فلسطين أون لاين

​الرسولُ العادل

...
صورة تعبيرية
بقلم / م. عماد شحادة صيام

تطيب نفوسُ المظلومين به، ويشعرُ الناسُ بالطمأنينةِ على أموالهم ودمائهم وأعراضهم، هو خُلقٌ كريمٌ، وصفةٌ عظيمةٌ جليلةٌ، أمرنا الله (تعالى) به فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ...}، تحلّى به الأنبياء والرُسل والصالحون وفي مقدمتهم رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) الذي ضرب أروع الأمثلة في العدل والإنصاف:

فقد حضر حلفاً لنصرة المظلومين عندما كان شاباً سُمي بحلف الفضول وقد عقدت قبائل قريش هذا الحلف لنصرة مظلوم واحد من قبيلة زُبيد, دخل مكة ليبيع بضاعة له فأخذها منه العاص بن وائل السهمي دون أن يعطيه حقه، وتحالفوا وتعاهدوا فيما بينهم لإعادة الحق للزبيدي وتعاقدوا فيما بينهم على نصرة كل مظلوم سواء كان من مكة أو زائراً لها، وبعد بعثته ذكر رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ذلك الحلف فقال: "حضرت حلفاً في دار ابن جدعان ما أُحبُّ أن لي به حُمر النعم، ولو دُعيت به في الإسلام لأجبت".

جاءه أعرابي يطلب ديناً كان على النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) فقال له بكل غلظة: "أُحرّج عليك إلا قضيتني"، فانتهزه الصحابة، وقالوا: "ويحك! أتدري مع من تتكلم؟!"، فقال: "إني أطلب حقي"، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): "هلّا مع صاحب الحق كنتم" وبعد أن أعطاه حقه، قال: "لا قُدست أُمةٌ لا يأخذُ الضعيفُ فيها حقه غير مُتعتعٍ (أي دون أن يلحقه مشقة أو أذى)".

وعندما جاءه أسامة بن زيد يشفع لامرأة مخزومية سرقت، قال له: "أتشفع في حدٍ من حدود الله؟!" رغم محبته لأسامة ووالده، وفي المساء وقف خطيباً، وقال: "أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيمُ الله، لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

وعندما جاءه النعمان بن بشير ليشهده على هبة وعطاء لولد من أولاده، فقال له: "يا بشير: ألك ولدٌ سوى هذا؟ قال: نعم، فقال له: "كلهم وهبت لهم مثل هذا؟"قال: لا، فقال (صلّى الله عليه وسلّم): "فلا تُشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور".

والمواقف والأمثلة الدالة على عدل الرسول الكريم كثيرة جداً، فقد كان عادلاً ولو على نفسه أو أصحابة والحبيب قبل العدو والقريب قبل البعيد، تنفيذاً لأمر الله (تعالى): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}.

وقال عليه الصلاة والسلام: "لتؤدنَّ الحقوق لأصحابها يوم القيامة حتى ليُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء"، وقال: "من كانت له مظلمة لأخيه فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينارًا ولا درهمًا..."