قائمة الموقع

حقن الهيبارين.. "إكسير حياة" يفتقده القطاع

2018-01-11T07:52:36+02:00

من أقسى ما يمكن أن تعانيه المرأة في حياتها فقدان جنينها قبيل موعد ولادتها، وأن ينزل عليها الخبر كالصاعقة: "الجنين ميت"، مع الحزن والصدمة، لا تنفك الأم عن السؤال: "لماذا وكيف؟".. هذا ما مرّت به "حنين اليازجي" في أول تجربة حمل، كان كل شيء على ما يرام، لكن في منتصف الشهر الثامن لم تعد تشعر بحركة جنينها، لجأت للطبيب، فقال لها: "الجنين هالك وعليك إجهاضه".

لم تتوقف المعاناة هنا، فهي ستمتد مع كل حمل لحنين (20 عاما)، لكونها تعاني من التجلطات التي تُصاب بها الحامل وتهدد حياة الجنين، ما يجبرها على التداوي بحقن "الكلكسان" أو "الهيبارين" طوال أشهر الحمل.

حتى هنا الأمر عادي، ولكن في قطاع غزة الأمر مختلف، فبعض أنواع الدواء أصبحت شحيحة، وإن توفرت تكون مرتفعة الثمن.

في الحمل الثاني لحنين، أخبرها الأطباء أنها بحاجة لحقنتي "هيبارين" يوميا، قالت: "لم يكن أمر توفير الحقنتين سهلًا، فالمستشفيات لم تعد قادرة على تأمينها للحوامل إلا إذا استدعى الأمر مبيتها في المستشفى، وهل ستبقى المرأة في المستشفى طوال تسعة شهور لتحصل على الحقن؟!".

وأضافت: "اضطر زوجي والذي يعمل سائق سيارة أجرة للبحث في الصيدليات التي يصادفها في طريقه أثناء العمل وشراء أي كمية متوفرة منها"، لافتةً إلى أن سعر الإبرة الواحدة كان يصل إلى 30 شيقل في وقت حملها، وهو ما كبدها وزوجها الكثير من الديون.

للحفاظ على الثاني

وإن كان حظ حنين جيداً حيث أنجبت ابنتها بسلام، إلا أن عبير سعيد (33 عاما) كان حالها سيئاً للغاية في حملها الأخير، رغم أنها أم لخمسة أطفال أنجبتهم دون الحاجة لحقن التجلطات.

كانت حاملا بتوأمين، في الشهر الرابع فقدت أحد طفليها، وعند البحث عن السبب تبيّن وجود نسبة تجلط في الدم، وهو ما اضطرها للبدء في البحث عن حقن الهيبارين لتحافظ على جنينها الثاني.

هي الآن في الشهر السابع من حملها، تعاني من التجلطات ولكن بدرجة خفيفة ولا تحتاج إلّا لحقنتين في الأسبوع، ورغم ذلك فإن توفيرهما صعب بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للعائلة، خاصة بعد أن حُرم زوجها من راتبه كأسير سابق ولم يبق لديه أي مصدر للزرق ينفق منه على عائلته أو يشتري به الدواء لزوجته.

تعيش عبير الآن ظروفًا صعبة نظراً لعدم قدرة زوجها على الاستدانة من أجل شراء مزيد من الحقن، وتخشى أن يكون مصيره كمصير توأمه السابق فتفقده في أي لحظة.

نقص الأدوية

مدير عام الصيدلة بوزارة الصحة الدكتور منير البرش قال إن "الوزارة تعاني حالة من الانهيار التدريجي في معظم الخدمات الصحية بسبب قرار السلطة الفلسطينية في رام الله عدم توريد الأدوية لقطاع غزة".

وأضاف لـ"فلسطين": "مستشفيات القطاع والمرافق الطبية تعاني نقصاً شديداً في أنواع مهمة من الأدوية عددها 229 صنفاً، ونسبتها 46% من القائمة الأساسية، وهذه رصيدها صفر، ومن أبرز الأدوية التي يعاني القطاع من نقصها أدوية مميعات الدم مثل: الهيبارين والكلكسان، حيث وصل العجز فيها لنحو 90%".

وتابع: الكميات المتبقية والمتوفرة من هذه الأصناف تكفي للمستشفيات فقط لمدة لا تتجاوز الشهر، ولا يمكن صرفها بسهولة، فالأولوية أن يُصرف الدواء لحالات الجلطات الخطيرة التي تصل للمستشفيات".

وأكّد: "من حق الحامل الحصول على هذا العلاج وغيره من الأدوية، إلا أن الوزارة لا تستطيع تقديمه لعدم توفره في مستودعاتها في القطاع".

وبين البرش أن الوزارة كانت في السابق توفر الدواء للمرضى، ولكنها الآن تفتقد الدواء مما يؤثر سلباً على المرضى، وهو ما ينعكس على الوضع الاجتماعي لبعض الأسر خاصة الحوامل اللواتي يعانين بعد فقدان الجنين من مشاكل اجتماعية ونفسية.

في المستشفيات فقط

وقال مدير مستودعات الأدوية الدكتور زكريا أبو قمر إن القطاع الحكومي كان يصرف نحو 8 آلاف حقنة هيبارين في الشهر الواحد، للمرضى في المستشفيات، وخارجها لحالات محددة منها النساء الحوامل اللواتي يعانين من تجلط في الدم.

وأضاف لـ"فلسطين": "نظراً للعجز في هذه الأدوية، اقتصر صرفها على المستشفيات فقط والحالات المنومة فيها، خاصة أن الكمية الموجودة لا تسمح بالصرف الخارجي، مما شكل عبئا على المرضى، خاصة الحوامل اللواتي يحتجنها لفترة طويلة قد تمتد طوال أشهر الحمل".

وتابع أبو قمر: "أمام المريض خياران، إما شراء الدواء من الخارج أو مراجعة المؤسسات الصحية لتوفيره"، مبينا: "أصبح من النادر أن نجد جهات تساعد في توفير هذا النوع من الأدوية".

اخبار ذات صلة