يجتمع المجلس المركزي خلال الأيام القادمة لمناقشة القرار الأمريكي الأخير, بخصوص اعتبار القدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة للقدس، ويبدو أن البيان الختامي للاجتماع قد أعد مسبقًا, واتضحت معالمه, وسقفه لا يتجاوز الاجتماعات التقليدية السابقة, وأن التأخير المتعمد للاجتماع جاء لتفريغه من أهميته.
جدول الأعمال للاجتماع يركز على سرد تحركات عباس, فيما يتعلق بالقرار الأمريكي, ويضفي الشرعية على رئاسة السلطة, التي فشلت فشلًا ذريعا على مدار 24 عامًا, في إدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي, وإن القرار الأمريكي الأخير هو نتاج طبيعي للسياسة الأمريكية, التي تم تمريرها خلال السنوات الماضية, لتبدو أنها وسيط نزيه, وهو في الحقيقة شريك للاحتلال في كافة إجراءاته، بينما استمرت قيادة المركزي في التعامل معه وانتظاره لحين اتخاذ القرار الذي تم.
لن يرتقي الاجتماع القادم لمستوى ما تتعرض له القضية الوطنية من مخاطر وسبل مواجهتها, وطريقة إدارة السلطة لتبعات القرار توضح ذلك في العديد من الصعد، في مقدمتها ملف المصالحة الذي ما زالت تتلكأ في تطبيقها, وتواصل حصارها لغزة، وما زالت تمارس التنسيق الأمني مع الاحتلال وتتعاون معه في ملاحقة المقاومين, ومواصلة سياسة الاعتقال السياسي.
ما زالت قيادة اجتماع المركزي ترى في الاحتلال شريكا, وتمارس ذلك يوميًا بعيدًا عن بعض التصريحات "العنترية"، والتمسح بالتاريخ كما يفعل الرجوب وحسين الشيخ وماجد فرج جنرالات ومؤسسو التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتُغيِّب القيادات الفتحاوية التي تدعو للمقاومة ومواجهة الاحتلال.
سياسة الاحتلال تعمل على تغييب كافة القيادات الوطنية في الضفة الغربية, وتحييد القيادات الوطنية في قطاع غزة، حيث إن الاحتلال على مدار سنوات طويلة مارس الاغتيالات السياسية في الضفة الغربية، واعتقل واحتجز العشرات منهم, وصولاً إلى اعتقال نشطاء الكتل الطلابية ضمن حملات يسميها قص العشب.
لدى السلطة متسع من الوقت لتصحيح المسار في اجتماع المجلس المركزي بدعوة الإطار القيادي الفلسطيني للاجتماع على هامش المجلس المركزي, لتوحيد الجهد الوطني لمواجهة القرار الأمريكي، وكذلك الدعوة لتشكيل قيادة وطنية جامعة, ضمن إعادة الشرعية للمؤسسات الفلسطينية وفي مقدمتها اللجنة التنفيذية, وبالتالي المجلس المركزي الذي يجتمع دون شرعية فعلية تمثل الشعب الفلسطيني, واستمرار تغييب المجلس الوطني، وهكذا تغييب المجلس التشريعي، بالتالي نحن نتحدث عن شرعيات وهمية واجتماعات لا قيمة لها دون تمثيلها للجمهور الفلسطيني في مواجهة المخاطر الكبيرة, التي يتم تطبيقها بشكل ممنهج، حيث تنتقل الولايات المتحدة, والاحتلال في شرعنة احتلال القدس إلى خطوات إنهاء أهم رمز لحق العودة, المتمثل بوكالة غوث اللاجئين, وسبق ذلك تهويد القدس, وشرعنة الاستيطان في الضفة الغربية، وإنهاء مشروع الدولة ولو كان على أجزاء من فلسطين التاريخية.