق التي لا تملك قرارًا بإنهاء قضيتهم العالقة منذ سنوات.
"الدفعات المالية التي تصرف لا تغني ولا تسمن من جوع، تذهب للصيدلية والبقالة" يقول الموظف سليم المدهون، واصفاً أداء الحكومة، خلال الشهرين الماضيين بـ"المعدوم، بلا أي دور ملموس".
وأضاف، الحكومة لم تخفف عن الموظفين حسبما أعلن رئيس الوزراء رامي الحمد الله عن ذلك، خلال زيارته الأولى للقطاع، في 2 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وإعلانه أنها ستنفذ ما يتفق عليه الفصائل، وهو ما لم يحدث.
"لسنا على الأجندة"
استمرار هذا الواقع إلى ماذا يؤشر؟، يرد الموظف علاء الدين العارور على سؤال اصحيفة "فلسطين" قائلا: "ذلك يعني أن الحكومة لم تضع يوماً ملف الموظفين على رأس أولوياتها، ولا تعير منظومة العمل الحكومي داخل قطاع غزة أي اهتمام، مما سيدفع الموظفين لمزيد من الفعاليات والإضرابات، وكله سيؤثر سلباً على الاستقرار العام في غزة، مما سيدفع الشارع للمطالبة بعودة الأمور لما كانت عليه في عهد اللجنة الإدارية".
ويقول العارور، إن على الكل الفلسطيني تقبل الفعاليات والإضرابات كافة التي ينظمها موظفو غزة، وليتفهموا أن إغلاق الوزارات والمحاكم والدوائر الحكومية لا يكون إلا ردة فعل لما يعانيه الموظفون من أزمة خانقة، ولا سبيل أمامهم لإيصال رسالتهم للمسئولين، إلا عبر إحداث إرباك مؤقت في منظومة العمل الحكومي داخل قطاع غزة.
"أصبحنا متسولين نتخفى عن الدانة أصحاب البقالات والصيدليات، لا نستطيع شراء الطعام لأولادنا"، هذا هو حال الموظف الحكومي بغزة، كما يقول رائد بشير، الذي يسير يوميا أربعة كيلو متر؛ للوصول إلى مكان عمله.
وتعرب الطبيبة نانيس الفرا، عن أسفها لسلوك الحكومة التي لم تقدم أي بادرة حسن نية أو غصن زيتون ولو صغير يدل على اهتمامها بمصلحة القطاع وأهله، معتبرة أن كل ما يصدر عنها لا يهدف إلا لإفشال المصالحة.
فيما يتساءل الموظف باسل الشاعر عن سبب خصم دفعات المرابحات البنكية والكهرباء (سداد آلي) وخصم عن الكفلاء، من الدفعة المالية التي صرفتها وزارة المالية بغزة البالغة كحد أدنى 1200 شيكل، مطالبا بحل هذه المشكلة إلى حين حل قضية الراتب.
ومحمد اللهواني كحال غيره، يرى أن الحكومة غائبة تماما عن تأدية واجباتها سواء على الصعيد الخدماتي للمواطن أم واجباتها تجاه موظفي غزة، مشيراً إلى أنهم يعانون من أزمة الرواتب منذ أواخر عام 2013، إذ تتراكم الديون على الموظفين شهريا، ولا يستطيعون التأقلم مع الدفعة المالية أمام التزامات الحياة ومصروفاتها الواجبة.
ويضيف بحسرة على واقع الحال: "دفعت الظروف بعض الموظفين إلى المحاكم، منهم من هم عليهم ذمم مالية و تعهدات".
فرص ضعيفة
في هذا الإطار، يقول نقيب موظفي القطاع العام بغزة يعقوب الغندور إن نقابته لا تزال تعطي الفرصة للجنة الإدارية القانونية لحل قضية الموظفين المدنيين، من خلال الدمج والتسكين لحد أقصى بداية فبراير/ شباط القادم، مبديا خشيته من أن مجريات عمل اللجنة حتى الآن غير مطمئنة. وذهب الغندور في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى القول: "لا يوجد مخرجات لعمل اللجنة حتى اللحظة".
وحول قيام البنوك بخصم قيمة المرابحات والمعاملات البنكية من قيمة الدفعة المالية، أوضح أن نقابته وجهت لوما شديدا لإدارة البنوك؛ بسبب خصم الدفعات، لافتا إلى أن النقابة تواصلت مع إدارة البنوك قبل الخصم لثنيهم عن الخصم، لكن الأخيرة رفضت وقدمت مبررات مرتبطة بالوضع الاقتصادي العام.
وأفاد الغندور بأن لقاءات قادمة ستعقدها النقابة مع إدارة البنوك؛ للتوافق على التعامل مع مرابحات الموظفين، محذرا من أن بقاء الوضع على ما هو عليه يهدد بفقدان السيطرة على الموظفين، إن لم تتدارك الحكومة الأمور، مما يشكل خطرا على مجريات المصالحة.
واعتبر أن خروج الموظفين في اعتصامات عفوية أمر طبيعي أمام تنكر الحكومة لحقوقهم، في ظل حالة الضغط النفسي والمعيشي التي يعيشها الموظف.
ولم تلتزم الحكومة بما جاء في اتفاق المصالحة، والذي نص على أن "تقوم الحكومة على استمرار استلام الموظفين (موظفي غزة) لرواتبهم التي تدفع لهم حاليا خلال عمل اللجنة (القانونية/الإدارية)، اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017، بما لا يقل عن 50% أو 1400 شيكل، بدءًا من شهر نوفمبر"، وهو ما لم يتم.